فى بحثه الشيق عن عدالة حكام المسلمين مع أهل الذمم شرح لنا العلامة الشيخ محمد على عتر مواقف خليفة رسول الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين مع اليهود فقال، إن ابن الخطاب يضرب المثل الأعلى فى العدل أيضاً، فقد رأى يوماً شيخاً نصرانياً يسأل على باب المسجد، فرق له عمر وقال: «ما أنصفناك ياهذا أخذنا منك الجزية فتى وأضعناك شيخاً»، ثم فرض له مالاً من بيت مال المسلمين وبقى يتقاضاه طيلة حياته.
وقد ادعى يوماً يهودى على على بن أبى طالب بحضرة عمر بن الخطاب رضى الله عنهما فقال عمر: قم يا أبا الحسن ساو خصمك، فظهر على وجهه أثر الغيظ ثم قام وجلس بجانب اليهودى، وبعد انتهاء المحاكمة قال الخليفة عمر لعلى كرم الله وجهه: لعلك اغتظت من قولى لك: «قم يا أبا الحسن ساو خصمك» قال: لا، وإنما اغتظت لأنك كنيتنى أمام خصمى، فكان ينبغى أن تقول: قم يا على ساو خصمك، يعنى لم يرد على رضى الله عنه التعظيم بجانب خصمه.
أين دعاة الحرية والمساواة، أين الغربيون دعاة العدل والمدنية، هل عندهم شىء من ذاك الإنصاف؟ هل عرفوا العدل والمساواة كما عرفها المسلمون، فجلس للحكم عندهم أكبر شخصية عهدها التاريخ كعلى بجانب مثل ذاك اليهودى؟ هل عطفوا على مسلم ضعيف عاجز كما عطف خليفة المسلمين على ذاك الشيخ المسيحى، فخصص له ما يقوم بحوائجه من بيت المال؟ اللهم لا! إنا نراهم عكس ذلك نرى الحرية عندهم ذلاً، والمدنية استعباداً، نرى الرحمة عندهم قسوة، والعهد خداعاً وغدراً، نرى الحق عندهم بجانب القوة، والشرف وليد الثروة والجاه، وإذا ثارت فيهم ثورة الجشع والطمع تقلص فى صدورهم العدل، وزعزع العهد، ونزعت من عواطفهم الرحمة وخفر الذمام، حتى يلتهموا حق الضعيف، ويدوسوا ابن الإنسان العاجز.
انظروا إلى عطف المسلمين على مسيحيى الشرق كيف منع خليفتهم اليهود من مخالطتهم ومجاورتهم لتكون للمسيحيين حرية تامة، وعيشة راضية، قارنوا بين ذاك العطف والحنان ، وبين معاملة بريطانيا للإسلام كيف تخول شذاذ الناس وتأتى بأحط الشعوب سامحة لهم بالهجرة إلى فلسطين العربية المسلمة؛ لتضيق على العرب المعاش وتعكر على الإسلام صفو الحياة، أين هذا كله من عدل ابن الخطاب أحد حكام المسلمين الذى أنصفوا يهوديا على ابن عم الرسول؟