مع الدقيقة 120 يطلق الحكم المجرى، فيكتور كاساى، صافرة نهاية مباراة الأحلام بين ريال مدريد وبايرن ميونخ، معلناً فوز «الملكى» وصعوده إلى نصف نهائى دورى أبطال أوروبا، ثم يشاهد الجميع مشهدا راقيا حينما تصافح لاعبو الفريقين، وتبادلوا التهانى والمواساة، على الرغم من أن البعض كان ينتظر غضبا شديدا من نجوم البافارى ضد التحكيم بسبب حالات تحكيمية شائكة قد تكون السبب فى الخسارة، لكن المشهد جاء معاكساً للغاية. المشهد هنا يبدو عادياً عند البعض، خاصة أنه معتاد فى معظم الدوريات والبطولات الأوروبية، لكنه يقودنا نحن إلى مشهد تخيلى لو كان موقف هذه المواجهة بين الأهلى والزمالك، بالتأكيد ودون تفكير، لكنا على شفا حرب وتبادل الألفاظ غير الأخلاقية وتوجيه الاتهامات هنا وهناك.
مشهد الروح الرياضية العالية بين لاعبى الريال والبايرن، منحنا درسا أخلاقيا مجانيا لمن يريد درسا أخلاقيا.
نحن هذا الموسم تحديداً، نجد أن كرة القدم تواجه العديد من الأزمات، على الرغم من أن الدورى يقام بدون جماهير، وآخر تلك الانتكاسات معركة اتحاد الكرة الأخيرة مع الزمالك بسبب مباراة مصر المقاصة، ورفض مرتضى منصور رئيس «القلعة البيضاء» لعبها يوم الأحد الماضى وتهديده بتصعيد الأزمة إلى الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» بعد احتساب النتيجة 2/0 لصالح الفريق الفيومى، فقد وصل بنا الحال إلى اختلاق المشاكل بسبب موعد مباراة، والخروج بتصريحات هجومية غير أخلاقية بين الطرفين على مسمع ومرأى من الجميع، حتى أصبح العالم يرى «غسيل» الكرة المصرية علناً، فبعيداً حتى عن أزمة اتحاد الكرة والزمالك، تجد أن مباريات الدورى تشهد أحداث شغب بين اللاعبين والأجهزة الفنية، ناهيك عن الصراعات بين القيادات فى الأندية مع أنفسهم ومع مسؤولى اتحاد الكرة بسبب وبدون سبب من أجل كسب «بنط» أمام الجماهير للبقاء فى المنصب الذى يشغله، وهو ما يؤكد أن هناك «نقص» فى المفهوم الحقيقى، جراء المنافسات فى كرة القدم والهدف الأسمى من ممارستها.
فى الاتجاه الآخر، نجد معظم الدوريوت فى العالم تعيش فى هدوء وسكينة، ويكون الهدف الأول هو البحث عن المنافسة أو إثبات الذات، أما نحن نجد المشاكل والأزمات هى المسيطرة بدءاً من فترة الانتقالات الصيفية، التى تسبق انطلاق الموسم الجديد، مروراً بأزمات التحكيم أثناء المباريات، والكوارث الكروية التى تصاحب مواجهات الأهلى أمام الزمالك والإسماعيلى والمصرى، والاتهامات المتبادلة بالمجاملات بين اتحاد الكرة تجاه أندية بعينها، وحتى وصول التشجيع فى المدرجات إلى أسوأ درجات الانحدار. كل هذه الأمور تقودنا إلى التساؤل، ما أسباب تدنى لغة الحوار بين جميع الأطراف على الساحة الكروية فى مصر؟ لماذا نقطف من الاحتراف أسوأ ما فيه؟ وغيرها من الأسئلة الكثيرة تحتاج إلى إجابات، لكن ليس الأهم أن نجيب عليها فقط أو نبحث عن أسئلة للإجابة عنها، فكل هذه الأمور تحتاج إلى حلول جذرية بدلاً من المسكنات المؤقتة. الأمر أصبح موجعاً لدرجة اغتصاب العقول، نحن نحتاج أشياء كثيرة، وقفة حاسمة بوضع ضبط وربط للمسابقات المحلية وتنفيذ اللوائح، وفقاً لقوانين «فيفا»، وجود توعية لجميع اللاعبين بقواعد وقوانين التعاقد مع نادٍ جديد، توعية الجماهير بالتشجيع المثالى والبداية من مجالس إدارات الأندية وغيرها من الأمور المعلومة للجميع.
الحلول لا تحتاج إلى سحر أو شعوذة أو الاستعانة بصديق أو انتظار «عفريت» الفانوس السحرى، فالحقائق والقوانين واضحة كالشمس، كما أن المنافسات الكروية هدفها الأسمى هو بث روح الحب وليس الكراهية، فلا بد من وقفة حقيقية حتى نعود إلى الطريق الصحيح، وليس الجرى خلف مقولة «خالف.. تعرف»، والصوت العالى وغيرها من الأمور التى يكون هدفها الأول الاستفادة من الجنون الجماهيرى فى التشجيع، فيجب أولاً أن نكون صادقين مع أنفسنا، ونعترف بوجود الخطأ حتى نستطيع الوصول إلى الحلول سريعاً، وإلا فيبقى الوضع كما هو عليه، وعلى المتضرر أو الذى لا يعجبه الحال أن «يخبط رأسه فى أقرب حيطة»!
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الدروس
أهلا بالدروس حتي لو شلنا الضروس