محمد الدسوقى رشدى

فقه القرضاوى فى عبادة الرب الأردوغانى

الأحد، 19 مارس 2017 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
البحث عن نموذج واضح لانتهازية ونفاق وزيف وتزوير وكذب الإخوان كتنظيم، لا يحتاج إلى جهد مضنٍ، الأمر يشبه تماما البحث عن كوم من القش وسط الإبرة الشهيرة، وأشهر النماذج المطروحة فى السوق الإخوانى الآن هو شيخ الجماعة وكبيرهم الذى يعلمهم استغلال الدين لتحقيق المكاسب والمصالح، الدكتور يوسف القرضاوى، الرجل الذى يقول ويفتى اليوم بعكس كل ماقاله وكتبه فى الأيام الماضية، والماضى كما تعلمون حينما يكون موثقا بقلم صاحبه، يتحول إلى قاض وشاهد على تحولات الرجال، وفاضحا لكل محاولة تغليب المصلحة على حساب المبدأ، الماضى حينما يكون موثقا بيد الشيخ يوسف القرضاوى يتحول إلى أداة مهمة فى تعرية القرضاوى، خاصة حينما تتشابه المواقف والمعطيات التى دفعت الشيخ لإقرار مبدأ بعينه، مع المواقف والمعطيات الجديدة، التى يمنحها الشيخ تأويلا مختلفا فى محاولة لطمأنة نفسه، وهو يتصرف مع نفس ذات المواقف بمبدأ مختلف ومعاكس تماما عن تلك المبادئ التى أقرها من قبل.
 
لا يفوت القرضاوى فرصة إلا واستغلها فى السجود إلى ربه الأردوغانى، يدعو الناس لعبادته كنموذج فريد ودرع لحماية العالم، ويركع فى مواجهة أحلام أردوغان لتعبر من فوق ظهره، ويسجد ليبحث فى كتب الإسلام عن مايعين به رجب طيب أردوغان على لم تفاصيل السلطة كافة فى يده، لن تجد على لسان القرضاوى كلمة واحدة ينتقد فيها موقف أردوغان من الحريات أو الصحافة أو الجنسية المثلية التى يعترف بها السلطان العثمانى فى بلاده، بينما نفس القرضاوى له آلاف التصريحات التى يعاير بها حكام المسلمين فى العالم العربى بأنهم طغاة يكرهون الحرية، وبأنهم فرطوا فى الدين حينما تركوا الشوارع بلا ضابط دينى أو شرعى وكأن شوارع اسطنبول تعيش فى زمن المدينة.
 
لم يكن مستغربا أن يستغل القرضاوى هذا الكيان الوهمى المسمى بالاتحاد العالمى لعلماء المسلمين لخدمة أردوغان، بل كان مدهشا ومثيرا أن يكون القرضاوى بهذه الفجاجة، وهو ينافق لأردوغان وينحنى ليمتطيه السلطان العثمانى مارا بين الناس وكأنه فارس الإسلام الأول، لم يكن غريبا أن يستغل القرضاوى الإسلام وتعاليمه وفقهه لخدمة أردوغان فقد فعلها من قبل، يلقى برحاله وأدوات أكاذيبه وتلفيق الأحكام الإسلامية فى الأرض، التى تمنحه المكسب والمصلحة هو وتياره الإخوانى.
 
انتفض القرضاوى وتشنج ورفس يمينا وشمالا وصرخ واستغاث مناشدا دول العالم الإسلامى كى تنهض لدعم أردوغان فى معركة دبلوماسية مع هولندا، بينما لم نسمع صوتا للشيخ الإخوانى يصرخ فى حكام المسلمين لدعم العراق أو ليبيا فى مواجهة أطماع حقيقة مسلحة فى أرض المسلمين، بل على العكس تماما دعا الأمريكان لاغتصاب الأرض والعرض فى العراق وليبيا وسوريا.
 
الفج والفاجر فى أمر القرضاوى أنه يستخدم الدين الإسلامى الآن لدعم أردوغان فى خطوة التعديلات الدستورية التى تمنح السلطان العثمانى سلطات رئاسية مطلقة، بل وقال الشيخ الإخوانى إن هذا حق مطلق لأردوغان لأنه أمير المؤمنين، رقصة نفاقية خليعة وفجة وإباحية من رجل أهان دينه فعمره الله فى الأرض كى ينكس به، ونراه جميعا على هذا الحال متخبطا، منافقا، متناقضا، راقصا، منبطحا، داعيا لدين جديد ربه أردوغان.
 
القرضاوى الذى يرحب الآن بالتعديلات الدستورية التى تحول النظام التركى إلى رئاسى يمنح أردوغان سلطة مطلقة، واصفا ذلك بأنه يتفق مع تعاليم الإسلام، هو نفس الشيخ الفاجر الذى أخبرنا من قبل أن النظام البرلمانى هو الأقرب لروح الإسلام استنادا إلى «وأمرهم شورى بينهم»، وهو نفس الشيخ الذى أقام الدنيا ولم يقعدها مع تعديلات نظام مبارك الدستورية فى 2005 ووصفها بأنها تعديلات ديكتاتورية وتضع السلطات كلها فى يد شخص واحد وقال وقتها إن هذا مخالف لروح العقيدة الإسلامية.
 
وتلك لم تكن مرة القرضاوى الأولى فى الكذب والتزوير والفجاجة، القرضاوى، الذى يدعو الإخوان الآن للتصعيد ضد الدولة المصرية ويصف كل من يدعو لتهدئة ورفض للعنف بأنه خائن للمشروع الإسلامى، هو نفسه القرضاوى، الذى كتب فى مذكراته قبل عشرات السنين عن أزمة مابعد 23 يوليو 1952 مستنكرا بيانات الإخوان، التى وصفت الراغبين فى المصالحة مع عبد الناصر بأنهم خونة، وكتب نصا فى مذكراته يقول: يُعاب على الإخوان أنهم إذا أحبوا شخصا رفعوه إلى السماء السابعة، وإذا كرهوه هبطوا به إلى الأرض السفلى.. ثم يتحدث الشيخ بغضب عن الإخوان الذى يصفهم الآن بالعظمة والطهارة والنقاء (وأقول بأسف: لقد كان رجال المباحث أصدق فى الحكم علينا من إخواننا الذين عرفونا وعرفناهم، وعايشونا وعايشناهم، فلم تخدعهم هذه المعارضة الظاهرة عن قراءة ما تكنه صدورنا من ولاء وعداء، أو حب وكره. ولهذا لم يترددوا فى القبض علينا فى أول فرصة، وتقديمى للمحاكمة).
 
قرضاوى ما بعد 30 يونيو يصف طلاب جامعة الأزهر بالشجعان ويدعوهم للاستمرار فى العنف والتظاهر ويحرضهم على الجيش والشرطة، ومنع الامتحانات وتعطيل الطلاب عن أداء امتحاناتهم،، ولا يستنكر هجوم طلاب الإخوان وحازمون وأحرار على الأساتذة والمنشآت بل يعتبر ذلك جهادا.
 
 ويقول بأن مظاهرات الطلاب ثورة جديدة، والله سينصر الإسلاميين على الليبراليين وعلى غيرهم من اللادينيين، هو نفسه القرضاوى، الذى يفضحه ما دونته يداه فى مذكراته، حينما كتب يقول: وقبل أول أيام امتحانى فى تخصص التدريس، حدث حادث مهم بالنسبة لى.. فقد فتشت المباحث شقتنا، التى نسكن فيها، بشارع راتب باشا بشبرا، واعتقل زميلى الذى يعيش معى فى حجرتى، والذى ضبط بحوزته كمية من المنشورات المحظورة، وكانت الشقة تتكون من أربع حجرات، كل حجرة يسكن بها شخصان.. وكان محمود زميلى فى الحجرة فلما قبض عليه وسألوه: لمن هذا السرير فى حجرتك؟ فقال: هو لفلان.
 
فانتظرونى حتى عدت فى المساء، ليسوقونى إلى قسم روض الفرج الذى نتبعه.. وهذه الأيام فى غاية الأهمية عندى، لأنها أيام الامتحان النهائى لإجازة التدريس، بعد دراسة سنتين.. وقد أوصيت بعض زملائى فى الشقة أن يتصلوا بأستاذنا البهى الخولى ليتوسط فى الإفراج عنى لأداء الامتحان، وأن يتم ذلك على وجه السرعة، فالامتحان فى الساعة الثامنة صباحا.. وقضيت هذه الليلة الليلاء ساهرا، لم يغمض لى جفن، لا من أجل عشق ليلى وسُعدى، كما قرأنا للشعراء العشاق، ولكن خوفا على الامتحان، الذى لو ضاع، فربما لا أعوضه إلا بعد سنين أو ربما لا أعوضه أبدا.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة