كالعادة، صدر تقرير الخارجية الأمريكية الخاص بحالة حقوق الإنسان فى دول العالم، ومن بينها مصر بمجموعة الكليشيهات والتعبيرات الانتقادية التى يحفل بها التقرير سنويا، فيثير بعضها الغضب من عدم موضوعيته وبعضها السخرية من اعتماده على مصادر إعلامية مجهلة وبعضها الآخر يثير الجدل نظرا لاعتماد وجهات نظر سياسية منحازة ومعايير غير موضوعية فى رؤية حالة حقوق الإنسان بمفهومها الشامل فى مصر ودول العالم. تقرير الخارجية الأمريكية حدد ثلاثة تهديدات قائمة، اعتبرها أهم مشكلات حقوق الإنسان فى مصر خلال العام الماضى، أولها التهديدات المتعلقة بحقوق المرأة، وثانيها، عدم مقاضاة مرتكبى العنف ضد الأقليات الدينية، وثالثها، التهديدات المتعلقة بحرية التعبير والصحافة، وتكوين الجمعيات.
واتهم التقرير السلطات المصرية بالاستخدام المفرط للقوة والتعذيب من قبل قوات الأمن دون إجراء تحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان، وقمع الحريات المدنية والاعتقال التعسفى واستخدام المحاكمات العسكرية للمدنيين، وفرض قيود على حرية الإعلام والاعتقاد والتمييز المجتمعى ضد النساء.
ولا يمكن بأى حال من الأحوال التعامل بجدية مع ما أورده التقرير حول وجود تهديدات متعلقة بحقوق المرأة، بعد مجموعة الإجراءات التمييزية الإيجابية التى تتخذها الدولة تجاه تمكين الفئات غير القادرة، ومنها المرأة والأقباط، ورأينا عدد أعضاء مجلس النواب غير المسبوق من النساء والأقباط كما رأينا المرأة فى أكثر من منصب وزارى، بل إن ترشيحات رئاسة الوزراء امتدت لتشمل عددا من الوزيرات المجتهدات، ورأينا تعيين المرأة لأول مرة فى منصب المحافظ.
ولا يمكن أيضا التعامل بجدية مع الاتهامات حول عدم مقاضاة مرتكبى العنف تجاه الأقليات الدينية، فمن تحارب الدولة بمسلميها ومسيحييها إذن؟ ومن يدفع الثمن من دماء أبنائه مسلمين ومسيحيين فى هذه الحرب ضد المتطرفين والتكفيريين الذين دعمتهم الإدارة الأمريكية طوال السنوات الماضية؟ على الخارجية الأمريكية أن تخجل من ممارساتها وجرائمها فى دعم التنظيمات الإرهابية التى تستهدف الشرطة والجيش والأقباط فى مصر قبل أن تتحدث عن مقاضاة مرتكبى العنف ضد الأقليات.
أما التهديدات المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام وتكوين الجمعيات، فلنا أن نسأل هل هناك قانون ينظم العلاقة بين الإعلام ومؤسسات الدولة؟ وهل هناك قانون ينظم إنشاء الجمعيات فى مصر ويحدد طبيعة عملها أم لا؟ وهل هناك التزام من مؤسسات الدولة بهذه القوانين أم توجد تجاوزات واستهانة بتطبيقها؟ أما الكلام المرسل المعاد عن حرية الإعلام وإنشاء الجمعيات فقد شبعنا منه ونعرف إلى أى هدف يسعى وكيف يستخدم وسيلة للضغط على الدولة، لكن مؤسسات الدولة لا تقبل ولا تستجيب لضغوط من أى جهة كانت والشواهد كثيرة، لذا فعلى الخارجية الأمريكية «أن تبل تقريرها وأن تشرب ميته»!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة