يحتاج الفلسطينيون إلى آلية تحرك سريعة ومدروسة لإقناع إدارة ترامب بخطورة ما تسعى له
منذ أن أطلق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وعده الانتخابى بنقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، والعالم العربى يتحسب لهذه اللحظة التى إن حدثت فستغير مسار القضية الفلسطينية بالكامل، لأنها ستضرب المطالب الفلسطينية العربية فى مقتل، فالرؤية العربية للحل تشتمل على أن القدس الشرقية ستكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، وبالتالى فإن نقل السفارة الأمريكية للقدس سيعقد الموقف، لأنه يعد اعترافا صريحا من واشنطن بأن القدس أصبحت عاصمة لإسرائيل.
كلنا ندرك بداية أن عملية السلام فى الشرق الأوسط لاتزال متعثرة، وأن هدف الوصول لتسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطينى الإسرائيلى على أساس حل الدولتين هو هدف بعيد، رغم الجهود العربية التى بذلت ولاتزال فى هذا الملف، ومنها بالتأكيد المساعى المصرية التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، على مدى الأشهر الأخيرة، وتحديداً منذ مايو 2016 حينما أطلق ما يمكن تسميته بمبادرة أسيوط لإحياء عملية السلام، والتى لاقت قبولا دوليا وأقليميا، وقام بناء عليها وزير الخارجية سامح شكرى بجوالات مكوكية لإسرائيل وفلسطين والأردن وعواصم عربية ودولية ذات صلة بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وكذلك الجهد الذى قامت به مصر فى مجلس الأمن من خلال عضويتها غير الدائمة بالمجلس لإعادة فتح أفق البحث عن حل عادل ومنصف للفلسطينيين وفقاً للأسس والمرجعيات الدولية المتفق عليها، لكن بقيت العقبات الإسرائيلية كما هى، خاصة تلك المتعلقة بزيادة البؤر الاستيطانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهو ما أعطى إشارة سلبية بأن السلام أصبح بعيد المنال.
زاد من تعقيد الوضع، ما سبق وأشرت إليه، والخاص بوعد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، فهذا الوعد حال تحقيقه سيعطى ميزة نسبية لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، ولكى نوقف حديث ترامب عند مجرد الوعد فقط، يحتاج الفلسطينيون إلى آلية تحرك سريعة ومدروسة لإقناع إدارة ترامب بخطورة ما يسعون له، وربما يكون قرار وزراء الخارجية العرب فى أعقاب اجتماعهم الدورى بالقاهرة الثلاثاء الماضى، والخاص بدعوة «جميع الدول» إلى الالتزام بالقرارات الدولية التى لا تعترف بضم إسرائيل للقدس وإلى عدم نقل أى سفارات إلى المدينة، هو خطوة جيدة فى هذا التحرك، الذى يجب أن يشمل جميع دول العالم وليس الولايات المتحدة فقط، مع تذكير هؤلاء بقرارى مجلس الأمن 476 و478 لعام 1980، ومبادئ القانون الدولى، التى تعد القانون الإسرائيلى بضم القدس ملغى وباطلا، وعدم إنشاء بعثات دبلوماسية فيها أو نقل السفارات إليها.
كما يجب أن نشرح للعالم كله أن إنشاء أى بعثة دبلوماسية فى القدس أو نقلها إلى المدينة، يعتبر اعتداء صريحا على حقوق الشعب الفلسطينى، كما أنه يمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولى واتفاقية جنيف الرابعة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وكذلك للفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية الصادرة بتاريخ 9 يوليو 2004، فضلا عن أن نقل سفارة أى دولة إلى القدس يخالف ما استقر عليه الضمير العالمى منذ سنوات، بأن إسرائيل هى دولة احتلال، وأن القدس الشرقية كانت ويجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.