مصر تكافح الإرهاب بأجساد أبطال القوات المسلحة والشرطة والمواطنين المسيحيين، مصر تصنع الرجاء وتخرج كالعنقاء من الدمار، دماء شهداء مار جرجس فى طنطا والمرقسية بالإسكندرية تكشف لنا طريق الأمل عبر معرفة الأخطاء، أيضا قرية اللوفى سمالوط بالمنيا تكشف عن صورة أخرى من أعراض المرض، ففى الوقت الذى نكافح فية الإرهاب يقوم مجموعة من المتشددين بالقرية بمنع المواطنين المسيحيين من صلاة العيد، رغم وجود الشرطة بالقرية، ووصل الأمر إلى حرق زراعات المسيحيين وتهديدهم.
وللأسف يعود ذلك إلى أن الأجهزة التنفيذية بالمنيا تفاوض هؤلاء المتطرفين منذ شهور، وتحاول إقناعهم بحقوق المواطنين المسيحيين فى الصلاة؟!! وهكذا صار المتشددون ندا للدولة فى المنيا، ورغم أن الشرطة قبضت على البعض، وتوجد الآن بالقرية، فأين اليد الطولى للمتشددين والمعروفين بالاسم للأجهزة؟ ترى لماذا هذا التناقض بين الحكومة فى القاهرة وطنطا والإسكندرية «وممثلى الحكم فى المنيا وقنا»؟!!
زرت المنيا وسمالوط والتقيت بقادة دينيين وتنفيذيين وأمنيين، هناك «611» كنيسة تم فيها الصلاة بأمان وفى حماية الشرطة، ولكن توقفت كثيرا ليس أمام أن أهالى اللوفى لم يؤدوا صلاة العيد، ولكن لأنهم منعوا من الصلاة رغم وجود الشرطة بالقرية، ورغم إلقاء القبض على بعض المتشددين، ويقول لى أحد المسيحيين: «لم نصل العيد وفضلنا ف بيوتنا مخرجناش ويوم العيد تجمهر المتشددون، وفضلوا يهتفوا ضد المسيحية وضربوا بعض منازلنا بالحجارة.. وحالة رعب للجميع ده العيد لأقباط اللوفى، وحرقوا زراعاتنا والبيوت اللى فيها، والحمد لله ما كنش فيها حد، ومش عارف لولا وجود الشرطة كانوا عملوا فينا إيه».
هذه صرخة أحد أبناء القرية، والخطورة أن هذا الفيروس لا يوجد بالمنيا فقط، بل وشاهدناه فى العديسات بالأقصر بعد شائعة إسلام فتاة، وما كتبه الزميل دندراوى الهوارى بـ«اليوم السابع» 17 إبريل: وإذا كان العمد والمشايخ قد انهار دورهم، ولم يعد لهم تأثير من أى نوع، وأصبحوا موظفين بوزارة الداخلية يتقاضون مكافأة ثابتة قدرها 750 جنيها، فإن هناك ملاحظة أخطر، وتدعو للوقوف أمامها طويلا، بالرصد والبحث والمناقشة الهادئة، لإيجاد حلول لها، وهى «هل داعش استطاعت اختراق الطرق الصوفية وفى القلب منها قبائل الأشراف؟».
ويضيف: «إن وضعنا فى الاعتبار أن أفراد الخلية ينتمون لقبيلة الأشراف، أعرق القبائل ليست فى الصعيد فحسب، ولكن فى مصر كلها، وذات الميول الصوفية، والزهد والمتعارضة مع الأفكار الوهابية المتشددة والتكفيرية، وعلى خلاف فكرى شديد مع جماعة الإخوان الإرهابية وداعش والسلفيين وغيرها من الجماعات الشبيهة».
ويستطرد الزميل دندراوى الهوارى: «وقدرة اختراق داعش والتنظيمات التكفيرية لقبائل الأشراف أو الهوارة والعرب والجعافرة على سبيل المثال، وليس الحصر، إنما يمثل خطرا داهما يصل إلى حد الكارثة، فمجرد اختراق هذه التنظيمات للقبائل الكبرى، تستمد قوتها ونفوذها من نفوذ القبيلة التى ينتمى إليها العناصر التكفيرية، فلا يستطيع عمدة أو شيخ بلد الاقتراب منهم أو الإبلاغ عنهم، كما أن الأمن سيغض الطرف عنهم تحت شعار المواءمة وعدم الاصطدام بالقبيلة.
انتهى كلام الزميل دندراوى الهوارى، ولكن الذى لم ينته هو أن أول إنذار ومؤشر حول اختراق التنظيمات التكفيرية للقبائل فى قنا وفى 17 إبريل 2012، حينما تجمع أهالى قنا بأعداد غفيرة على طريق مصر أسوان السريع، وقاموا بقطعه وإغلاقه أمام حركة سير السيارات المقبلة من القاهرة إلى أسوان والعكس، وكذلك طريق قنا البحر الأحمر، وافترشوا الطريق، وأقاموا صلاة المغرب والعشاء عليه، مما أدى إلى توقف حركة سير السيارات تماما.
والأمر لم يختلف كثيرا عندما قامت مجموعات منهم بقطع مزلقان السكة الحديد بالقرب من ميدان سيدى عبدالرحيم نتج عنه قيام إدارة السكة الحديد بإخطار القطارات المقبلة والمغادرة بالتوقف إزاء قيام المواطنين بقطع المزلقان الرئيسى للمدينة.
يأتى هذا احتجاجا من أهالى قنا لأيام على التوالى لرفض تولى أمور المحافظة لمحافظ قبطى، وكانت قنا قد شهدت اعتصام التيارات الإسلامية والمدنية أمام ديوان عام محافظة قنا، ممثلين من جماعة الإخوان المسلمين، والتيار السلفى، والجماعة الإسلامية، وهدد عدد من أقطاب السلفيين عبر مكبرات الصوت ويناصرهم تيار الإخوان المسلمين بأنهم سوف يلجأون كعائلات لحمل السلاح، وفرض مطالبهم بالقوة فى حالة عدم الاستجابة لمطالبهم من جانب مجلس الوزراء والمجلس العسكرى، وللأسف استجابت الدولة المصرية لهم، ولكن الأهم هو أن تلك التيارات التكفيرية قبل داعش قد وجدت بيئة خصبة فى تلك الأوساط منذ أكثر من خمس سنوات.
ولكن كما قال الزميل دندراوى: كانت تلك التنظيمات: «تستمد قوتها ونفوذها من نفوذ القبيلة التى ينتمى إليها العناصر التكفيرية، فلا يستطيع عمدة أو شيخ بلد الاقتراب منهم أو الإبلاغ عنهم، كما أن الأمن سيغض الطرف عنهم تحت شعار المواءمة وعدم الاصطدام بالقبيلة».
القضية أخطر وأعمق من استهداف المواطنين المسيحيين، بقدر ما يستهدف الوطن من خلالهم، والخطير أن بعض أجهزة الأمن تدفع دماء غالية فى مواجهة الإرهاب، والبعض الآخر يتفاوض معهم تحت الشعار الذى كتبه الزميل دندراوى «المواءمة وعدم الاصطدام بالقبيلة»، ومن هنا تأتى الخطورة، الرؤية الخاطئة التى يدفع ثمنها أولا شهداء الأمن الأبرار، والمصلين العزل من المواطنين المسيحيين، اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد.