لن يكف الإرهاب عن نشر سمومه فى العالم، شرقا وغربا، فيشعل حربا فى سوريا والعراق وليبيا ويفزع المسالمين فى سيناء، ويقوم بحوادث منفردة أو تفجيرات محدودة فى أوروبا، وفى اليومين الماضيين انشغل العالم بالهجوم الغريب الذى تعرض له البرلمان البريطانى، وكانت نتيجته 5 قتلى وعدد كبير من الجرحى، واعتبره البعض جزءا من سلسلة الغرض منها إثارة الفزع والإحباط لدى الشعوب.
لكن رد فعل سكان مدينة لندن، على الحادث، كان ملفتا للنظر وداعيا للتأمل، فعلى عكس المتوقع، بدأ الناس صباحهم دون خوف أو تردد منطلقين إلى عملهم بعدما أطلقوا هاشتاج #WeAreNotAfraid أو نحن لسنا خائفين.
هذا الهاشتاج الذى انتشر سريعًا على مواقع التواصل الاجتماعى، كان الغرض منه واضحا تماما وهو حث سكان لندن على عدم نشر ثقافة الخوف فى المدينة فى ظل الهجمات الإرهابية، وقد تم تصميم الرمز الذى يحمل شعار «نحن لسنا خائفين»، على غرار شعار مترو أنفاق لندن الذى يمثل نقطة توقف لنظام النقل العام فى جميع أنحاء المدينة.
ليس هذا فقط بل تحول الحادث إلى طريق لزيادة روح التحدى والتماسك، كما أسهم رسامو الكاريكاتير فى الصحف الكبرى فى العاصمة البريطانية بلوحات تجسد الرغبة فى المقاومة، ورفض العنف، واستغلت جمعية خيرية إسلامية بريطانية الفرصة لإطلاق حملة تبرعات لضحايا الهجوم، كما علق مالك مقهى فى وسط لندن لافتة كتب عليها «لندن ليست مغلقة، وكذلك نحن، تفضلوا.. القهوة معنا».
نعم هذا هو دور الشعوب فى مواجهة العنف والتطرف، فلا شىء يحبط الإرهابيين ويصيبهم بالفشل أكثر من إحساسهم بعدم جدوى ما يفعلونه، وذلك لأنهم يقصدون على المستوى العام إصابة الناس بالخوف الذى يدفعهم للخطأ وبالقلق الذى يصيبهم بالارتباك ويجعلهم يرتكبون الحماقات، وبالتالى ستنشأ المشكلات، لكن أن يأتى رد فعل الناس بالمقاومة النفسية للهزيمة فهذا ما لا يتوقعه الإرهاب أبدا.
أعرف أن فى عالمنا العربى والإسلامى الوضع أكثر تعقيدا من أوروبا، لكن ما الذى يضرنا لو استفدنا من هذه التجربة وبدأنا الحرب على الإرهاب بهزيمته نفسيا، وليس معنى ذلك التقليل من حجم ما يحدث أو إخفاء المعلومات، لكن مشاركة الجميع فى هذه الحرب، فما يحدث فى سيناء مثلا لا يحتاج إلى أن نتركها للإرهابيين، بل يتطلب أن يذهب الجميع إلى هناك، تخيلوا لو قام الإرهابيون بمحاولة إثارة الفزع فى إحدى مناطق سيناء ثم فوجئوا بعدها بيوم أو يومين أو أسبوع بمئات الناس أو آلاف منهم يتوجهون للحياة فى تلك المنطقة.. تخيلوا الإحباط الذى سيصيبهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة