كرامة الدولة من كرامة أهلها، ومن أجلها يمكن أن يقدم الإنسان حياته ثمنا، والمصرى تحديدا لا يقبل أن تهان بلده أو تمس كرامتها أيا كان من تجرأ عليها، ذرة تراب من أرضها تستحق أن يفديها مليون شهيد، أعرف مصريين غامروا بأرزاقهم فى دول أخرى لمجرد أنهم سمعوا من يحاولون إهانة مصر فلم يقبلوا وانتفضوا للدفاع عنها، إنها الحمية التى تميز المصريين وتجعلهم نارا تحرق كل من يقترب من بلدهم، وفى الأيام الأخيرة ثار البعض معترضا أو متسائلين عن مبررات منع شخصية من دخول مصر وإعادتها من حيث جاءت، وبغباء أو بجهل شديد راح البعض يدافع عنه وينتقد قرار منعه من دخول البلاد.
كان من الممكن أن يكون هذا الانتقاد فى محله لو كان مبرر رفض دخول هذا الشخص وراءه أسباب شخصية أو دوافع سياسية أو تلبيىة لتعليمات خارجية كما يحدث فى دول أخرى، لكن عندما يكون القرار مرتبطا بمصر وحفاظا على كرامتها فلا يحق لأحد أن يعقب أو يجادل، ولا مجال للخلاف، فمصر لا تقبل الجدل واسمها وكرامتها فوق الجميع ومن تصور أنه بمقدوره أن يتعدى عليها بأى وسيلة ويفلت من الحساب فهو واهم، فأهل مصر لا يغفرون لمن يخطئ فى بلدهم مهما طال الزمن، من يسعى لإهانتها لابد أن يهان، من أخطأ فى حقها لابد أن ينال عقابه، وأكبر عقاب لأى مخطئ أن يحرم من دخول أرض مصر الطاهرة التى لا تشرف أن يسير عليها أمثال هؤلاء، ولا تقبل أن يستمتع بخيراتها أو يعيش بين أهلها ولو ساعة واحدة،
بالتأكيد مصر كبيرة ولا ينال منها تطاول الأسافل، أو تجاوز الصغار والمتردية والمرتزقة، لكن هذا لا يعنى أبدا أن نتسامح نحن فى حقها، أو نتجاوز عن جريمة من تجاوز فى حقها، خاصة لو كانوا ممن تحملنا منهم الكثير وصبرنا على أخطائهم وواجهنا بسببهم المتاعب ودفعنا من أجلهم الثمن غاليا، مصر تفعل الكثير للجميع ولا تطلب الثمن، تضحى بمصالحها من أجل المبادئ وحماية الأشقاء، أبناؤها لم يترددوا أن يهبوا أرواحهم فداء الدفاع عن قضايا الأمة، ولم يكن هذا لشىء سوى أن مصر تعرف دورها وتقدر مسئوليتها، لكن لا يمكن أبدا أن يكون المقابل كل هذا التجاوز والتطاول فى حقها، قطع لسان من يذكر مصر بسوء، وعلى الجميع أن يعلم أن مصر مهما كانت تعانى أزمات فهى كبيرة ولن تتنازل عن مكانتها، ومهما كانت تعانى من متاعب فلن تتخلى عن حقها أو تصمت عمن يتخيلون أنه بمقدورهم القفز على اسمها، بل سينالون الصاع صاعين.
قد لا تملك مصر الريالات والدولارات لتدفعها وتشترى بها المواقف، لكنها تملك الأهم والأبقى، تملك المبادئ التى لا تقدر بثمن، تملك الشهامة والانتماء العروبى الذى ندر فى الأمة، تملك الرؤية الواضحة والحرص الشديد على مصالح الشعوب العربية، لكن للأسف بعض الطفيليات العربية وناكرى الجميل يتجاهلون هذا ويصرون على تهميش دور مصر لحساب آخرين، وهؤلاء لن ينالوا إلا فشلا ولن يروا إلا ويلا لأنهم يخالفون الطبيعة ويتجاهلون الواقع والتاريخ الذى يعرف لمصر مواقفها ويحفظ لها مكانتها وقدرها بنيما لن يذكر لهؤلاء إلا كل عار ولا يسجل لهم إلا فضائح.