كل كلمات الثناء والإطراء والمديح، التى أمكن حصرها فى قواميس اللغة، لا تفى حق رجال هيئة الرقابة الإدارية، الذين يخوضون حربًا ضروسًا ضد المجرمين والمفسدين المتوطنين على كل شبر فى هذا الوطن.
هيئة الرقابة الإدارية، ارتضت أن تحمل على عاتقها، خوض حرب شاملة ضد الفساد، وتطهير المؤسسات من الفاسدين والمتلاعبين بأقوات الشعب، وانحراف المسؤولين فى جميع الجهات عن المسار، دون النظر لمكانة المؤسسة، ومنصب الفاسد، تأسيسًا على قاعدة «العيون لا ترى سوى الجريمة فقط»، وتقديم مرتكبيها للمحاكمة.
الهيئة، ومنذ إعلانها الرسمى لخوض معركة تطهير «الوطن» من الفساد والمفسدين»، اكتسبت شعبية جارفة، ونالت ثقة كبيرة من المصريين، رغم المحاولات المستميتة لجماعات وتنظيمات الشر لتشويه صورة الجهاز الرقابى الكبير، ولكن دائمًا تبقى الحقيقة شعلة مضيئة تبدد كل ظلام مهما كان «دامسًا».
وفى ظل انتشار وتوغل الفساد طوال عقود طويلة ماضية، ارتدى فيها عباءة التقنين والشرعية تحت سمع وبصر الدولة، وأصبحت مصر تحتل مكانة متقدمة فى ترتيب الدول الأكثر فسادًا، كانت إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسى، للبدء فورًا فى حشد جهود الهيئة ومنحها كل الأسلحة لخوض «معركة التطهير الضروس»، فى جميع المؤسسات الرسمية، دون النظر لمكانة مسؤول، أو المؤسسة، وأن سيف التطهير يطال كل الرقاب.
بدأت الهيئة فى شن حملات لمطاردة الفساد فى جميع الوزارات والهيئات والإدارات المختلفة، وحققت نجاحًا مبهرًا، وطالبت المواطنين بالتعاون معها من خلال الاتصال بأرقام هاتفية للإبلاغ عن أى مخالفات أو رشاوى، لتؤتى حملة التطهير ثمارها وتحقق المراد منها سريعًا.
والفساد، لمن لا يعرف، يعتبر أحد العوامل المؤثرة فى إثارة الاضطرابات الاجتماعية، والشعور بالظلم والخنق، ويساهم أيضًا فى زيادة المخاطر على الأمن القومى، عندما يتجاوز الحدود، مشاركًا فى شبكات الجريمة المنظّمة بين الدول، وتقديم تسهيلات للجماعات والتنظيمات الإرهابية، وانعكاساتها على زيادة الاضطرابات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
الفساد أيضًا يتزاوج مع جرائم ومشاكل خطيرة أخرى، مثل الخلافات العرقية أو الدينية أو اللغوية لدى قطاع من السكان وما ينجم عنه من احتمال حدوث تحدّيات أمنية خطيرة.
إذن الفساد، أورام سرطانية خطيرة تنتشر بسرعة فى الجسد ولا تتركه حتى تودى بحياته، لذلك كان تقدير القيادة السياسية الحالية لمخاطر انتشار الفساد، كبيرًا ومهمًا، وقررت خوض المعركة الضروس لمواجهته واستئصاله، وتطهير كل المؤسسات منه.
لكن يبقى السؤال الخشن، لماذا تتبنى هيئة الرقابة الإدارية حملة تطهير المؤسسات بمفردها؟ وأين دور الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية فى مكافحة الجرائم الخطيرة؟
الإجابة موجعة، فوزارة الداخلية، منغمسة فى معارك داخلية، بين الضباط وأمناء وأفراد الشرطة، وبين مديرى أمن يجلسون فى مكاتبهم، وليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بما يحدث فى الشارع، ولا يتحركون إلا بعد وقوع الجريمة، لجمع الجثث والأشلاء ووضعها فى سيارة إسعاف، والدفع بهم فى ثلاجة الموتى بالمستشفيات.
الشعور أن الرقابة الإدارية والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية المعلوماتية، هم الذين يعملون ويبذلون جهودًا خارقة فقط، يشيع نوعًا من الغضب والسخط، فليس من المقبول أن باقى أجهزة الدولة تضع يدها فى الماء البارد، كما يقول المثل الشعبى، وتركوا هيئة الرقابة الإدارية تقاتل فى ميدان المعركة بمفردها؟!
وتبقى الحقيقة الناصعة البياض، أن هيئة الرقابة الإدارية، تصدرت معركة تطهير المؤسسات من الفساد، وتقودها بنجاح مبهر، واستطاعت أن تحوز على مساحات شاسعة من الأمل عند المصريين، فى أن الانتصار فى هذه المعركة الأهم فى تاريخ مصر المعاصر، قادم لا محالة.