طاهر الخولى

غضبة القضاة

السبت، 01 أبريل 2017 08:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أن عرفت البشرية القضاء كسلطة كان حتمًا ولازمًا استقلالها عن سائر السلطتين التنفيذية والتشريعية، فاستقلال القضاء يحد ويوقف توغل كل من السلطتين الأخريين، فحوت كل دساتير العالم بإبراز أهمية هذا الاستقلال ورسّخت مبدأ الفصل بين السلطات واعتبرت أن السلطة القضائية هى ملاذ وحماية الحريات العامة بدون اجتزاء على الحرية الخاصة، فعمل القاضى لا يقاس بغيره 
 
من الموظفين العموميين، ولا يعتد بالضوابط المعمول بها فى شأن واجباتهم الوظيفية تجاه وطنهم.
 
وقد فزعنى ما يسعى إليه مجلس النواب، من سعيهم الدؤوب لتعديل قانون السلطة القضائية بشأن اختيار رؤساء الهيئات القضائية دون مراعاة الأقدمية التى هى ركيزة السلِّم القضائى ليس فى تولى المناصب القضائية، وإنما أيضًا فى توزيع الدوائر القضائية ناهيك عن اصطدامها بقواعد دستورية وهى المواد 5، 94، 139، 184، 185 من الدستور.
 
فإلغاء قاعدة الأقدمية بتولى المناصب القضائية العليا تصطدم بثوابت وأعراف قضائية قديمة ومستقرة، سواء داخل المجتمع القضائى أو فى درجات السلم القضائى، وقد أكدته المذكرة الإيضاحية لقانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943 بقولها:
 
ذلك أن من طبيعة القضاء أن يكون مستقلًا، والأصل فيه أن يكون كذلك وكل مساس بهذا الأصل من شأنه أن يعبث بجلال القضاء 
وكل تدخل فى عمل القضاء من جانب أية من السلطتين التشريعية والتنفيذية يخل بميزان العدل ودعائم الحكم، فالعدل كما قيل أساس الملك، وفى قيام القاضى بأداء وظيفته حرًا مستقلًا مطمئنًا على كرسيه آمنًا على مصيره أكبر ضمانة لحماية الحقوق العامة 
أو الخاصة.
 
وتقضى التعديلات المطروحة من قِبل مجلس النواب، بأن يعين رؤساء الهيئات القضائية فى القضاء العادى أو النيابة الإدارية أو مجلس الدولة أو هيئة قضايا 
الدولة بقرار من رئيس الجمهورية، ويتيح اختيار رئيس كل هيئة قضائية من بين ثلاثة من نوابه ويرشحهم المجلس الأعلى للهيئة من بين أقدم سبعة نواب لرئيس الهيئة، وذلك لمدة أربع سنوات أو المدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب ولمدة واحدة طوال مدة عمله.
 
فمبدأ الأقدمية المطلقة هو العرف السائد والمعمول به بالسلم القضائى التدريجى، ومطابقًا تمامًا لفلسفة الدستور بشأن احترام مبدأ الأقدمية فيكون تولى المناصب القضائية بيد الجهة القضائية ذاتها وليس بيد رئيس الجمهورية الذى يعد فى قمة الهرم للسلطة التنفيذية.
 
فالدستور نصَّ على أن رئيس المحكمة الدستورية تختاره الجهة العامة للمحكمة، وأن منصب النائب العام يرشحه مجلس القضاء الأعلى فمن باب أولى أن يعين مجلس القضاء الأعلى رئيس محكمة النقض، شيخ القضاة، ثم يصدر قرارًا بتعيينه من قبل رئيس الجمهورية فإذن كان لا يحق لرئيس السلطة التنفيذية تعيين معاون النيابة العامة، وهى أصغر درجة قضائية، وأن دوره ينحصر فقط فى مجرد التصديق على تعيين أعضاء السلك القضائى، وهو ذات الدور أيضًا فى حركتى الترقى والتنقل لأعضاء الهيئات القضائية، فكيف بالله عليكم أن ينفرد رئيس السلطة التنفيذية بتعيين رؤساء الهيئات القضائية، شيوخ القضاة، أعلى المناصب القضائية، وهو ما يعنى أن رئيس السلطة التنفيذية لا يملك حق تعيين أقل درجة قضائية، وهى معاون النيابة لعلنى أجد إجابة لهذا التخبط والتعارض المنافى للمبدأ الدستورى الأصيل وركيزة أى دستور وهو مبدأ الفصل بين السلطات؟!
 
فهذا التعديل المقترح تحوم حوله من الشبهات حول استبعاد أسماء بعينها من تولى المناصب القضائية، فضلًا عن شبهة عدم الدستورية التى تحيط بالمشروع لاصطدامه بالعديد من نصوص الدستور، وخاصة المادتين 5، 185 والمبادئ العليا من الدستور، فإصدار هذا القانون دون موافقة الهيئات القضائية يعد تدخلًا صريحًا من قبل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية ويصطدم بقاعدة دستورية راسخة فى دساتير العالم، وهى مبدأ الفصل بين السلطات.
 
نعم نحن فى حاجة شديدة وماسة إلى تغيير  كل القوانين المتعلقة بالمنظومة القضائية والهيئات القضائية، مثل قوانين هيئة الشرطة والخبراء والطب الشرعى والشهر العقارى ويسبقها وعلى رأس أولوياتها جميعًا قانون العقوبات والإجراءات الجنائية الذى لم يولد حتى الآن دون إبداء أعذار مقبولة.
 
فنحن فى أشد الحاجة لتغيير المنظومة القضائية بكل أنواعها ودرجاتها القضائية لضمان المحاكمات المنصفة والعادلة وتطبيق حقيقى لسيادة القانون ولسرعة إنجاز الفصل فى القضايا وإعطاء كل ذى حق حقه، فالكل سواسية أمام القانون ترسيخًا لمبدأ العدالة الحقيقية وليست المزيفة.
 
وفى ظل مطالبات عديدة بتعديل أوسع لهذه القوانين لتتواكب مع حاجتنا الملحة وشديدة الإلحاح لتغيير كامل وواسع فى المنظومة القضائية التى تعانى من الكهولة والخلل فى تطبيق العدالة العاجلة والمنصفة للمجتمع المصرى.
 
وأود أن أطرح عدة تساؤلات على البرلمان المصرى وهى:
أين قانون الاستثمار ونحن فى أشد الحاجة إليه ويعد طوق النجاة للخروج من عنفوان الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تكوى الأسرة المصرية؟
 
أين قانون الإجراءات الجنائية الذى تم تشكيل العديد من اللجان والمؤتمرات منذ قرابة سنتين حتى الآن والمجتمع فى حاجة شديدة لتطبيق عدالة ناجزة ومنصفة؟
 
أين قانون المجالس المحلية التى ضربها وتمكن منها الفساد بكل أشكاله وأنواعه من أعلاها إلى أدناها ونحن فى أشد الاحتياج للنهضة بالمحافظات سواء على المحيط الاقتصادى والاجتماعى للنهوض بمستوى المعيشة للفقراء؟
 
أين قانون البناء والتراخيص للإنهاء على مجتمع العشوائيات والفساد الاجتماعى والأخلاقى والفقر الذى يُعد البؤرة الحقيقية لخلق مجتمع المنظمات الإرهابية وأننا فى ظل حرب طاحنة للإرهاب الأسود الذى يضرب البلاد من كل جوانبه؟؟
 
أين قانون الشباب والرياضة ونحن على قرابة سنين طويلة ندور فى فلك بطلان انتخابات اتحاد الكرة ومجالس إدارة الأندية وعدم الاستقرار الرياضى التى تشهده البلاد فى المنظومة الرياضية الفاشلة؟
 
فنحن فى أشد الاحتياج والحاجة إلى سرعة إصدار القوانين السابقة ويجب أن يعى البرلمان لضروريات المجتمع من قوانين ماسة وضرورية وملحة للنهوض به ولاستقراره سعيًا إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
 
أما طرح تعديل قانون السلطة القضائية بهذا الطرح هو انتهاك فاضح وصريح.
من قبل السلطة التنفيذية فى هذا التوقيت ودون حاجة ماسة إليه فهو فى غير محله الآن!
فغضبة القضاة قادمة لا محالة!!!









مشاركة

التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

القضاء

أى مساس باستقلال القضاء والفصل بين السلطات يعنى الرضوخ للفساد والاهمال والفوضى.. الامر المهم هل نعي مفهوم الاستقلال بمعناه الحقيقى

عدد الردود 0

بواسطة:

