مطلوب فقط الترخيص للأماكن التى أقيمت فيها الصلاة قبل صدور قانون بناء الكنائس
يبدو أن قضية بناء الكنائس مازالت مبعث قلق قطاعات من الرأى العام القبطى، حيث أثار القرار باللجنة المشكّلة لتقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة برقم 199 لسنة 2017 الدهشة، لأنها تضم ممثلين عن وزارات مثل الدفاع والإنتاج الحربى، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والتنمية المحلية، والشؤون ومجلس النواب، والعدل، والآثار، بالإضافة إلى ممثلين عن بعض الأجهزة والهيئات، وعن قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية، وعن الطائفة المعنية، الأمر الذى دعا البعض بتشبيهه بـ«لجنة حرب»!، بحسب القرار يتم تقديم طلبات توفيق أوضاع مبانى الكنائس وملحقاتها، من الممثل القانونى للطائفة الدينية المالكة للكنيسة، مرفقة بكشوف حصر لهذه المبانى تنتهى فى 28 سبتمبر من العام الجارى، على أن تقيد هذه الطلبات فى سجل خاص تدون فيه أرقام وتواريخ ورودها، ولا يجوز للجنة النظر فى أى طلبات ترد إليها بعد الميعاد المحدد.
هكذا نحن أمام لجنة أشبه بمجلس حرب لتقنين أوضاع «بيوت الله»، كما وصفها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى زيارته الأخيرة للكاتدرائية، ورغم ذلك نفاجأ بمجلس الوزراء يعلن لجنة تضم ممثلين عن كل هذه الوزارات والجهات للنظر فى وضع كنائس قائمة بالفعل، وماذا لو رفضت اللجنة تقنين بعض الكنائس، هل تهدم؟!، كان يجب أن يكون القرار واضحًا ومفسرًا أن كل الكنائس القائمة مقننة، لأنه يشعر أن بعض الجهات ستضع عراقيل، فربما الزارعة ترفض، أو ربما الآثار ترفض أن هذه اللجنة تعبر عن التمييز الحقيقى ضد الأقباط.
وإذا عدنا للقانون 80 لسنة 2016 الخاص ببناء وترميم الكنائس، فهو يحدد للجنة المشكلة عدة شروط للتقنين للكنائس والمبانى الكنسية غير المرخصة، وذلك طبقًا لنص المواد من الثامنة إلى العاشرة، حيث يشترط فى تقنين الكنائس أن تكون مبانيها مقامة قبل تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وتقام بها الشعائر الدينية المسيحية، ويشترط أن تثبت سلامة مبانى الكنيسة الإنشائية وفق تقرير من مهندس استشارى معتمد من نقابة المهندسين، وإقامته وفقًا للاشتراطات البنائية المعتمدة، وأن تكون مبانى الكنيسة ملتزمة بالضوابط والقواعد التى تتطلبها شؤون الدفاع عن الدولة، وهى عدم إقامتها فى مناطق عسكرية، والقوانين المنظمة لأملاك الدولة العامة والخاصة، وفى تأكد توافر هذه الشروط فى الطلبات المعروضة على اللجنة من الممثلين القانونيين للطوائف المسيحية المعترف بها فى مصر، ترفع توصية بالتقنين، ويصدر القرار من مجلس الوزراء بتوفيق الأوضاع، وبهذه الطريقة وتلك الشروط يصبح تقنين الكنيسة أصعب من «دخول جمل من ثقب الإبرة»، لأن القانون 119 يحظر البناء على الأراضى، زراعية أو أملاك دولة، وبالطبع أغلبية أراضى ريف الصعيد أملاك دولة، وبعضها مبنى على أرض زراعية، وتمتد التساؤلات: هل يوجد قانون يطبق بأثر رجعى، أم أن المواطنين المصريين الأقباط سيظلون دائمًا أسرى سياسات التوازنات بينهم وبين السلفيين؟
كل تلك التساؤلات تتردد فى أذهان العامة من الأقباط، ويعتقدون أن اللجنة سوف تصعب الموقف بشكل كبير.. ولست أدرى لمصلحة من إثارة تلك المخاوف وفى هذا التوقيت بالذات!
لا يحتاج الأمر إلا إلى إصدار قانون يبيح ترخيص كل الأماكن التى أقيمت فيها الصلاة قبل صدور القانون الخاص ببناء الكنائس، وأعتقد أن كل الكنائس التى بنيت من قبل لا يوجد بينها ما يهدد الأمن القومى حتى تضم ممثلين لكل تلك الجهات.
إن صناع القرار فى مصر المتصدين للملف القبطى غير قادرين على الخروج من الرؤية الأمنية القديمة فى النظر إلى هموم الأقباط، الأمر الذى يجعلهم فى المستقبل يفقدون حماس وفاعلية الأقباط فى المشاركة، ويدفعهم دفعًا للعودة خلف أسوار الكنائس، والانكفاء على الذات، واستعادة سلبيتهم التى خرجوا عنها منذ ثورة 30 يونيو.