أحمد إبراهيم الشريف

حكاية النورس جوناثان.. اصنع حريتك بنفسك

الأربعاء، 05 أبريل 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«أيها النورس جوناثان ليفنجستون، قف فى المركز ليُعلن خزيك وعارك على مرأى جميع رفاقك النوارس» لا تتخيل عزيزى القارئ أن الجريمة التى يعاقب من أجلها هذا النورس هى أنه تحدى قدراته وأراد أن يثبت أن النوارس قادرة على اكتساب حريتها والطيران بارتفاعات كبيرة وعدم الاعتماد على فتات الأسماك التى يلقيها الصيادون، لكن السرب كان له رأى مختلف.
 
إننا الآن نقرأ رائعة الكاتب الشهير ريتشارد باخ، والتى عنوانها «النورس جوناثان ليفنجستون» الصادرة ترجمتها عن دار الكرمة ترجمة الكاتب محمد عبدالنبى، وهى رواية رمزية تذكرنا بـ«مزرعة الحيوان» لجورج أوريل، فهنا يجعل «باخ» أبطاله مجموعة من النوارس يعيشون منذ آلاف السنين، وكلما حاول أحدهم أن يغير شيئا يقولون له «هذا ما وجدنا عليه آباءنا» بل وينبذونه ويطردونه خارج السرب حتى يعيش وحيدا ويموت وحيدا.
 
فى الحقيقة حاول «جوناثان» كثيرا أن يكون مثلهم وألا يفكر فى الحرية ولا يسعى لتجاوز الخط الموضوع لقدراته وأفكاره، لكنه لم يستطع أن يعيش تحت مبدأ السمع والطاعة دون تفكير، لذا قرر أن يفعل ما يراه صوابا أن يسعى ناحية الكمال وأن يتحمل فى سبيل ذلك الكثير من الألم والتعب والاتهام.
 
الجميل فى هذه الرواية أن النورس جوناثان لم يجلس فى مكانه على الشاطئ ويتحدث عن الأفكار العظيمة والرغبة فى التغيير، بل فعل ذلك بنفسه وبكثير من التعب، حيث كان يتدرب طوال الوقت على الطيران بسرعات فائقة والقيام بحركات لولبية لم يفعلها أحد من قبل وبكثير من الصبر والتدريب نجح فى كل ما أراده.
 
ما يميز النورس جوناثان أنه كان يعرف جيدا الهدف مما يقوم به ويتعلمه، فهو يريد لقومه النوارس المحبة للكسل والأكل والنوم وانتظار الموت أن تتغير رؤيتها لذاتها وللعالم المحيط بها، لذلك رغم ما فعلوه به من طرد ونبذ فإنه عاد إليهم وصنع العديد من التلاميذ الذين كانوا يساعدونه فى التعلم.
 
هذه الرواية الشهيرة التى حققت الكثير من المبيعات كان الناس يتبادلونها ويقرأونها، دون فصلها الرابع، الذى أضافه المؤلف، مؤخرا، وفيه خلاصة الأمر حيث يرى أن النوارس، التى هى نحن بشكل أو بآخر، لا تحب الحريات بل تسقط تحت أقدام التقاليد والعادات وصناعة الأساطير وحب التفاصيل التى لا يأتى من ورائها سوى الضعف والتخلف والتخاذل، فبعد موت النورس العظيم «جوناثان ليفنجستون» نظرت إليه الأجيال التالية على أنه «طائر ربانى» له عيون بنفسجية لا يشبههم وأصبحوا يقيمون الشعائر والتراتيل على روحه كل ثلاثاء، لكنهم لا يفكرون بطريقته ولا يتحدون أنفسهم كما فعل، بل شكك البعض فى وجوده أصلا، ونسوا مقولته الشهيرة «إن جسدك كله ليس إلا أفكارك.. اكسر قيود أفكارك وسوف تكسر قيود جسدك كذلك».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة