لا فرق بين ترامب ومن سبقوه.. كلهم يتحركون تبعا لخريطة واحدة وإن كانت المهام مختلفة
ما الدنيا إلا مسرح كبير، المصيبة أن النص تكتبه الآن القوى العظمى لتدهس الدول الصغرى، ونحن بلا شك ضحايا كل المشاهد المأساوية، العرب أو الإسلام، النفط أو الحضارة، الإنسان أو العقيدة.. كلها رموز لواقع مرير بدأ يظهر فى وضوح منذ أحداث 11 سبتمبر ومازال العرض مستمرا، فنحن القتلة الإرهابيون أمام العالم، ونحن الشعوب المغلوبة على أمرها أمام حشود الجيوش الغربية أو المعونات والمنح الأجنبية، نحن الشعوب التى تباد وتكسح لسنوات ويموت فيها الملايين وتصبح خرابة جرداء «العراق- سوريا- ليبيا» ويكفيها اعتذار رئيس أمريكى وقح أو دموع آخر شعر قبل أن يرحل بتأنيب الضمير، نحن العرب المسلمين الهنود الحمر لهذا العصر وضحايا إجرام السياسة المتعجرفة والرأسمالية المتوحشة، ونحن أيضا رمز الإرهاب والتفخيخ والتفجير والشر بين جميع البلاد، ومازلنا تائهين بين الدفاع عن أنفسنا من تهمة الإرهاب الدولى وبين الاعتراف بما يحدث لنا من إبادة دموية، حتى إن بعض الإعلاميين والسياسيين العرب مازالوا يدافعون عن قرارات ترامب العنصرية فى الوقت الذى يرفضها القضاء الأمريكى والأمريكيون أنفسهم وكأننا نصوب الرصاص إلى أنفسنا ونعتمد على الهروب بالمراوغة أو بتمنى النجاة.
الموضوع معقد بلا شك والنزعة السلطوية للغرب تدفعه للبحث عن عدو، وبعد تدمير الاتحاد السوفيتى لم يجد الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، عدوا أكبر وأضعف من الدول العربية الإسلامية، فهى الأكبر من حيث المساحة والموارد والحضارة المناهضة للغرب، وهى الأضعف بعد سنوات طويلة من الاحتلال والاستنزاف الاقتصادى، سواء على يد المستعمرين أو الأنظمة الفاسدة التى صادرت أحلام شعوبها فى التطور والارتقاء، ورغم أن الإسلاميين كانوا هم الأصل فى انتصار اليمين على اليسار إبان احتلال الاتحاد السوفيتى لأفغانستان، فإنهم أيضا كانوا اللبنة الأولى فى صناعة ما أطلق عليه لاحقا الإرهاب الإسلامى بداية بالمجاهدين والقاعدة وانتهاء بداعش، فالغرب هو الذى صنع هذا الكيان الأسود ورعاه وضخمه ونشر حوله آلاف القصص المتوحشة حتى أصبح عدوا للإنسانية ومصدرا لترويع البشر، الأمر أشبه بمن زرع وباء فى مدينة ثم قرر إهلاك أهلها، لذلك كان من الطبيعى أن يقول ترامب يوم احتفال تنصيبه بأنه «لا يوجد خيار أمام أمريكا سوى القضاء على الإرهاب ولم نشهد مثيلا لمستوى الشر الذى يقوم به تنظيم داعش الإرهابى من قبل»، ونسى معاليه أنهم هم الذين صنعوا داعش حينما قضوا على جيوش صدام حسين وجعلوا من الشيعة حكاما للعراق ومولوا السنيين لمحاربة الشيعة وحفزوا الشيعة للهجوم على السنيين حتى أصبحت مدينة دجلة والفرات بحرا للدماء.
لا فرق بين ترامب ومن سبقوه كلهم يتحركون تبعا لخريطة واحدة، وإن كانت المهام مختلفة فالهدف واحد وهو القضاء على وحدة وحضارة الدول العربية، المصيبة الآن أن العالم كله أخذ انطباعا ذهنيا دمويا عن الإسلام والمسلمين، فعشرات الأفلام التمثيلية التى خرجت عن داعش وتصور تنفيذ أحكام الإعدام العشوائى بالذبح والحرق والدهس والتى غمرت المواقع الإخبارية عن قصد لتروع الحضارة الإنسانية كلها بأكاذيب وأساطير مخيفة وملفقة عن المسلمين والجهاديين والعرب، فما هذه الجماعات الإرهابية التى تصور جرائمها بأحدث التقنيات السينمائية وكأنها أفلام هوليوود، وما هدفها من تشويه نفسها أمام العالم كله بهذه الدموية المجنونة، ومن أين لها كل هذا الكم من المال والسلاح، بل السيارات والملابس العسكرية التى يمنحها جائزة أوسكار فى أفلام الرعب، نحن ضحايا يا سادة لا شك فى ذلك ولا مناص، وأى نوع من الدفاع عن ترامب وأفكاره العنصرية فى محاربة الإرهاب، هو للأسف قتل للذات.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سامي
عايز أقولك حاجة
الصراع بين السنة والشيعة قديم جدا وقبل ظهور امريكا وروسيا وبريطانيا وكل القوى الشريرة التى تتكلم عنها .. والحل لجميع مشاكلنا هو العلمانية التى تحمى حق كل فرد في ممارسة شعائر دينه بدون تنصيب نفسه قاضيا على الأخرين !!