وائل

غضبة قضاة وغضبة محامين

حقا لا احد فى مصر فوق القانون بهذه العباره استهل نقيبه المحامين حديثه لعضو مجلس نقابق المحامين الاستاذ المحترم عبد الحفيظ الروبى «الروبي»: «عاشور» جدد كارنيهات آلاف المحامين بدون أوراق كشف عبد الحفيظ الروبي، عضو مجلس نقابة المحامين، عن وجود أهواء لدى سامح عاشور، نقيب المحامين، فى تطبيق ضوابط القيد الجديدة وتجديد الاشتراك. وأوضح أن نقيب المحامين كان قد اتفق معهم على تجديد القيد للمحامين المرموقين والمعروفين فى مصر بدون إرهاقهم بالشروط والأوراق، مشددًا على أن النقابة جددت لآلاف المحامين بدون تلك الضوابط. وأوضح "الروبي"، فى تصريحات لـ«الدستور»، أن نقيب المحامين رفض تجديد اشتراكه بالاسم، ونبه على أعضاء المجلس بأنه لو أتى بأوراق مصر كلها لن يجدد له، بسبب وجهات نظره المعارضة لبعض سياسات النقيب العام بالنقابة، خاصة في ما يحدث من إهانة للمحامين، وما يراه الشعب المصري جميعًا بسبب قرارات القيد المجحفة، مؤكدًا أنه قدم أوراقه المرة الأولى قبل 17 يناير الماضي إلا أن نقيب المحامين أوصى بتضييعها، ثم قدمها مرة ثانية بعدما أقنعه محمود الداخلى نقيب محامين جنوب الجيزة، لعدم إثارة بلبلة، وهذا ما حدث، إلا أن النقيب رفض التجديد. وتابع "الروبي": أن الأمر الذى زاد غضب عاشور هو إمضاؤه على الصيغة التنفيذية لقرار القضاء الإداري بشأن بطلان قرارات القيد، لافتًا إلى أن المجلس به 56 عضو مجلس أغلبهم يتضامنون معه، إلا أنهم لا يستطيعون إعلان موقفهم تجنبًا للخلاف مع النقيب العام، مردفًا بأنه أودع قيمة الاشتراك والعلاج فى حساب بنكي تابع لنقابة المحامين لإبراء ذمته المالية بشأن الاشتراكات

عدد الردود 0

بواسطة:

فريد

القضاه لحمهم مر وبلاش اعضاء مجلس الشعب يخوضوا حرب هما مش قدها

يعنى هو خلاص مجلس الشعب خلص كل القضايا وكل القوانين اللى معروضه مفيش حاجه باقيه الا القضاه .....المحامين غلابه ومقدور عليهم .....اما القضاه فلحمهم مر مش هايقدروا يستطعموه وقرصتهم والقبر ....فرجاء مفيش داعى لافتعال الازمات البلد مش ناقصه

عدد الردود 0

بواسطة:

شادى محمد المحامى

تحية شكر للحكيم عبد الحفيظ الروبى اللى انصف الضعفاء ورفض ان يكون غصن او فرع فى شجرة النفاق

ردا على تعليق رقم 2 بخصوص الرجل اللى حكى عنه وشاء القدر ان يعيش ويحيا فى زمن قل فيه الرجال فى زمن القابض فيه على قيمه ومبادئه كالقابض على الجمر ورفض ان يقف الا فى صف العدل اقول له هذه الروايه عن من باب التهوين عليه والترفيه عنه قيل "لحكيم " ذات يوم إذا قدر الله لك أن تكون من أصحاب صاحب النفوذ والسلطان وهو هنا فى نظرى نقيب المحامين >> فاحرص على ألا ترى ولا تسمع ولا تفهم ولا تحس ولا تحكم , وعليك دائما أن تكون في مرضاة هذا النقيب بالحق والباطل-فإذا رأيته راكبا كلبا فقل له: ما أجمل هذا الأسد: وإذا سمعته يقول سخفا فقل له: ما أروع هذه الآيات المحكمات: وإذا وجدته يرتكب الطيش والهوس فقل: أنه العدل الذي يزن الأمور بالقسطاس... واعلم أن شجرة النفاق , إ نما زرعت أول ما زرعت في ساحة ذى النفوذ والسلطه ... وليس أصحاب النقيب وأهل بطانته إلا فروع تلك الشجرة. وإ نما ينال الواحد منهم من الحظوة والرضا على قدر ما يبذل من نفاق , ويقدم من رياء , وهذه الحقيقة جميعنا نعرفها-ونفهمها جيدا , ولكن مصيبتينا أننا كثيرا ما أنسى فتحية شكر للاستاذ عبد الحفيظ الروبى عضو مجلس نقابة المحامين الذى رفض ان يكون غصنا او فرعا او ورقه فى شجرة النفاق ورفض ان يقف الا بجانب الحق والضعفاء ضد سلطان جائر

عدد الردود 0

بواسطة:

فؤاد

شهادة لوجه الله تعالى

مفيش حاجه عملها مجلس الشعب صح الا لجان تقصى الحقائق لما تركوا الكراسى ونزلوا فتشوا عن الفساد ساعتها شعرنا ان مجلس الشعب له قيمه اما عدا ذلك فهو والعدم سواء

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة