"العسكريون" بوابة الأحزاب التونسية لحسم معارك السياسة.. البرلمان يمنح ضباط الجيش والشرطة حق التصويت فى الانتخابات.. الأحزاب العلمانية ترحب وتعتبره "طوق نجاة".. وإخوان تونس يفشلون فى عرقلة القانون

السبت، 04 فبراير 2017 05:16 م
"العسكريون" بوابة الأحزاب التونسية لحسم معارك السياسة.. البرلمان يمنح ضباط الجيش والشرطة حق التصويت فى الانتخابات.. الأحزاب العلمانية ترحب وتعتبره "طوق نجاة".. وإخوان تونس يفشلون فى عرقلة القانون الجيش التونسى - البرلمان التونسى
كتبت - آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتقاد الأمنيين والعسكريين فى دول منطقتنا دوما الورقة التى تلعب بها قوى المعارضة والسياسيين لجذب مؤيدين جدد، إلا أن الوضع فى تونس أصبح مختلفا بعد أن أجاز القانون للعسكريين فيها حق الانتخاب، وهو التعديل الذى صادق عليه البرلمان مؤخرا، ومن الأن فصاعدا سيتحول الصراع بين القوى السياسية لمحاولة استمالة تلك الكتلة التصويتية الجديدة التى قد ترجح كفة حزب على آخر فى الخريطة السياسية المقبلة.
 
وجاء إقرار القانون الانتخابى الجديد من قبل البرلمان بعد أكثر من عشرة أشهر من الجدل فى الأوساط السياسية انعكست إلى حالة من الشد والجذب تحت القبة الذى تم طرحه فى مارس 2016 وتعطل بسبب رفض حركة النهضة الإسلامية صاحبة الأغلبية البرلمانية، فى مقابل تأييد حزب الرئيس باجى قائد السبسى «نداء تونس» وأحزاب أخرى معارضة منح قوات الأمن والجيش حق التصويت.
 
وأدى تعطل إصدار القانون الانتخابى فى تونس إلى حالة سخط شعبى بسبب عدم إجراء الانتخابات البلدية والمحلية طيلة السنوات السبع الماضية ومنذ ثورة الياسمين، حيث تم حل المجالس البلدية فى تونس واستبدالها بـ«نيابات خصوصية» تعينها السلطات لإدارة الشأن اليومى، وتتعرض هذه النيابات لانتقادات شبه يومية لضعف فاعليتها، وهو الأمر الذى دفع الحكومة إلى الضغط على القوى السياسية بما فيها حركة النهضة المعارضة للقانون للتصويت لصالحة.
 
وعقب إقرار القانون انتهى الجدل تحت القبة البرلمانية وانتقل إلى مقرات الأحزاب السياسية، فالعسكريون الذين حُرموا من الحق الانتخابى طيلة العهد الماضى وعادوا اليوم لممارسة هذا الحق يعتبرون قوة تصويتية غير محسوبة على أى من الأطراف السياسية، وستسعى كل التحالفات خلال الفترة المقبلة سواء كانت فى الحكم أو فى صفوف المعارضة لاستمالة تلك الأصوات لترجيح كفتها، حيث يبلغ عدد قوات الأمن فى تونس نحو 75 ألفا، وعدد قوات الجيش 60 ألفا فى البلد ذو التعداد السكانى المنخض.
 
وترى بعض الأحزاب السياسية خاصة العلمانية منها فى هذا القانون طوق نجاة لهم، للنفاذ فى أى انتخابات مقبلة من خلال كسب تأييد العسكريين، حيث إن الأحزاب التونسية تعانى من انقسامات حادة وخلافات قلصت من وجودها الشعبى، وفى مقدمة تلك الأحزاب نداء تونس حزب الرئيس السبسى والشريك فى الحكم الذى شهد خلال الشهر الماضى أزمة طاحنة أدت إلى انقسامه لجبهتين متصارعتين، وما يمنح الأحزاب السياسية الليبرالية أملا فى إمكانية استمالة أفراد المؤسسات الأمنية والعسكرية هو تاريخها الموالى للعلمانيين.
 
حركة النهضة الإسلامية، ذراع الاخوان المسلمين فى تونس، تعلم جيدا أن الرئيس السابق زين العابدين بن على حافظ على علمانية المؤسسات الأمنية خلال حكمه، كما تعى أنها فشلت فى اختراق تلك المؤسسات فى مرات سابقة للانقلاب عليه عامى 1987، و1991، وهى المحاولات التى تم فى أعقابها الكشف عن شبكة كبيرة من المنتمين لها فى المؤسستين، وهو الأمر الذى يثير مخاوف النهضة، وحاولت قدر المستطاع أن تكون حجر عثرة فى طريق إقرار هذا القانون.
 
وموقف الحركة الإسلامية ليس وليد اليوم، بل إن رئيسها راشد الغنوشى سبق أن قال ذلك فى لقائه مع مجموعة من الشباب السلفى عام 2012 بأن «الجيش مش مضمون والشرطة مش مضمونة.. ومازالتا بيد العلمانيين»، ورفعت الحركة حتى بعد التصويت فى البرلمان لصالح القانون شعار التمسّك بخطورة إقحام المؤسستين الامنية والعسكرية فى الصراعات السياسية، فى حين أنها تخشى استغلال المنافسين لها فى الانتخابات المقبلة لهذه القاعدة الانتخابية الهامة ضدها.
 
ودستوريا يرى المختصين فى تونس أن هذا القانون يعد خرقا لدستور الثورة الذى تم وضعه فى 2014، حيث ينص الفصل الثامن عشر على أنّ «الجيش الوطنى جيش جمهورى وهو قوة عسكرية مسلحة قائمة على الانضباط، مؤلفة ومنظمة هيكليا طبق القانون، ويضطلع بواجب الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه، وهو ملزم بالحياد التام. ويدعم الجيش الوطنى السلطة المبنية وفق ما يضبطه القانون»، كما أن الفصل التاسع عشر ينص بوضوح على أنّ «الأمن الوطنى أمن جمهورى، قواته مكلفة بحفظ الأمن والنظام العام وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات وإنفاذ القانون، فى كنف احترام الحريات وفى إطار الحياد التام».
 
وبالتالى فأعلى قمة هرم النصوص القانونية، كما تؤكد صحيفة الشروق التونسية، استعمل صيغة الحياد التام، فهو تأكيد على الحياد بجميع اشكاله، يقضى بعدم الانحياز وعدم الانخراط فى أى شكل من أشكال الاختيار السياسى، وبالتالى فإن مشاركته فى التصويت فى الانتخابات البلدية هو بالضرورة دفع لتلك القوات المسلحة للخروج من حيادها وهو إذن خرق للدستور.
 
ورغم حالة الجدل السياسى فى الداخل التونسى فإن رجال الأمن والجيش أصبحوا داخل المشهد ولا يمكن تجاهلهم، وستبدأ الأحزاب فى محاولات كسب قاعدة انتخابية جديدة لم تكن مطروحة فى الماضى، وستتصاعد فى ظل سعى حركة نداء تونس إلى سحب البساط من تحت حركة النهضة التى يبدو أنها الأكثر استعدادا للانتخابات، إلا أن المراقبين يتخوفون من اختراق الإسلاميين لإحدى المؤسسات والعلمانيين للأخرى، فتتشتت وتفقد رمز وحدتها وتدخل تونس فى صدام سياسى بين المؤسسات الأمنية.
 
 
عدد اليوم السابع

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة