شتان بين المُعلن والسرى، بين الحزب والتنظيم، بين الكيان السياسى والجماعة الأيديولوجية.. والفوارق بينهما لا تحتاج أن نحدث فيها بعضنا البعض، أو نذكر أنفسنا بها، لأنها باختصار كالفارق بين الحق والباطل، والسماء والأرض، والأبيض والأسود.
أقول ذلك بمناسبة الانتخابات الداخلية لحزب النور السلفى التى أجراها مؤخرًا، ووصفناها نحن بالسرية، واعتبر يونس مخيون رئيس الحزب – مع حفظ الألقاب- هذا الوصف كذب وافتراء منا عليهم.
وصف انتخابات حزب النور الداخلية بالسرية، تؤكده عدة شواهد، فقطار الانتخابات الداخلية للحزب انطلق فى نهاية شهر ديسمبر 2016، وأول خبر نُشر عنها كان فى 12 – يناير 2017 من خلال مصادر سلفية نقلت المعلومة لـ"اليوم السابع" وليس عبر منابر إعلام تابعة للحزب والدعوة السلفية، ليس هذا فحسب، بل هناك قاعدة عريضة من أبناء حزب النور- المعروف وسط التيار الإسلامى بـ"الزور" – تفاجأوا وعلموا بإجراء الانتخابات الداخلية لحزبهم من خلال الخبر المنشور فى "اليوم السابع" وليس من خلال قياداتهم.
فهل أعلن الحزب فى بيانات صادرة عنه أنه سيجرى انتخاباته الداخلية بداية انطلاق أولى مراحلها وكيفية تفاصيلها وآلياتها ؟ ولماذا اكتفى الحزب فقط بإعلان إجراء الانتخابات على أضيق الحدود داخل مقراته المهجورة ؟ ثم لماذا لم يدع الحزب الصحافة أو شخصيات إعلامية لمتابعة مراحل الانتخابات فى المحافظات كما يحدث فى أغلب الأحزاب الأخرى ؟! وهل أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات الداخلية لحزب النور الطعون وما هو حجم هذه الطعون وكيف تعاملت معها ؟ .. الإجابة على هذه التساؤلات بضمير مستريح "لا".. فمن حقنا إذاً نقول إنها انتخابات سرية .
وحتى نكون منصفين فقد أعلن الحزب عن آخر مشهد فى عملية الانتخابات ودعا وسائل إعلام معينة لحضوره، الأمر الذى يثير تساؤلات نأمل الإجابة عليها .. هل يصح أن يعلن الحزب عن آخر مرحلة فى انتخاباته الداخلية فقط لا غير؟ وهل حرص قيادات الحزب أن تكون جميع مراحل الانتخابات فى سرية دون شفافية، حتى لا يحدث منافسة فيتم تصعيد أهل الثقة وليس أهل الكفاءة؟ وهل الهدف من التعتيم وعدم الشفافية على مراحل الانتخابات دون المحطة الأخيرة من أجل خطة وضعها أهل الحل والعقد فى النور السلفى للإطاحة بغير المرغوب فيهم من المراكز القيادية؟ وهل الإعلان عن المشهد الأخير فى الانتخابات يعنى أنه لم يحدث أى انتخابات من أصل وما حدث هو اتفاق داخلى بين كبار وقيادات شيوخ الدعوة السلفية؟
وأخيرًا، فالذى قلل حدة كلامى للإخوة بالحزب السلفى فى السطور السالفة ورقق أصابعى على الكيبورد، جلسة جمعتنى بـأبو وجه بشوش "شريف طه" خلال انعقاد الجمعية العمومية، فالرجل مازال يتمتع بحُسن الدعوة وسعة الصدر وحفظ اللسان وطيب الكلام، ندعو الله أن يديمها عليه ويرزقنا بها.