لا وقت لهذه المهاترات فهذا ليس فى صالح الجميع خاصة فى ظل التحديات الحالية
البرلمان هو السلطة التشريعية، التى انتخبها الشعب، وفوضها نيابة عنه لكى تمثله فى طرح قضاياه، وحل مشاكله، ومتابعة ومحاسبة السلطة التنفيذية بهدف تحقيق الخطط والبرامج التى تصب فى صالح هذا الشعب، وهو الوكيل الأصيل الذى وكل هذا البرلمان. ولذا لا يوجد أى حقوق دستورية أو قانونية لعضو البرلمان، تزيد عن حق أى مواطن عادى من الشعب. كما أن وجود البرلمان وتواجد السلطات الثلاثة جاء بعد تطور الفكر السياسى العالمى الذى ساعد على تطبيق الديمقراطية التى تعنى حكم الشعب للشعب وبالشعب. أى أن هذا البرلمان هو نتاج للفكر الديمقراطى. والفكر الديمقراطى من بديهياته، إرساء مبدأ الحرية، ليس على المستوى النظرى فقط، ولكن على المستوى العملى، الذى يمارس فيه المواطن حريته بكامل إرادته وبلا وصاية، وبالطبع بما يناسب الدستور ويطابق القانون. وممارسة الحرية للفرد المواطن، وبالطبع سيكون الإعلام بكل أساليبه ووسائله له نفس الحق، حيث إن الدستور قد حدد حدود تلك الممارسة وبين تجاوزاتها حيث لا يكون هناك حجر أو إرغام، على الرأى أو ممارسة هذه الحرية. وبالرغم من أن البرلمان هو المنوط به الحفاظ على هذا الحق فى ممارسة حرية إبداء الرأى قد نسى أن إبداء الرأى لا بد له من الرأى الآخر حتى تكتمل صورة الممارسة للديمقراطية الحقيقية والصحيحة. وإذا تجاوز الرأى فى النقد مخالفًا للقانون، فالقانون هنا هو الحكم. ولكن إذا كان الرأى فى الإطار القانونى فللآخر الحق فى إبداء رأيه، وتصحيح ما جاء على أن ينشر أو يذاع فى نفس الوسيلة الإعلامية. ولذلك وطوال تاريخ البرلمان المصرى لم نرَ البرلمان قد تقدم ببلاغ إلى النائب العام فى شخص أبدى رأيًا. وإذا حدث كما حدث الآن لا نعلم من فى البرلمان الذى سيقوم بالمواجهة وإبداء الرأى أمام النائب العام عندما يٌفتح التحقيق؟ كما لا نعلم كيف يربط رئيس البرلمان دائمًا بين إبداء الرأى والخيانة الوطنية؟ فالعضو لا يجب أن يناقش السياسة المالية وإلا يحول إلى لجنة القيم. ولا يجب للعضو أن يرفض أو يعارض أى مشروع قانون يقدم من الحكومة، وإلا هناك خطة لإسقاط البرلمان مع العلم أن رئيس البرلمان دائمًا ما يعلن أن لديه البيانات والمعلومات التى تدين المعارض، وتحوله للنائب العام، وأنه سيخرج هذه المعلومات وتلك البيانات فى الوقت المناسب. فهل هذه ممارسات تؤكد مبدأ الديمقراطية وتدعو إلى ممارسة أى حرية؟ ذلك بالرغم من أن النائب هو المفوض من الشعب يمارس حقه الذى هو حق الشعب بالأساس، وأن يقول ما يريد وكيفما يشاء تحت قبة البرلمان، وإذا تجاوز فهناك ما يسمى «الشطب من المضبطة». حيث إن الحصانة البرلمانية هى حصانة فى الأساس للعضو فيما يقوله تحت القبة.
ولذا رأينا تلك المعركة الغريبة التى لم تكن فى مكانها ولا أوانها بين البرلمان وبين الصحافة والإعلام بشكل عام، وبين جريدة الأهرام العريقة والأستاذ إبراهيم عيسى بشكل خاص. ذلك لمجرد أن الأهرام وعيسى قد أبديا رأيًا ضد البرلمان واعتبر بعض الأعضاء والرئيس أن هذه الآراء إهانة للبرلمان، يجب أن يحاكم عليها عيسى. فى الوقت الذى أبدى رئيس البرلمان رأيًا فى الأهرام، الشىء الذى أثار زوبعة فى الوسط الإعلامى وغير الإعلامى. فلماذا هذا؟ أعتقد أن السبب فى كل هذا أن العضو لا يعى أنه يمثل الشعب ولا يمثل نفسه، حيث إن الأغلبية للأسف من المستقلين الذين لم ينتخبوا على أرضية سياسية أو حزبية. كما أن الممارسة البرلمانية طغى عليها تصفية الحسابات الشخصية حتى رأينا أحد الأعضاء الذى له مواقف مع الإعلام يقول «إن من يهاجم البرلمان سوف يضرب بالجزمة القديمة». مع العلم أن هذا العضو مطلوب إسقاط عضوية ابنه واستبدالها بالدكتور عمرو الشوبكى، ذلك بحكم من محكمة النقض وحسب الدستور، وحتى الآن لم ينفذ البرلمان الحكم! الشعب هو صاحب التفويض للبرلمان والشعب يحتاج إلى حل مشاكله حتى تسير المركبة بسلام وبالجميع. فلا وقت لهذه المهاترات وتصفية الحسابات فهذا لا ولن يكون فى صالح الجميع، خاصة فى الظروف التى يعيشها الوطن وتلك التحديات التى يواجهها الجميع. «لماذا لا تكون الجزمة جديدة وليست قديمة»!.