قال الدكتور محمد عادل الحديدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة المنصورة، إن اضطراب الهوية الجنسية هو فى الحقيقة اضطراب نفسى له أسباب نفسية وليست عضوية، فالشخص يولد بشكل طبيعى جنسيا 100% ولديه الأعضاء الجنسية الأولية والثانوية، ولكن مع بداية سن 3 سنوات تظهر على الطفل بعض العلامات التى يجب أن ينتبه لها الوالدان جيدا، وألا تمر عليهما مرور الكرام.
وأوضح الحديدى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن هذه العلامات تبدأ بملاحظة أن الطفل الذكر يميل للجنس الآخر ويفضل اللعب بألعاب الفتيات، ويكره التعامل معه على أساس طبيعة جنسه أنه ولد، ويعتقد أنه سيكبر على شكل الجنس الآخر، وعندما يكبر ويصل إلى سن المراهقة تظهر عليه بعض العلامات الأنثوية فى السلوك والمظهر، ونجد أن أصدقاءه من الجنس الآخر، ومع مرور الوقت يعانى هذا الشخص من ضغوط دينية واجتماعية، وتبدأ الأسرة فى منعه عن اللعب مع الفتيات، فيتولد لديه شعور قوى بعدم الراحة وفقدان الاتساق مع الذات.
واستكمل "الحديدى" أن الشخص يميل إلى نفس جنسه، ويشعل بالميل العاطفى للجنس المماثل له، وليس شرطا أن يكون الموضوع مرتبطا برغبة جنسية، فشعور الشخص بأنه الآخر يدفعه لهذه العاطفة دفعا، مشيرا إلى أن كثيرا منهم يفكر فى التحول للجنس الآخر كى يرتاح، حتى أن البعض منهم يصف إحساسه بأنه يشعر بأن عقله ومشاعره وروحه ولدت فى جسد آخر، لكن تحويل الجنس أمر غير شائع ومستهجن فى مجتمعاتنا.
ويشرح "الحديدى" أن الطفل الذكر ينظر حوله فيجد أمامه والده الذى يكون المثل والنموذج والقدوة، وفى حالة غيابه بالوفاة أو الطلاق أو السفر، يبدأ فى البحث عن الدور الذى يتقمصه فلا يجد حوله الشكل الذكورى المفترض، خصوصا عندما يعيش مع الأم وحدهما أو بين أخواته البنات، فنجده يندمج معهم ويشعر وكأنه واحدا منهم، وأيضا عندما يرتبط عاطفيا أكثر بوالدته بسبب قسوة وعنف والده؛ الأمر الذى يؤدى إلى كراهيته لوالده، فينفر داخليا من الجنس الذكرى بسبب الصورة التى صدرها له والده، فيميل إلى الجنس الآخر ويحذو حذوهم فى الشكل والسلوك.
وفى بعض العائلات التى تنجب إناثا فقط نجد الأم والأب يتعاملون مع البنت معاملة الذكور ويشترون لها ملابس الأولاد ويقصرون لها شعرها مثلهم ويسمونها باسم يناسب الأولاد والبنات مثل: (رضا، جهاد، إحسان، إسلام.. الخ)، وإذا حاولت أن تتعامل بأنوثة ودلع ينهرونها، وبمرور الوقت يترسخ داخل الفتاة أنها ولد وليست بنت وتتصرف مثلهم، وعندما تبدأ علامات الأنوثة فى الظهور عليها يبدأ المجتمع والعائلة من حولها فى الضغط عليها وتوجيهها للتعامل كأنثى بعد أن زرعوا بداخلها ذاك الإحساس الذكورى، وهنا يبدأ الصراع وتشتعل الأزمة بداخلها.
وعقب "الحديدى" بأن علاج مثل هذه الحالات يحتاج إلى علاج طويل لأنه فى الأساس عبارة عن مرض نفسى بدأ مبكرا منذ سنوات الطفولة الأولى وأسبابه نفسية وليست عضوية؛ لذا فهو يحتاج لعلاج نفسى مكثف لمدة عام على الأقل بغرض تصحيح المفاهيم عن جنسه وعلاج الصراعات النفسية التى عاناها فى تلك الفترة، وتعويض الجانب الأبوى الذى لم يكن موجودا أو كان موجودا بصورة مشوهة، وغالبا تستجيب 70% من الحالات، بينما تصر 30% منها على التحول للجنس الآخر، وفى هذه الحالة نلجأ للعلاج الهرمونى لتعويضه نفسيا وإعطائه فرصة التجربة فى فترة اختبار ليعيش بحالة الجنس الآخر، بحيث يعيش الحياة الأنثوية إن كان ذكرا أو تعيش الحياة الذكورية إن كانت أنثى لمدة تتراوح ما بين 6 شهور متواصلة وعام كامل، وكثير من هؤلاء بمجرد أن يتعايشوا بهذه الحالة الجديدة يخرجون من التجربة كارهين للتحول ويرضى بحياته بعد اكتشاف خطأه ويعود لاستكمال العلاج السلوكى، أو يتخذ قراره باستمرار العلاج الهرمونى وإجراء عملية التحول الجنسى وتكون هذه هى الخطوة الأخيرة.
وأكد "الحديدى" أن كثيرا من المُصِرِّين على التحول جنسيا يقومون بعمليات مبالغ فيها، ثم يصابون بالاكتئاب ويشعرون بأنهم غير سعداء فى هذا الجنس وتنتهى حياتهم بالانتحار؛ لذا يشترط قبل القيام بمثل هذه العمليات أن يكون قد مر على كل مراحل العلاج المطلوبة لمدة لا تقل عن عام، وأن يجلس مع اثنين من الأخصائيين النفسيين وطبيب جراح متخصص ومسئول قانونى لتنفيذ بروتوكول كامل؛ ويتأكدون من عدم استجابته للعلاج، وأشار إلى أن هذه العمليات ليست دارجة فى مصر لذا يلجأ الكثير لإجرائها فى الخارج، ولا نستطيع أن نحدد النسب بالضبط لأن كثيرا من هذه الجراحات يتم فى سرية وكتمان والنسب المعلنة فى مصر أقل بكثير من الواقع.
وأوضح أن العلاج الهرمونى خطير وله أضرار صحية ويسبب مشكلات فى الخصوبة لدى الأنثى التى تتناول هرمونات الذكورة نتيجة توقف الدورة الشهرية، ومع استخدامه لفترات طويلة يتسبب فى إصابة الشخص بجلطات ونزيف وأورام؛ لذا فهو يحتاج إلى متابعة طبية طويلة.
ولفت "الحديدى" إلى أن اضطراب الهوية الجنسية مختلف تماما عن حالات الجنس الثالث أو الخنثى التى تولد بأعضاء ذكرية وأنثوية، وفى هذه الحالة يتم تحديد الجنس بإجراء عملية جراحية بعد أخذ رأى الشخص والتأكد من رغبته وإحساسه الداخلى بنفسه، والقدرة على الممارسة الجنسية فيما بعد، فقد يكون لده عضو أكثر كفاءة وفعالية وقدرة، عندها يتم استئصال العضو الغير فعال بناء على الرغبة والقدرة.
وأكد "الحديدى" ضرورة أخذ القرار بعد سن النضوج القانونى كى يكون مسئولا عن نفسه وقراراته، خصوصا فى مثل هذه القرارات الخطيرة، باستثناء حالات معينة مثل الخصية المعلقة التى تحتاج إلى جراحة سريعة فى سن الطفولة المبكرة لإنزالها من البطن لكيس الصفن، وإلا تسببت فى الإصابة بالسرطان.