سعيد الشحات

محمد مهران.. بطل من مصر «3»

السبت، 15 أبريل 2017 07:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشار الطبيب الإنجليزى ومعه الضباط إلى محمد مهران بأن يبدأ فى الحديث وأمامه جهاز التسجيل، كان عرضهم الذى قدماه له من قبل هو، إعلانه سبه للقيادة السياسية فى مصر، على أن يأخذا ما سيقوله ويقوما بإذاعته إلى العالم كنوع من الحرب النفسية ضد مصر التى تقاوم العدوان الثلاثى «بريطانيا، فرنسا، إسرائيل» 1956، وكان تهديهم بأنه إذا لم يقم بذلك سيتم اقتلاع عينيه.
 
وبدلا من قول مهران كلام الاستسلام حسب رغبة الإنجليز قال: «أطلب النصر لمصر وقادتها على أعدائها وأعداء العروبة»، ويتذكر مهران ما حدث بعد ذلك: «أغلق أحدهم جهاز التسجيل ولطمنى على وجهى وسبنى وسب مصر وحملونى إلى غرفة العمليات، فوجدت ثلاثة أطباء وممرضتين ورجلا على مائدة العمليات وعليه غطاء أبيض، وحاولت أن استنجد بإنسانية الطبيب، وقلت له: ليس من أجل مصر أو بريطانيا ولكن من أجل الله الذى أنعم علينا بنعمة البصر، أرجوك خذ عينا واحدة وأترك لى الأخرى لأرى بها».
 
تجرد الطبيب من الإنسانية التى يجب أن يكون عليها أى طبيب مع المرضى ورد على توسل مهران: «أنت رفضت طلبنا ونحن أيضا نرفض طلبك»، ويتذكر مهران: «كانت هذه المشاهد هى آخر ما رأته عيناى، حيث إنهم قاموا بعدها بإجراء العملية، ولم أشعر بنفسى إلا فوق السرير وعيناى مربوطتان وأنا أصرخ لأن عينى فيها نار، وقالوا: «لقد نزعنا عينيك لتكون عبرة للى فى مصر وعلشان تبقى تعمل بطل»، ثرت عليهم أسبهم، وألعنهم وأصرخ: «تحيا مصر، يعيش جمال عبدالناصر، فضربونى على وجهى وشعرت بالعطش فطلبت شربة ماء، فوضعوا قطنة مبللة بالمياه على شفاهى ثم عادوا إلى الضرب والتعذيب».
 
بعد ارتكاب هذه الجريمة الوحشية، تم إعادة مهران إلى مطار بورسعيد ومنه إلى كازينو بالاس وكان هو مقر قيادة القوات الإنجليزية فى بورسعيد، ثم نقلوه إلى مستشفى «ديلفراند» ويتذكر مهران: «مكثت يومين فى المستشفى لا أسمع إلا أصوات الممرضات الفرنسيات وهن يعاملونى معاملة سيئة».
 
كانت المخابرات المصرية والمقاومة داخل بورسعيد تتابع الموقف، وترصد كل الخطوات التى تتم حول «مهران» فى المستشفى، وتقرر تهريبه منها وبالفعل تم وضع الخطة وبدأ التنفيذ، ويتذكر مهران: «بعد اليومين همست فى أذنى ممرضة مصرية بأن الفدائيين سيأتون لأخذى من المستشفى ففرحت بها، لأنها أول صوت مصرى اسمعه منذ فترة، وبعد قليل وجدت من يحملنى ويضعنى فى سيارة، وسمعت من يقول لى: «حمد الله على السلامية يا بطل، وأخبرونى بأنهم سينقلونى إلى القاهرة ولفونى فى بطاطين وحملونى إلى قطار المصابين وظلوا معى حتى القنطرة».
 
نجحت عملية تهريب مهران، ولم ينس أن يسأل الذين قادوه إلى القطار فى الطريق إلى القاهرة قبل أن يتركوه: ماذا ستفعلون مع الإنجليز؟ فردوا: «لا تقلق، النضال مستمر حتى يخرج الإنجليز مهزومين من مصر»، وفى القاهرة دخل مهران مستشفى العجوزة، وتم وضعه تحت رعاية طبية رفيعة أشرف عليها اللواء طبيب محمد نصار، والأميرالى طبيب فتحى الليثى، واللواء طبيب عبدالوهاب شكرى الذى كان يزوره يوميا، ولا ينس مهران الممرضات ودروهن الرائع معه وهن «فريسا، وقوت القلوب، وثريا، ويقول عنهن: «رعيننى وكأننى أخ لهن تماما».
 
فقد «مهران» عينيه وكان عمره وقتها نحو 18 عاما، وكان عليه أن يتهيأ لحياته الجديدة فى ظل فقد بصره، وبينما هو يتلقى علاجه، أخبره الدكتور فتحى الليثى مدير المستشفى بأنه هناك ناس سيزوره اليوم «ناس أحبهم ويحبونى» وكان الزائر جمال عبدالناصر.. فماذا حدث فى هذه الزيارة؟.
غدا نختتم






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة