نصبت وزارة الرى الأفراح حول ما اعتبرته نجاحا لها فى تجربة زراعة القمح مرتين سنويا، لكن مركز البحوث الزراعية وخبراء محاصيل حقلية من جامعتى القاهرة وعين شمس صوبوا طلقات على زينات الفرح بتأكيدهم، أن تجربة زراعة القمح مرتين سنويا ليس منها أى فائدة، ووفقا لما نشره الزميل «عز النوبى» فى «اليوم السابع» والزميل متولى سالم فى «المصرى اليوم» الأربعاء الماضى، فإننا أمام حالة غريبة من التخبط واللعب بالعقول والاستهتار بنتائج البحث العلمى فى هذا المجال.
تقرير مركز البحوث الزراعية ومعه باقى الخبراء احتوى على حقائق فى زراعة القمح من ناحية التوقيت المرتبط بالمناخ والتربة والمياه، وخلصت جميعها إلى أن الفكرة غير قابلة للتحقق فى مصر، وكشف التقرير عن أن المزارع المصرى سبق وأن قام فى بعض المناطق بمحافظة كفر الشيخ بتجربة زراعة القمح فى شهر سبتمبر، والظروف البيئية السائدة لم تجعل نموه طبيعيا، وحقق الفدان حوالى 7 أردب عند الحصاد، وقال أن زراعة القمح المقترحة فى شهر فبراير «عروة ثانية» غير مناسبة لعدم توافر الاحتياجات الضوئية والحرارية اللازمة لنموه، مما يؤدى إلى انخفاض شديد للمحصول، كما أن تكرار الزراعة فى نفس الأرض يؤدى إلى زيادة الأعداء الطبيعية «أمراض وحشائش وحشرات»، وارتباك التراكيب المحصولية وتدهور فى التربة، وانخفاض خصوبتها، مما يؤدى إلى انخفاض إنتاجية المساحة.
النتائج التى توصل إليها هذا التقرير لم تعجب وزارة الرى، فردت بتقرير يحمل آراء لعلماء وصفتهم بالدوليين، يذهب إلى صحة ما ذهبت إليه الوزارة بزراعة القمح مرتين، وأن التشكيك فى نتائج هذه التجربة يهدر جهود البحث العلمى وقيمته.
وفقا لذلك نحن أمام خناقة تفضح أكثر مما تستر، والغريب أن كل من يتحدث فيها هم علماء معنيون بالقضية، مما يؤدى إلى حالة من التشتت والتوهان لدى المواطن العادى والمزارع الذى يجد نفسه أمام علماء على هذا الوضع.
ومع كل الاحترام والتقدير لأى جهد علمى وبحثى يقودنا إلى التقدم إلا أن هناك سوابق تجعلنا نتعامل مع مثل هذه القضايا بحذر بالغ، لأنها ترفع الآمال والطموح، وحين نكتشف أنها غير حقيقية تؤدى إلى فقدان الثقة، ورحمة بنا وبالفلاح المصرى المسكين، نريد أن نعرف الحقيقة فى هذه القضية.