سعيد الشحات

حمدى عبدالرحيم فى «الدائرة السوداء» «1»

الأحد، 02 أبريل 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أن تقرأ رواية «الدائرة السوداء» للمبدع حمدى عبدالرحيم، فهذا يعنى أن ذاكرتنا ستنتعش بما كان عليه حال مصر فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك، وستقودك أحداث الرواية إلى اليقين بأن شيئا كبيرا سيحدث فى مصر، وحدث بالفعل يوم 25 يناير 2011.
 
لا تنعش «الدائرة السوداء» ذاكرتنا بوصفها منشورا سياسيا، أو مكتوبا خطابيا مزودا بلغة خطابية زاعقة، أو نصوصا أيديولوجية محفوظة، ولا تشمل السرد التاريخى، أو استدعاء وقائع من أرشيف الصحف والمجلات، فلم يلجأ حمدى عبدالرحيم إلى أى من هذه الأدوات كى يذكرنا بالزمن الذى كان يواصل فيه مبارك استبداده، وبلغ نظامه درجة من الغرور جعلته يستخف بكل من يقول لا، وفى طليعة الذين قالوا «لا» حركات معارضة أهمها «كفاية» التى رفعت شعار «لا للتمديد، لا للتوريث» و«9 مارس» التى مارست دورها دفاعا عن «استقلال الجامعة».
 
يحرضنا «حمدى» على التذكر بكتابة روائية مدهشة بمعايير الفن الروائى، حين يستدعيها الأكاديميون لتطبيقها على أى نص روائى، وبمعيار أهم ألخصه فى «آهة الإعجاب»، التى تطلع من القارئ تلقائيا عند الانتهاء من قراءة أى نص إبداعى.
هذه الحالة هى عندى معيار وجدانى خالص ودون شوائب فى اختبار العلاقة بين القارئ والنص الإبداعى، الذى يقرأه ويتفاعل معه، سواء كان قصيدة شعر، أو رواية، أو قصة قصيرة، أو مقطوعة موسيقية، أو أغنية جميلة، أو لوحة فن تشكيلى، أى مجمل أشكال الإبداع، وأذكر أننى قرأت منذ سنوات دراسة للمفكر الكبير الدكتور زكى نجيب محمود حول فن التصوير هل هو: «حلال أم حرام»، أشار فيه إلى أن العرب يتذوقون الإبداع، خاصة فى الفن التشكيلى بصورة كلية فى الوهلة الأولى، ثم يذهبون إلى التجزؤ فيما بعد، بمعنى أن «آهة الإعجاب» أو عكسها تأتى من النظرة الأولى، وبعدها يأتى التأمل الذى يتمثل فى البحث عن الجزئيات التى كونت الكليات، وعلاقة كل جزئية بالثانية لتعطى فى النهاية لوحة فنية جاذبة ومتكاملة، استطاعت أن تنتزع آهة الإعجاب فى النظرة الأولى.
 
انتزعت «الدائرة السوداء» آهة الإعجاب منى فور أن انتهيت من قراءة آخر مشهد فى الرواية، وهو بين الدكتور مالك الجندى أستاذ الأدب العربى القديم، ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وليلى عمر الناشطة بحركة كفاية، كانت تبكى وهى تقول له: «أبشع كوابيسك تحقق، لقد وصل إلىَّ الجهاز، و«عقيد منه» سيزور أهلى غدا ليطلب يدى، هو قالها بلسانه: «ستكونين لى»، قد يكون توقف قلب مالك عن النبض هو الذى دفعه إلى احتضان ليلى، احتضنها لكى تهدأ ولكى يعود النبض إلى قلبه، وعندما شعر بأنه لا يزال على قيد الحياة، قال: لا أريد الآن سماع المزيد، أنا معك ولن أتركك لكلاب جهنم، تشبثت ليلى بحضنه وهى تقول: ليس أمامنا الآن سوى الهروب، سنهرب إلى الصحراء التى تحبها، سنتزوج ونرتاح قليلا، ثم نعود معا لمواجهة أشرف». «أشرف» هو ضابط أمن الدولة الذى قرر فجأة الزواج من «ليلى»، بالرغم من نشاطها فى «كفاية»، و«كفاية» كانت الأنشط والأقوى جماهيريا فى معارضة نظام مبارك، واستطاعت أن تكسر الطوق، وتحطم مسألة تخويف النظام بأدوات بطشه للناس من التظاهر، فخرجت بالمظاهرات إلى الشوارع تهتف «لا للتمديد، لا للتوريث»، قاصدة تجديد مبارك لترشيحه لرئاسة الجمهورية عام 2005، ورفضها لأى خطوات تستهدف توريث ابنه جمال للرئاسة، كانت «كفاية» شرسة فى معارضتها، وكان جهاز أمن الدولة شرسا فى مواجهتها، وكان أشرف نجمها الساطع، الذى لم يتوان فى استخدام أى وسيلة لتنفيذ مخططه بالقضاء على المعارضة عامة، و«كفاية» خاصة.
وغدا نتابع.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة