تونس بين مطرقة الثورة وسندان الانتهاكات.. منظمات دولية ومحلية تحذر: تجاوزات رجال الأمن خارجة عن القانون..وتقرير: 62% انتهاكات بحق المحتجزين بالأقسام و24% بالسجون و"الداخلية" تبرر: حالات فردية"

السبت، 04 مارس 2017 02:43 م
تونس بين مطرقة الثورة وسندان الانتهاكات.. منظمات دولية ومحلية تحذر: تجاوزات رجال الأمن خارجة عن القانون..وتقرير: 62% انتهاكات بحق المحتجزين بالأقسام و24% بالسجون و"الداخلية" تبرر: حالات فردية" قائد السبسى - زين العابدين بن على
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ثورة قامت ونظام سقط والتعذيب فى السجون التونسية لم يزل مستمرا، فالواقع إبان نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن على لم يتغير كثيرا عن عهد الحالى الباجى قائد السبسى، وتلاشت مبادئ ثورة الياسمين من حرية وكرامة وحقوق الإنسان خلف تحديات الإرهاب وقانون الطوارئ حيث تختلط مفاهيم الحريات، وصارت البلاد بين مطرقة الثورة، التي مر عليها 6 سنوات، وسندان الانتهاكات التي تجري بحقوق نزلاء السجون.

ويبدوا أن تونس لم تتخلص بعد من الإرث الثقيل الذى تسلمته من العهد السابق ولم تتجاوز بعد مظاهر تلك الحقبة، فما كان مأمولا بعد الثورة مباشرة وخلال فترة الحكم الإنتقالى تحول لسراب فى ظل الأزمات المتتالية التى تمر بها تونس سواء اقتصادية أوسياسية أو أمنية، وعاد مجددا الحديث كما كان سابقا عن تراجع حقوق الإنسان.

وفى أقل من شهر تعرضت تونس إلى هزتين كبيرتين كشفت استمرار نهج التعذيب فى السجون ومراكز الشرطة التونسية، الأولى كانت عبر تقرير منظمة العفو الدولية الذى أكد تواصل التعذيب فى السجون التونسية  وتواصل الانتهاكات، لافتا إلى إنه من خلال "اللجوء فى شكل متزايد إلى قوانين الطوارئ والأساليب الوحشية القديمة، فإن تونس تضع فى خطر التقدم الذى أحرز منذ ثورة 2011".

ولفتت المنظمة إلى حالات تعذيب واعتقالات تعسفية ومداهمات تنفذ أحيانا فى الليل و"دون أمر"، وإلى قيود على تحركات المشتبه فيهم ومضايقات لأقاربهم، متحدثة عن أحداث رأت فيها مؤشرا إلى "ارتفاع مقلق لاستخدام أساليب قمعية ضد المشتبه بهم فى قضايا إرهاب"، معتبره أن تلك الأحداث تعيد التذكير "بشكل قاتم" بنظام بن على.

وإذا كانت دائما التقارير الدولية يتم التشكيك فى مصداقيتها واتهامها بأنها تحمل أجندات خفية خارجية لزعزعة استقرار الدول، فإن تقريرا صادر عن المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب طالب منذ يومين "الجهات المسئولة"، بفتح تحقيقات فى حالات الانتهاكات والتعذيب بالسجون التونسية، وتحدثت المنظمة عن مضايقة العائلات والسجناء أثناء الزيارة للتنصت على المحادثات أو للضغط على السجناء حتى لا يعلموا عائلاتهم بما يتعرضون إليه من انتهاكات.

 

وتحدثت المنظمة فى تقرير مفصل عما رصدته خلال العام 2016 ، أن الانتهاكات فى حق المتحفظ عليهم بأقسام الشرطة بلغت نسبتها 62%، تليها انتهاكات السجون بنسبة 24% ثم الحرس الوطنى بنسبة 14 %.

 

وكشفت المنظمة أنه "تم تسجيل 153 حالة تعذيب توزعت بين التعذيب والعنف وسوء المعاملة، إذ احتل التعذيب أولى المراتب بنسبة 59%، تلاه سوء المعاملة بنسبة 33% ، ثم الاعتقال التعسفى 4%، فالموت بنسبة 2% والتهديد ومحاولة الاغتصاب 2% كذلك.

 

كما كشف التقرير الفئات العمرية لضحايا الانتهاكات، فقد مثل من تجاوزت أعمارهم 40 سنة نسبة 21%، مقابل 74% لمن تتراوح سنهم بين 19 و39 عاما، أما الشريحة العمرية ما بين 14 و18 سنة، فقد مثلت ما نسبته 5%  من الانتهاكات التى توزعت حسب جنس الضحايا إلى 86% رجال و14% نساء.

 

وما بين التقارير الدولية والمحلية كانت المطالب واحدة،  ويأتى فى مقدمتها تعديل قانون السجون وأحكام المرسوم 106 لسنة2011 والذى ينص على تجريم التعذيب، وفتح تحقيقات فى حالات التعذيب من قبل جهات بحث محايدة، أو تولى النيابة العمومية رأسا إجراء الأبحاث بشأنها فضلا عن تجريم التهديدات والضغوط التى تستهدف ضحايا الانتهاكات بهدف ثنيهم عن تقديم شكاوى أو مواصلة التمسك بها.

من جانبها لم تنكر السلطات التونسية التعذيب والانتهاكات إلا أنها تحاول دوما نفى تهمة منهجية تلك الممارسات، حيث أقر وزير الداخلية هادى مجدوب أمام البرلمان التونسى بوجود العديد من التجاوزات الأمنية، إلا أنه أصر على أن وزارته تعمل جاهدة على تلافى مثل هذه الأفعال، وأشار إلى أنه يطلع بشكل دقيق على التقارير التى تتحدث عن الانتهاكات وأنها لا تعدو تصرفات فردية من بعض الأشخاص و الوزارة تسعى لتجاوزها.

وجاءت تصريحات وزير الداخلية عقب وعد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بفتح تحقيق وتوعّد مرتكبى التعذيب بالعقاب، وأبدى الشاهد ثقته بأن وزير الداخلية سيناقش هذه المسألة أمام البرلمان ووعد بـ”إجراء تحقيقات بهذا الشأن وبأنه ستتم معاقبة من يثبت ارتكابه أخطاء وذلك فى إطار القانون”.

 

وتأتى هذه الانتكاسة على مستوى حقوق الإنسان فى تونس، فى وقت تمر فيه البلاد خلال السنوات الأخيرة بتحديات أمنية وأوضاع غير مستقرة وتنامى للعمليات الإرهابية، وهو ما يضع تحدى مكافحة الإرهاب كأولوية على أجندة الحكومة التونسية لتأتى أى تحديات أخرى على علاقة باحترام حقوق الإنسان من قبل الأمنيين والعسكريين فى مراتب دنيا.

وبين اختلاف أولويات الحكومة وأولويات الشعب تتنامى الخطورة لدى التونسيين من ضياع مبادئ ثورة الياسمين، إلا أن تحرك مجلس النواب ومسائلته لوزير الداخليّة حول التقارير الصادرة عن انتهاكات رجالة بمثابة صمام أمان يريح التونسيين ولو لحين لحماية ما نص عليه دستور ما بعد الثورة من مبادئ حقوق الإنسان.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة