كشف تقرير لصحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أعده محللها للشئون السياسية العربية، تسفى برئيل، تفاصيل الأزمة المالية التى يعانى منها تنظيم "حزب الله" اللبنانى حاليا، وخسائره الكبيرة التى تكبدها بسبب الحرب الدائرة فى سوريا والتى افتقدها مئات الجنود المدربين وخسائر بملايين الدولارات.
وأكدت الصحيفة العبرية أن "حزب الله" يواجه أزمة اقتصادية ومعنوية قاسية، بجانب آلاف القتلى الذين فقدهم فى الحرب السورية، كما يجد صعوبة فى دفع رواتب مقاتليه، مما أضطر لدفع قسم من المقاتلين نصف راتب فقط، ما جعل الكثيرين يتركون الخدمة.
إيران تقلص دعمها
وأضافت التقرير الإسرائيلى أنه تم تقليص المساعدات التى يحصل عليها حزب الله من إيران، بسبب الأزمة التى تشهدها، والمصروفات العالية التى تسببها الحرب السورية، فقد اضطر حزب الله إلى تقليص مصروفاته أيضا، ووقف تمويل مشاريع مدنية، ووقف مخططات تطوير والخروج لجمع التبرعات من اللبنانيين.
وأشارت هاآرتس إلى أن التنظيم اللبنانى بدأ حملة تبراعات قبل عام تحت عنوان "معدات للمحارب"، دعا من خلالها انصاره للتبرع من أجل شراء أسلحة وملابس ومعدات اخرى لجنود التنظيم.
إغلاق قنوات ووسائل إعلام
وقالت الصحيفة العبرية أنه خلال الشهر الماضى أغلقت ايران الفرع اللبنانى لشبكة قنوات "العالم" التلفزيونية التابعة لشركة "فلك" التى تملكها وزارة الخارجية الإيرانية، والتى تبث باللغة العربية، وبذلك فصلت حزب الله عن أحد أهم وسائله الدعائية، وفى الوقت نفسه فصل التنظيم الكثير من العاملين فى شبكة قنوات "المنار" التى يملكها، وقلص إنتاج البرامج.
وأوضح التقرير الإسرائيلى أن المعاناة تجاه المصاعب المالية لا تتوقف على وسائل إعلام حزب الله فقط، مشيرا إلى أنه فى شهر ديسمبر الماضى تم اغلاق صحيفة "السفير" إحدى الصحف اللبنانية الأصيلة والمخضرمة، لأن صاحبها طلال سلمان لم ينجح بتجنيد التمويل، فيما انتقلت صحيفة "النهار" للصدور على الانترنت فقط، واضطرت صاحبتها نائلة توينى لإقراض الصحيفة مبلغ 1.7 مليون دولار كى تتمكن من مواصلة الصدور.
كما تسبب تقلص سوق الإعلانات بتقليص طواقم العاملين والإنتاج فى محطات التلفزيون، كما أن السعودية التى دعمت بشكل مكثف مجموعة من الصحف اللبنانية، خاصة صحف سعد الحريرى، علقت جزء من المدفوعات وتسببت بموجة فصل، لكن "المنار" و"العالم" بالذات كانتا تعتبران صامدتان أمام الأزمة، كونهما تتلقيان الدعم من إيران وحزب الله، ولكن ها هو يتضح الآن بأنهما تواجهان مصاعب اقتصادية.
تقليص التواجد فى سوريا
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية، أن جود "حزب الله" فى سوريا يتقلص، حتى فى أعقاب اتساع التدخل الروسى فى المحافظات الواقعة شمال وغرب دمشق، وفى حلب، والتى تم إحضار قوات شيشانية اليها للمساعدة فى الحفاظ على النظام، مشيرة إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الخطوة الروسية تهدف إلى طرد حزب الله نهائيا من سوريا، ولكن حسب الرد الإيرانى الغاضب، تجاه اتساع السيطرة الروسية البرية والتعاون بين روسيا وتركيا فى سوريا، يبدو أن حزب الله قد يجد نفسه خارج الأراضى السورية قريبا، أو على الأقل، دفعه إلى خارج مناطق القتال.
استبعاد الحرب ضد إسرائيل
ولفتت هاآرتس إلى أنه خلال استعراض قدمه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الجنرال هرتسى هليفى، أمام لجنة الخارجية والأمن بالكنيست الأسبوع الماضى، رجح أن حزب الله لا يسعى، حاليا، للحرب ضد إسرائيل، خاصة بسبب ضلوعه فى سوريا، لكنه يبدو أن المصاعب الاقتصادية التى تواجه التنظيم تعتبر معيارا فى تحديد استراتيجيته.
وقالت هاآرتس أن دخول حزب الله فى مواجهة عنيفة مع إسرائيل لا يعنى فقط المس القاسى بالقواعد المدنية فى لبنان، وإنما حدوث اشتعال فى صفوف حوالى مليون ونصف مليون سورى يتواجدون فى لبنان، والذين يمكن أن يتعرضوا للضرر فى المعارك.
وأضافت الصحيفة العبرية أنه فى كل الأحوال تواجه الحكومة اللبنانية مصاعب فى استيعاب واستضافة هؤلاء اللاجئين الذين يثقلون بشكل ضخم على البنى التحتية فى الدولة، فاذا بدأ حوار القصف مع إسرائيل، يمكن لهؤلاء اللاجئين شل الدولة فى البحث عن ملجأ آمن، وهذه المرة من الهجمات الإسرائيلية، فالمسئولية عن اوضاعهم ستقع على كاهل حزب الله وإيران الذين سيتهمون بالتسبب بمأساة أخرى للاجئين.
وأنهى تسيفى برائيل تقريره قائلا: "مثل كل تهديد آخر، يحتاج تهديد حزب الله، إلى قدرات ومحفزات، فالافتراض هو أنه يملك القدرات وآلاف الصواريخ ليست تهديدا هامشيا، ولكن فى مسألة المحفزات، يواجه حزب الله إحدى أسوأ فتراته".
جانب من التقرير
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة