13 يوما مرت وهى تصارع الموت ، توقف قلبها الذى تمزقت شرايينه وهى تنتظر تنفيذ القانون ، لم يهتم أى مسئول بسماع شكواها واستغاثتها هى وأسرتها ، حتى بعد أن قرروا الإضراب عن الطعام ودخلوا المستشفى ليأسهم من تنفيذ قرار إزالة لمنزل مخالف مجاور لمنزلهم رغم صدور أحكام قضائية تثبت أنهم على حق.
صفاء الكومى مواطنة مصرية بسيطة ليست من المشاهير أو ذوى السلطة ، لن يهتم أحد بموتها سوى أسرتها وجيرانها ، فمثلها كثيرون يموتون بسبب الظلم والعجز عن الحصول على حقوقهم ، لن تهتز شعرة من رأس أى مسئول لخبر موتها ، كما لم يتأثر بإضرابها عن الطعام لما يقرب من أسبوعين وهى السيدة المسنة التى اقترب عمرها من الستين عاما.
مأساة صفاء الكومى ابنة قرية طبلوها بمركز تلا بالمنوفية أنها وأسرتها يعانون منذ عام 2014 بسبب قيام محام ببناء منزل مخالف بالقرب من منزلها معتديا على حرم الشارع.
تضررت السيدة وأسرتها من هذا المنزل المخالف الذى تم بناؤه تحت سمع وبصر المسئولين والمحليات ، اتبعت الأسرة الطرق القانونية ، وبالفعل صدرت قرارات إزالة للمنزل منذ عام 2014 .
وطوال 3 أعوام حاولت صفاء وأسرتها تنفيذ قرارات الإزالة ولجأوا لكل المسئولين ، ولكن أغمض الجميع أعينهم عن المخالفات ولم يهتموا بتنفيذ القانون وأحكام القضاء ، فما أكثرها من مخالفات يتم غض البصر عنها – "هى جت على دى"
يأست السيدة وأبناؤها وهم يشعرون يوميا بالعجز والظلم ، ويرون المنزل المخالف أمامهم وكأنه يسخر منهم ومما حصلوا عليه من أحكام وقرارات ، و يقول لهم " بلوا الأحكام والقوانين واشربوها " ، معلنا أنه مسنود ولن يستطيع أحد إزالته ، فأصحابه كما قال سامى الكومى نجل صفاء ، أصحاب نفوذ ، تغاضى كل المسئولين فى الحى والمحافظة عن تنفيذ أى أحكام ضدهم.
بلغ اليأس من صفاء وأسرتها قمته ، فكيف لمواطن بسيط أن يحصل على حقه ، وكيف يجبر المسئولين على تنفيذ القانون ، لم يكن أمامهم سوى طريقين إما العنف او الإضراب عن الطعام حتى يصل صوتهم للمسئولين.
لم تتهور السيدة وأسرتها ولم تفلت أعصابهم ولم يلجأوا للعنف يأسا من تنفيذ القانون ، ولكنهم قرروا الإضراب عن الطعام ، حاول الأبناء إثناء الأم المسنة عن الإضراب لظروفها الصحية فهى تعانى من الضغط والسكر وقصور الشرايين التاجية ، ولكنها أصرت حتى يصل صوتها للمسئولين.
ولم تدرك صفاء الكومى أن الكثير من المسئولين فى المحليات لا يرون ولا يسمعون صرخات المواطنين حتى يرونهم جثثا تحت أنقاض عقارات بناها تحالف الطمع مع الفساد ، أو يجبرونهم على استخدام العنف بسبب ضياع العدل.
ذهبت صفاء الكومى وابنها وابنتها وحفيدتها وزوجة ابنها إلى مستشفى تلا المركزى ، منذ أكثر من أسبوعين وأعلنوا إضرابهم عن الطعام حتى يتم تنفيذ القانون وإزالة المبنى المخالف ، ظنوا أن أحدا من المسئولين سيهتم ، خاصة أن مأساتهم عرضتها بعض وسائل الإعلام ونشرها البعض على مواقع التواصل ، لكن كالعادة ولأنهم مواطنين بسطاء عميت أعين المسئولين فى المحافظة والمحليات عنهم.
تدهورت حالة الأم يوما بعد يوم فى انتظار أى استجابة ، حتى مر 13 يوما من الإضراب عن الطعام ، لم يتحرك المحافظ أو أى من المسئولين فى المحافظة ، حتى ماتت صفاء الكومى يأسا وكمدا وحسرة على ضياع العدل وانتشار الفساد ، وانتقلت لتشكو ظلمها لمن لا تضيع عنده الحقوق .
وبعد وفاتها تجمع أهالى القرية وتظاهروا أمام المستشفى ورفض أبناؤها استلام الجثة ودفنها حتى يتم التحقيق فى الواقعة وإزالة التعديات ، فأخطرت المستشفى المسئولين بالمحافظة وتم بالفعل إزالة المبنى المخالف .
كيف تمر واقعة كهذه دون تحقيق ، وكيف يجلس كل مسئول لجأت إليه الأسرة لتنفيذ القانون على مقعده حتى الآن رغم مشاركته فى قتل صفاء الكومى .
قضية صفاء الكومى وأسرتها لا يجب أن تمر مرور الكرام ، ويجب محاكمة محافظ المنوفية وكل القيادات التى لم تنفذ قرار الإزالة ولم تتحرك قبل وفاة السيدة لإنقاذها من الموت ظلما ، فأمثالهم يدفعون الناس دفعا للعنف والإرهاب ويضربون دولة القانون فى مقتل ، ويرفعون شعار أن البقاء للأقوى والأكثر نفوذا وسطوة ، هؤلاء يجب أن يحاكموا بتهمة قتل العدل وقتل صفاء الكومى.