من المعروف أن أفراد الأسرة يمكنهم مضايقة أو إزعاج بعضهم البعض، لكن هل يمكنهم بالفعل أن يؤثروا فى هرمونات بعضهم البعض؟.. هذا ما حاولت دراسة جديدة الإجابة عليه وكشفت أن الأزواج والشركاء داخل علاقات وثيقة يمكنهم ذلك.
فقد توصلت دراسة حديثة أجريت بجامعة ولاية "كاليفورنيا" الأمريكية إلى وجود تزامن وتناغم بين الأزواج فى مستويات هرمون التوتر العصبى، الكورتيزول، الذى ينتجه الجسم ردا على الإحساس بالخطر أو التحدى.. لكن هذا التزامن قد يكون فى الواقع إشارة إلى وجود مشاكل فى العلاقة.
وتقول داربى ساكسبى الأستاذ المساعد فى علم النفس بجامعة جنوب كاليفورنيا "من المعروف أن الأطفال الرضع ينسقون إيقاعات قلوبهم، ودرجة حرارة أجسامهم وانفعالاتهم مع إيقاع الوالدين.. وقد حاولنا فى الدراسة التى قمنا بها معرفة هل يوجد مثل هذا الاتساق أيضا بين الأزواج والشركاء البالغين أيضا".. وتوضح ساكسبى "لقد اختبرت الدراسة هذا السؤال على عينة من الأزواج الذين شاركوا فى مركز دراسات الحياة اليومية للأسر فى جامعة كاليفورنيا فى لوس أنجلوس".
فقد قام الباحثون بأخذ عينات من لعاب كل زوج من الأزواج بالإضافة إلى إفادة يومية عن حالتهم المزاجية على مدى عدة أيام.. وسجلوا نسب هرمون التوتر العصبى (الكورتيزول)، وتدوين تقارير المشاركين عن حالتهم المزاجية أربع مرات يوميا لمدة ثلاثة أيام، بما يساوى إجمالى 12 عينة.
وبتحليل البيانات وجد الباحثون أنه فى كل مرة يكون هرمون الكورتيزول عند أحد الزوجين أعلى من المعتاد، فمن المرجح أن يكون كذلك عند الشريك الآخر أيضا.. وتوضح رينا ريبيتى، مستشارة الدراسات العليا المشاركة بالدراسة، "إن هرمون الكوررتيزول لديه إيقاع يومى، حيث يرتفع معدله خلال مستويات الذروة فى الصباح ويبدأ فى الانخفاض على مدار اليوم"، مشيرة إلى أنه حتى بعد قيام العلماء بالسيطرة على الوقت الذى يتم فيه أخذ عينة اللعاب كل يوم، اكتشفوا وجود علاقة إيجابية قوية بين مستويات الكورتيزول بين الشركاء".
وتقول داربى ساكسبى "عندما نظرنا إلى تقييم الأزواج عن حالتهم المزاجية وجدنا أنها متزامنة أيضا، فإذا وصف أحد الأزواج مزاجه بأنه كان سيئا، كنا نجد أن مزاج الشريك الآخر كان سيئا فى نفس الوقت أيضا".. وتوضح ساكسبى "لقد اعتقدنا عند بدء الدراسة أن الهرمونات المتسقة عند الأزواج تحقق التناغم بين بعضهم البعض.
واعتقدنا أنه كلما كانت علاقتهما أفضل، كانت هرموناتهما أكثر ارتباطا، لكننا اكتشفنا العكس".. وتضيف "حيث كشفت الدراسة أن الأزواج الذين لديهم اتساق فى معدل هرمون الكورتيزول والذين كانت حالتهم المزاجية السيئة مرتبطة بشكل كبير، هم فى الواقع، الأزواج الذين أفادوا عدم رضائهم عن العلاقة. وعلى الرغم من أن هذه النتيجة فاجأت فريق الدراسة فى البداية، لكننا تنبهنا عندما تذكرنا أن الكورتيزول هو هرمون التوتر العصبى".
وتخلص الدراسة إلى أن الأزواج فى العلاقات غير السعيدة، هم الأكثر تفاعلا مع بعضهم البعض فى حالات الضغط العصبى والإجهاد والمزاج السلبى. بينما قد يكون الأزواج فى العلاقات الزوجية السعيدة، أفضل فى تهدئة بعضهم البعض وتحقيق التوازن فى انفعالاتهم، حيث إن أهم شىء يرغب فيه المرء عندما يعود إلى منزله فى مزاج سيئ، هو أن يقوم شريك حياته بطمأنته وتهدئته، لا أن يزيد من توتره.