إلى الذين دشنوا شعار الخزى والعار، «يسقط يسقط حكم العسكر»، نسألهم ما رأيكم الآن وأنتم ترون بأم أعينكم الجيوش فى العالم تحكم وتسيطر، وتزداد قدراتها وأهميتها فى المحافظة على الأوطان؟!
رأينا الجيوش فى معظم دول العالم لا تجلس أسرى فى الثكنات العسكرية، كما كان يطالب «نحانيح» ثورة 25 يناير، فقد شاهدنا الجيش الفرنسى ينزل شوارع باريس وباقى المدن الفرنسية عقب التفجيرات وعمليات الدهس التى ضربت قلب عاصمة الجن والملائكة، ورأينا الجيش البلجيكى ينتشر فى الشوارع عقب تفجيرات بروكسل، ورأينا الجيش البريطانى ينتشر فى شوارع لندن، وسائر المدن البريطانية، عقب حادث محاولة اقتحام البرلمان البريطانى، كما رأينا جيوش كل الدول التى طالتها العمليات الإرهابية تنتشر فى الشوارع، لتأمين البلاد.
ورأينا هرولة كبيرة من كل الدول لتخصيص ميزانيات ضخمة لتأهيل وتدريب وتسليح جيوشها، إدراكًا أن العالم بدأ فى خوض حربًا مع المجهول، وسمعنا وشاهدنا بأنفسنا دونالد ترامب رئيس أكبر قوة على سطح الأرض، أمريكا، أثناء استقباله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى البيت الأبيض مساء أول أمس، يقول نصًا: «نحن نبنى العلاقات بين جيوشنا لأعلى مستوى، بل لعله أعلى ما لدينا من أى وقت مضى، من طائرات وسفن حاملات طـائرات».
من هنا يتضح أن الدول الكبرى تعى قيمة الأمن والاستقرار، وضرورة أن يكون لها جيش قوى، يعمل على حفظ حدود الأوطان ويدافع عن أمنها واستقرارها، ويقف فى وجه كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن، وتلقينه درسًا قاسيًا.
هذه الحقيقة أدركها مبكرًا عبدالفتاح السيسى، عندما كان وزيرًا للدفاع، ورسخها عندما جلس على مقعد الرئاسة، حيث وضع خطة تأهيل وإعداد القوات المسلحة وتزويدها بأسلحة متطورة، ومنح الضوء الأخضر بأن تصبح مصر قوة إقليمية كبرى فى بعض الأسلحة، مثل البحرية، لتأمين الشمال والجنوب، وردع أية مخاطر تهدد الأمن القومى المصرى، بجانب منح التفوق للقوات الجوية، لتكون الذراع الطولى لمصر.
السيسى أيقن مبكرًا، ومن خلال قراءة جيدة للوضع الإقليمى المضطرب، بجانب استيعابه للمعادلة الخطيرة المتحكمة فى توازن القوى والحفاظ على أمن واستقرار الأمم، أن العمل على إعادة تأهيل القوات المسلحة المصرية، تدريبًا وتسليحًا، مسألة حياة أو موت.
لذلك فإن تقدير العالم واحترامه لمصر، إعجابًا من الأكثرية، وكرهًا من الأقلية، يأتى من قوة وقدرات الجيش المصرى، وإحباطه جميع المخططات التى كانت تهدف لتمزيق أواصل البلاد، وتحويلها إلى كانتونات صغيرة، تافهة، لا قيمة لها.
أيضًا تفاخر روسيا، والصين والهند بقدرات جيوشها، وإمكانياتها الكبيرة، ومدى ما تحظى به من احترام وتوقير من شعوبها، إنما يرسخ عقيدة أن الجيوش فى عالم الخوف والرعب والاضطراب بفعل جرائم الإرهاب الخطيرة، هى التى تحكم وتسيطر، ولها كل الحق، فعندما يسيطر الخطر على سماء الدول، لا حديث يعلو فوق صوت القوة.
هذه الحالة المهمة من تاريخ الأمم، كان يعيها الجميع إلا الخونة، الذين يحملون الكراهية لجيوش بلادهم، والعمل على تقزيم دورها، تحت شعارات ثبت بالدليل القاطع كذبها، وخبثها، وأن هدفها النيل من القوة الرادعة، والمانعة والقاطعة لكل يد تحاول العبث بأمن واستقرار الأوطان.
لذلك، أدركنا، وندرك نحن المصريون، أن الذين خرجوا فى مظاهرات تنال من الجيش المصرى، وتردد شعار الخسة والعار، «يسقط يسقط حكم العسكر»، كان الهدف واضحًا وهو قطع الذراع الطولى لأمن وأمان واستقرار مصر، مثلما يحدث فى سوريا واليمن وليبيا.
وأن كل من ردد هذا الشعار وحمل من المشاعر الكارهة، لجيش مصر، لابد من إدراجه فى قائمة «الخونة»، ولا يمكن اعتبار أن تدشين كراهية الجيش المصرى، عبارة عن وجهة نظر، وحرية رأى، فعندما يتعلق الأمر بمصير الدول، والمخاطر التى تهدد وجودها على الخريطة الجغرافية، فإن نقد ومعارضة الجيش تختفى تمامًا من قواميس السياسة وحرية الرأى والتعبير.
وسيقف التاريخ طويلًا، أمام ما تحمله الجيش المصرى من أعباء ومسؤوليات وانتقادات وإهانة الخونة من نشطاء وإخوان، ومجابهة مخططات خارجية قادمة من قطر وتركيا، وكيانات سياسية واستخباراتية، تحاول إسقاط الجيش المصرى فى مستنقع التفكك، انطلاقًا من أنه إذا أردت إسقاط دولة ابدأ بتفكيك وإسقاط الجيش أولًا مثلما حدث فى العراق.
وقالها السيسى عندما كان وزيرًا للدفاع، إن مصر لا قدر الله لو سقطت فإن الجيش يستطيع أن ينهض بها، ولكن إذا سقط الجيش فلن تقوم قائمة لمصر مرة أخرى، وهذه حقيقة أكدها التاريخ فى كل عصوره المختلفة، فبينما كانت مصر تمر بأحلك الظروف، كان جيشها يحقق انتصارات قوية ومدوية، تثير إعجاب الأعداء قبل الأصدقاء.
جيش مصر وخلال المرحلة المقبلة، وبعد زيارة الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وحفاوة الاستقبال، فإنه سيكون اللاعب الأساسى والمحورى فى إعادة الأمن والأمان ليس لمصر فحسب، ولكن للمنطقة بأكملها، وسيقف بالمرصاد لكل من يحاول تهديد الأمن المصرى، ومن قبله الأمن العربى.