تحولت عربة المترو إلى استوديو تحليلى عميق لإعادة تقييم خطط فيكتور كوبر، المدير الفنى للمنتخب، بدأها ثلاثة شباب، اندمجوا فى نقاش، وترددت على ألسنتهم أسماء اللاعبين وكيف كان يفترض أن يفعل كوبر مع صلاح وحجازى، ورمضان، وأخطأ فى وضع فلان فى الدفاع، بينما كان يجب أن يدفع بفلان فى الشمال، ليغطى اليمين، وأخطاء اللعب الدفاعى، وكيفية ترك الوسط، كان الثلاثة يبتسمون حتى وهم منفعلين.
ارتفع صوت الثلاثة، وانضم آخرون إلى الاستديو التحليلى بالمترو، وارتفعت الأصوات وكل واحد يتمسك برأيه، ويتقمص دور المدير الفنى، ومنهم من أبدى غضبا، ومن اكتفى بالاعتراف أن الوصول لقبل النهائى كان شيئا جيدا، ورد آخر بأن كوبر كان عليه تغيير الخطط ليسند هدفا الننى بالهجوم.
واستعدت عقود بعيدة عندما كانت نفس المناقشات تدور بين الأهلاوية والزمالكاوية، عقب كل مباراة، خاصة لهؤلاء الذين يأخذونها بجدية، وكنا نغرق فى مجادلات يتقمص فيها كل منا دور الخبير، ويدخل برؤية غير قابلة للتغيير، وبعد سنوات ابتعدت فيها عن متابعة جادة للكرة، ظللت أندهش من حجم المعلومات التى يحملها كل واحد، والقدرة على رسم خطط بديلة، تجعلنا أمام «كوبرات».
فى الرياضة التحليل مباح، وأن يرى كل معلق نفسه كوبر، ولا يختلف كلامهم عما يقال فى الأستديوهات التحليلية التى تبدو نوعا من الكلام، لشغل وقت البرنامج، فالرياضة والكرة تحديدا، هى أكثر البرامج جذبا، ولهذا لم أجد اختلافا كثيرا بين ما يقوله المشاركون فى استديو عربة المترو، عما أسمعه فى الاستديوهات التحليلية التى تستضيف نجوم الكرة السابقين، ولا أنكر أننى شعرت بأن المشاركين فى المترو، متابعون، ولدى كل منهم معلومات وأسماء، يتحدثون بجدية وثقة، وكل منهم يرى نفسه أهم من «كوبر»، ومنهم بالطبع من يعيد استخدام ما يطرح فى الفضائيات، أو يختلف معه.
اللافت للنظر، أن تحليلات المترو للمباريات تبدو أكثر جدية، من مناقشات السياسة فى المترو، حيث أغلب من يتحدثون، يستخدمون أخبارا وأرقاما غير موثقة، وبعضها مجرد شائعات أو عناوين فقط، لا يكلف الواحد نفسه للتعمق فيها.
ويتفق استديو الكرة مع ستديو السياسة، فى أن المتحدثين يتناقشون وكل منهم لديه رؤية مسبقة، ويرى نفسه خبيرا، الفرق أن معلقى الكرة، أكثر دراية بما يتكلمون، من نظرائهم فى السياسة، ولسان حال كل منهم يقول: «أنا كوبر.. أنا عارف أكتر من كوبر.. أنت مين»؟.