قبل سنوات قليلة وفى زحام الربيع العربى، كان من الصعب على كثيرين التفرقة بين دعم التغيير ودعم الإرهاب. وفى العراق ثم سوريا نجحت منصات الدعاية للإرهاب فى توظيف الصور والفيديوهات المفبركة، لصالح إرهابيين من ارجاء العالم. واكتشف السوريون انفسهم كيف وقعوا فى فخاخ الدعاية، ليخدموا اهدافا غير ثورتهم.
مع الوقت لم يعد الخداع سهلا، ولا الأفلام والصور رديئة الصنع كافية لتكوين وجهات نظر مع أو ضد، خاصة وقد تكشفت تفاصيل كثيرة عن ستديوهات الدعاية والتى قدمت آلاف المشاهد والصور والأفلام اتضح انها قدمت موتى صحوا من الموت، ومشوهين ظهروا بكامل لياقتهم .
"لا احد يصدق كذاب". القصة الشهيرة لراعى الغنم الذى ظل يزعم وجود ذئب يهاجم الغنم ويكتشف الناس انه يكذب، حتى هاجمه الذئب فعلا فلم يصدقه الناس وقالوا " لا احد يصدق كذاب" . فيما يتعلق بفيلم الجزيرة الاخير والذى قدموه على انه تسريب لجنود يقتلون المتهمين او الارهابيين. وكثيرون ممن يناقشوا الفيلم وانه مفبرك انتقلوا الى ثانيا قبل "أولا".
أولا هو أن نفس القناة عرضت قبل أيام فيلما قالوا إنه لقناصة الإرهابيين يقتلون الجنود فى سيناء. وبعيدا عن انه تجميع لقطات من دول وأماكن مختلفة، تؤكد صناعته بشكل سىء، الأهم أن الجزيرة تعترف بأنها على علاقة بالإرهابيين وتتبنى وجهات نظرهم وتدافع عنهم بشكل واضح. وهو نفس المنطق الذى يحكم الفيلم الجديد.
الهدف من الفيلم الاول هو إثبات انتصارات الإرهاب، ويبدو أن الفيلم فشل فى تحقيق النتيجة، فكان الثانى والذى يتناقض مع الأول. فهو يتعاطف مع بطريقة عكسية. ولا يحتاج الأمر الى استعراض التفاصيل، ليكتشف انه تم تصويره فى نفس الصحراء التى تم فيها تصوير الفيلم الأول.
الاستراتيجية هنا واحدة من كل الأفلام واحد، مساندة التنظيمات الإرهابية، فإن فشلت عملية إظهار قوتها، فلامانع من استدرار التعاطف مع ابرياء افتراضيين. لكنه فى كل الحالات يكشف عن أن حرب الإرهاب أصبحت معلنة، وأن قناة الجزيرة وتوابعها، ضمن الجناح الإعلامى للإرهاب.ولم تعد قادرة على إخفاء كونها جزء من هذه الحرب، وهى تفاصيل ظهرت بشكل متوالى خلال الشهور الماضية.
اللافت هنا أن بعض ممن يخوضون فى التعليق والتحليل ، يقعون فى شباك الجناح الإعلامى للإرهاب، عندما يقفزون على كل عناصر الفبركة والتزييف الواضحة، وينتقلون الى مناقشات بعضها بحسن نية، ومن منطلق الخوف على حقوق الأبرياء،لكنهم ينضمون من دون ان يشعروا الى جبهة الدعاية للإرهاب.
مع الأخذ فى الاعتبار أن الاغلبية اصبحت تفرق بين موقف مختلف او معارض، وبين العوم فى نهر الإرهاب والتكفير. صحيح ان الخداع لم يعد سهلا كالسابق القريب، لكنها أيضا ليست حربا سهلة، وتدار بكتائب دعائية تتقاطع من انظمة ودول وشركات سلاح. ومواجهتها تحتاج العقل، اكثر من العضلات.