طارق الخولى

المواجهة التشريعية للجريمة القبيحة

الإثنين، 24 أبريل 2017 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن التحرش الجنسى هى الجريمة الأكثر قبحًا فى أى مجتمع، حيث باتت هذه الجريمة تهدد الأمن والسلم العام لمجتمعنا، فسارت تتآكل معها كل قيم وأخلاقيات ومبادئ عرفها الشارع المصرى عبر العصور، حيث لم يعرف المصريون هذه الجريمة بهذه الفاجعة، وبداية تحولها لظاهرة إلا منذ ثمانينيات القرن الماضى، فقد عرف المصرى القديم القوانين الوضعية، والتزم بها، فكانت الأداة المحركة للمجتمع، ومن خلالها ظل ميزان العدل مرفوعًا، فخاف الناس من مغبة العقوبات الصارمة التى تمارس على مرتكب الفعل المخالف.
 
ولما كان التحرش ظاهرة مرتبطة بالأخلاق، فقد ظهرت فى بعض البرديات القوانين التى أقرها المصرى القديم فى حالة الزنا، والشروع فيه، وكان المتحرش يحاسب كالزانى، حيث وصلت العقوبة للإعدام حرقًا، بالإضافة إلى أن المصرى القديم كان يميز بين فعل الزنا وفعل هتك العرض أو الاغتصاب، إذ يقرر أن الزنا لو تم بالغصب أو بالعنف كان الجزاء يتمثل فى قطع العضو التناسلى، أما لو تم بدون عنف، فإن الرجل الزانى كان يجلد ألف جلدة، والمرأة الزانية كانت يُقطع أنفها.
 
أما فى العصر الحديث، فلم تعرف مصر ظاهرة التحرش إلا فى العقود الأخيرة، فبالرغم من ندرة نسب المتحرشين فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وما يسبقه فى العصر الملكى، فإنه إذا ظهرت بعض الحالات، فكان يتم إلقاء القبض على المتحرشين، وحلق شعرهم، وإدخالهم فى وحدات عسكرية كتدريب إلزامى.
 
إلا أن المجتمع قد شهد تدهورًا أخلاقيًا على مدى العقود الثلاثة الماضية، حيث تفشت ظاهرة التحرش مع انتشار التدين الظاهرى، الذى جاء لنا محمولًا من بعض المصريين العائدين من سنوات العمل فى دول الجوار، حتى تحولت احتفالات الأعياد لمواسم ومهرجانات للتحرش الجماعى، فكان أول قانون رسمى قد وضع فى مواجهته فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور، حيث نص القانون على عقوبات تتراوح بين الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية، كما قررت عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه، وفى حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فى حديهما الأدنى والأقصى، أما فى حالة قصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، يعاقب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
 
أما وقد بات من الملح فى ظل استمرار تنامى هذه الجريمة القبيحة تغليظ العقوبات المنصوص عليها لمواجهتها، فقد تقدمت مؤخرًا فى مجلس النواب بمشروع قانون، ماهية التعديلات المقترحة فيه قد انصبت على النحو التالى: يتم استبدال نصوص المواد أرقام «306 مكرر أ، 306 مكرر ب» من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 بالنصوص الآتية:
 
مادة «306 مكرر أ»: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على سبعة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية.
 
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه، وفى حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فى حديهما الأدنى والأقصى.
 
مادة «306 مكرر ب»: يعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة «306 مكرر أ» من هذا القانون بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
 
فإذا كان الجانى ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة «267» من هذا القانون، أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه، أو مارس عليه أى ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه، أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر، أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا، تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تجاوز عشر سنوات، والغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه، فبالإضافة لتعديل المواد السابقة، تم فى مشروع القانون المقترح إضافة مادة مستحدثة لمواجهة التحرش بذوى الإعاقة، نعرضها فى مقال الأسبوع المقبل إن كان فى العمر بقية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة