من المبهج مهما تعكرت الأجواء، وعمت الأنواء أن نرى تقاربًا بين القيادات السياسية لشعوب المنطقة العربية، أما التقارب بين الشعوب العربية وبعضها البعض فهو متحقق ومتكامل، لا تعكره شائبة، ولا تغيره الحوادث.
مكمن البهجة هنا كان فى المملكة العربية السعودية التى تحتضن مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث، حيث حلت مصر على هذا المهرجان فى دورته الحالية ضيف شرف، وشهد افتتاح المهرجان حضورًا قويًا من جانب السعودية ومصر على حد سواء، حيث مثّل مصر فى هذا المحفل الكبير الكاتب الصحفى حلمى النمنم فى ضيافة العاهل السعودى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز.. كان اللقاء دافئًا بعكس برودة اللقاءات الأخيرة بين البلدين، وكان الجناح المصرى فى المهرجان «مصريًا» بحق، حمل سمات هذا الشعب وبصمات حضارته، وهو ما دفع الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى المجاهرة بالإعجاب أكثر من مرة، مرددًا: «مصر قامت.. مصر عادت»، كما ورد فى جميع التغطيات الصحفية والنشرات الإعلامية، كما أن سخونة الأجواء وأصالة الجناح حركت داخل العاهل السعودى مشاعر الحنين إلى مصر، فسرد لـ«النمنم» بعضًا من ذكرياته فى «أم الدنيا» التى زارها صبيًا وشابًا وشيخًا.
بعد اللقاء «الملكى» كان لوزير الثقافة المصرى، حلمى النمنم، لقاء آخر مع وزير الثقافة السعودى، عادل الطريفى، فازدادت لهجة المحبة سخونة، ومضى الوزيران يبثان رسائلهما السياسية والثقافية، داعمين فكرة التقارب بين الشعبين، مؤسسين لبداية تعاون ثقافى شامل، حيث أعرب الوزير السعودى عن رغبة المملكة فى الاستفادة من التجربة الثقافية المصرية، وهذا ما تجب الإشارة إليه والاحتفاء به، فيقول مضمون الرسالة الأولى من رسائل «الجنادرية» إن الثقافة تفعل ما لا تفعله السياسة، وإن الثقافة قادرة على جمع الشعوب تحت مظلة واحدة، وإن الثقافة تمنح الشرايين البادرة دفئًا وحيوية لا يستطيع أحد إيقافها.
فى «الجنادرية» ظهرت المملكة العربية السعودية كما نحب أن نراها، قوية راسخة غير جانية ولا متجنية، وظهرت مصر أيضًا كما نحب أن نراها، كبيرة شامخة فاتنة، الشعبان أيضًا ظهرا كما نحب أن نراهما، متحابين متآلفين مترابطين، يحركنا وعى راسخ بأن مصيرنا واحد، والخطر الذى يداهمنا واحد، وأن التعاون القائم بين البلدين لابد أن يؤسس على البر والتقوى، وليس على الطمع أو العدوان، وأن عظمة العالم العربى تأتى من تنوعه واختلاف ثقافاته، ومن المهم هنا أن نؤكد أن «مصر قامت.. مصر عادت»، وأنها ستظل كبيرة إلى أبد الآبدين، لأن هذا هو قدرها الذى لا مهرب منه ولا مناص.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة