على مدى ثلاثة أيام قضيتها فى سوهاج كنت ضيفا على أصدقاء أعزاء ، يعملون فى صمت من أجل الدفاع عن مصر والمصريين ، تلقيت بصفتى مستشار العدالة والسلام .. دعوة كريمة من فاعليات اجتماع أسرة القديس يوحنا بولس الثانى للمغتربين بسوهاج، وبحضور نيافة الأنبا يوسف أبو الخير مطران سوهاج للأقباط الكاثوليك ، والأب ميخائيل رزق الله ، وبعض المسئولين ..
قدمت محاضرة بعنوان "دور الشباب فى بناء الدولة والمواطنة ، والأسرة تكونت منذ سنوات وتضم أبناء الطوائف المسيحية الثلاثة، ويصل عددها حوالى مائة وخمسين شاب وشابة من طلاب جامعة سوهاج ، ولها لجنة منظمة تتكون من خمسة عشر طالبا وطالبة، وتجتمع أسبوعيا، ولديها خطة تراعى فيها تكوين الشباب فى ثلاثة جوانب: معرفة الذات ومعرفة الله ومعرفة الوطن ، كما ترعى الاسرة المواهب من خلال ورش أسبوعية فى المسرح والسينما والتصوير والرسم والشعر كورال الخ ، وايضا يحمل الاجتماع الأسبوعى فقرات متنوعة بخلاف الموضوع الرئيسى، كما تقوم الأسرة بنشاط ترفيهى وثقافى .
بدأ اللقاء بعمل مسرحى جميل بعنوان "شيزوفرانيا" ، إخراج أبانوب جرجس ، وتبدأ المسرحية بحوار توأم فى بطن أمهم وتخيلات حول مستقبلهم، وتتصاعد الأحداث حيث يمرون بظروف قاسية مثل عدم تذكر الابن لأمه العجوز ، وشباب باعوا كل ما يمتلكون بحثا عن هجرة غير شرعية وفشلهم بعد خسارة كل ما يملكون، الأمر الذى قادهم فى نهاية المطاف الى مستشفى المجانين..وتنتهى المسرحية بمعرفة ان الدكتور نفسه مجنون أيضا .
ومن المسرحية إلى الندوة حيث سردت تاريخ مشاركة الأقباط فى الثورات المصرية (1804، 1882 ، 1919، 1952 ، 25 يناير 2011 ، وثورة 30 يونيو 2013 ) وكذلك إسهامهم فى بناء الدولة الحديثة ، وتعرضت للمصاعب التى تحدث من بعد ثورة 30 يونيو والإرهاب واثارة الفتن الطائفية ومحاولات إخضاع مصر . بعدها تناثرت أسئلة الشباب والشابات ودارت كلها حول المشاكل الجامعية خاصة التى تصدر من بعض "المتعصبين" ، وأكد المطران يوسف أبو الخير على أنها تصرفات فردية وليست سياسة دولة ، ودعا المشاركين الى ضرورة تحقيق المواطنة غير المنقوصة لأنها الطريق الحقيقى لمناهضة الإرهاب ، وأكدت على أننا قد نختلف مع الرئيس السيسى ولكننا لانختلف عليه ، وأشرت الى الأدوار البطولية للقوات المسلحة والشرطة فى مكافحة الارهاب رغم أى ثغرات أو خلافات.
فى مطرانية الأقباط الأرثوذكس كان لى لقاء مع نيافة الانبا باخوم اسقف سوهاج ، للوهلة الأولى شعرت اننى مع راهب من برية شهيت فى القرن الرابع ، من خلال ابتسامته النورانية استمعنا الى علاقتة مع الامام الاكبر الراحل محمد سيد طنطاوى ، تلك العلاقة الأخوية التى دعت الإمام الأكبر الى أن يستمع الى شكوى الكهنة له من تعنت انبا باخوم وعدم رغبته للسفر الى المانيا للعلاج ، مما دعا الإمام الاكبر الى متابعة استخراج الفيزا وإجراءات السفر للانبا باخوم والاطمئنان علية حتى عودتة بسلام.
وتتابعت الاحاديث حول مشاركة اثنين من الآباء الكهنة فى حرب التحرير 1973 ، وللمرة الاولى اصادف كهنة مقاتلين من الجيش الثالث ، وفى حب يفيض من وجه الأنبا باخوم تتابعت الذكريات ، وطوال ساعة ونصف الساعة تذوقنا طعم المودة وروح التسامح ، وخرج نيافة الاسقف معنا حتى باب المطرانية مودعا فى تواضع حقيقى .. الامر الذى فسر لى لماذا يتألف الشباب من مختلف الطوائف ويسعون فى وئام الى الخروج بالكنيسة للوطن .
من المطرانيتين وروح المواطنة أدركت أنه لابد من إفساح المجال للشباب القبطى لكى يلتحم بأشقائهم فى الوطن من المسلمين عبر فتح قصور الثقافة لهؤلاء المبدعين لكى يمارسوا كافة انشطتهم، خاصة وأن قياداتهم الروحية المطران يوسف أبو الخير والأسقف باخوم على قدر كبير من المودة والتسامح وتربية اولادهم على المسئولية الوطنية ، كما يجب على المسئولين فى سوهاج رعاية هؤلاء الشباب والشابات ، ودعم مؤتمراتهم ، ومساندتهم بكل السبل ودعوة البعض منهم الى المؤتمرات الدولية للشباب ، ومؤتمرات ادباء الاقاليم وغيرها من الانشطة الرسمية .فى طريق العودة للقاهرة تذكرت اصدقاء يحرسون الوطن ولا نستطيع ان نشكرهم بالاسماء ولكن يكفى صلاة الآباء الكهنة والأسقفين لهم .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة