لا تدع هواك يغلب عقلك، ولا تهمل المهام فى دفتر الأولويات وتعلى من قدر التفاهات، فلا أنت بذلك تربح، ولا الناس بذلك تسعد، ولن تجد فى القادم، وقت الجد والحقيقة، من يصدقك، فكيف يصدق الناس من شاهدوه قبلا يغالب هواه عقله، ويقدم لهم توافه الأمور دون جدها؟
لا تفعل مثل هؤلاء الذين خطفتهم أساطير اللايك والشير على مواقع التواصل الاجتماعى، وتغفل صورة كاملة لزيارة رئاسية ناجحة إلى واشنطن، وتستقطع كلمة من السياق أو صورة من سياق أشمل لتجعل منها مدخلا للتشكيك فى نجاح زيارة السيسى إلى واشنطن.
رقميا وإحصائيا تقول كل المؤشرات إن زيارة الرئيس السيسى لواشنطن هى الأنجح فى سجل الزيارات الرسمية المصرية خلال سنوات طويلة مضت، على مستوى الشكل تبدو مراسم الاستقبال، والاحترام الذى أبداه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مناسبا تماما للصورة التى تحتاج مصر لاستكمالها فى المجتمع الدولى، وعلى مستوى التصريحات تبدو كلمات دونالد ترامب مهمة جدا، فى طريق التأكيد أن مصر الجديدة بعد 30 يونيو تتحرك وفق أجندة أولويات ترتبها مصلحة الوطن أولا، أساسها أن مصر تتعاون مع الكبار رأسا برأس ولا مجال للتبعية.
وعلى مستوى اللقاءات، اجتمع الرئيس مع كبار الإدارة الأمريكية والمؤسسات الدولية، بداية من رئيس البنك الدولى ومديرة صندوق النقد الدولى، ومرورا بوزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتياس ونخبة من أعضاء الكونجرس بغرفتيه، بالإضافة إلى مائدة مستديرة مع رؤساء كبرى الشركات الأمريكية، لكى تخبرنا صور تلك اللقاءات بأن القاهرة هى حجر الزاوية فى منطقة الشرق الأوسط عموما.
الرحلة الرئاسية إلى واشنطن أثبتت مجددا أن الرئيس السيسى نجح بالنسبة الكاملة فى إعادة رسم ملف العلاقات الدولية المصرى، فقد عاد بمصر من فترة قطيعة أفريقية، ومرحلة شك عربى، وأجواء قلق أوروبى وأمريكى إلى مكانة مصر الطبيعية كدولة يسعى الجميع للتعاون المشترك معها إدراكا لأهمية دورها فى المنطقة عموما.
فشل الإخوان فى أن يكون لهم صوت أو وجود ربما يكون واحدا من أهم مكاسب تلك الزيارة، فعلى غير العادة لم تفلح مؤامرات الجماعة أو «قلة أدب» عناصرها، أو أكاذيب إعلامها فى الشوشرة على الزيارة، وكان واضحا تماما وربما هذا هو المكسب الأهم أن الوفد الرسمى المصرى توجه إلى واشنطن بملفات جاهزة ووفق منهج وخطط واضحة وخطة تحرك مرسومة بدقة جعلته يفرض إيقاعا لشكل الزيارة والقمة بين السيسى وترامب بصورة تصب فى مصلحة مصر وصورتها الدولية أمام العالم أجمع.