قال الدكتور شوقى علام - مفتى الجمهورية - إنه فى مثل تلك الشهور الفضيلة، كشهر رجب من كل عام، تنتشر جملة من الفتاوى من أناس لديهم اتجاهات معينة، تضيق على الناس دينهم وتتهمهم بالبدعة؛ لأنهم يخصون شهر رجب أو غيره من الأشهر الفضيلة بمزيد من العبادات والطاعات، وهو أمر غير صحيح بالمرة؛ ووجَّه المفتى حديثه لهؤلاء المتشددين قائلًا: "اتركوا الناس على ما اعتادوا عليه من المذاهب الفقهية، واتركوهم يتعبدون لربهم ولا تضيقوا عليهم أمر دينهم".
وأضاف فضيلة المفتى فى برنامج "مع المفتي"، الذى يقدمه الإعلامى حسانى بشير على قناة "أون لايف" اليومَ الجمعة، أن تخصيص شهر رجب وغيره من الأشهر الفضيلة بمزيد من العبادات والطاعات، هو من المسائل الخلافية بين العلماء، مشيرًا إلى أن جمهور العلماء على أنه لا حرج فى ذلك، والقليل منهم يقول إنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن النبى لم يُتِمَّ شهرًا قط إلا رمضان.
وقال فضيلته: "إذن فالأمر فيه سَعة كبيرة، وينبغى فى الأمور المختلَف فيها ألَّا يُنكِر فيها أحدٌ على أحد، وأن تُترك المذاهبُ الفقهية الموجودة فى كل قرية من القرى أو قُطر من الأقطار على ما هى عليه"، موضحا أن العلماء عرَّفوا البدعة على أنها كل أمر مستحدث لم يكن موجودًا فى عهد النبى وليس له أصل فى الدين، لافتًا إلى أن قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد» معناه أن يكون قد أتى بشيء ليس مما أمر به رسول الله، أو يتعارض مع شىء أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال فضيلته: هناك أمور محدثة لم تكن على عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم ولكنها موافقة للشرع ولأوامر النبي، وهى أمور مقبولة؛ لقول النبى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: "مَن سَنَّ فى الإسلام سُنَّةً حسنة فله أجرها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة".
وأضاف أن الإمام الصاوى المالكى، وهو يتكلم عن قضية تفسِّر لنا قضية البدعة، ضرب مثلًا بمسألة الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم جهرًا بعد الأذان كما هى عادة المؤذنين قديمًا، ونصَّ على أنه من "البدع الحسنة"؛ لأن الصلاة على النبى مأمور بها شرعًا فى كل وقت وحين.
وحول تحجج بعض الموظفين والعمال بالصيام وأدائهم للطاعات فى هذه الشهور لتبرير التقصير فى أعمالهم ووظائفهم المكلَّفين بها أكد فضيلة المفتى أنه إذا كان صيام التطوع سيؤدى إلى الإهمال فى الأعمال والوظائف العامة؛ يجب تركه لأنه لا ينبغى للتطوعات أن تؤدى بالأمور الواجبة بالبطلان؛ لأن إتقان العمل المكلَّف به الموظف وأداءه فرض، والتقصير فيه يجعل الموظفَ آثمًا عند الله حتى لو كان فى حال طاعة.
وأكد مفتى الجمهورية أن رحلة الإسراء والمعراج ثابتة بنص القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية المطهرة بنصوص قطعية، كقوله تعالى فى سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]، وكذلك قوله تعالى فى سورة النجم عن المعراج: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى • عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 13، 14].
وأوضح فضيلته أن الخلاف الذى حدث بين العلماء ليس فى ثوابت واقعة الإسراء والمعراج، ولكن الخلاف هل أُسرى به بجسده وروحه، أم بروحه فقط؟ مشيرًا إلى أن كثيرًا من علماء الأمة على أنه أُسرى به بالجسد والروح معًا، وهو قول راجح تؤيده ألفاظ الآيات الكريمة، والمعروف أنه لا ينبغى أن نصير إلى غير الحقيقة إلا عند تعذر الحقيقة، فالآية: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ} تدل على كيان الإنسان كله: روحه وجسده.
وقال مفتى الجمهورية: إن صلاة النبى صلى الله عليه وآله وسلم بالأنبياء جميعهم فى المسجد الأقصى رسالةُ سلام قوية للعالمين أنه لا ينبغى أن يكون هناك صراع بين الأمم وأتباع الأديان، فرسالات الأنبياء جميعهم إنما جاءت من مشكاة واحدة لتدعو إلى توحيد الله عز وجل وعبادته وبث الأخلاق فى الأمم، كما أن رسالة الأنبياء هى رسالة السلام أما من حاد عن منهجهم فرسالتهم هى رسالة الحرب.
وأضاف فضيلته أن الصلاة التى صلاها النبى صلى الله عليه وآله وسلم بالأنبياء فى المسجد الأقصى، فضلًا عن رحلة الإسراء التى كانت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، تعطى دلالة على أن المسجد الأقصى له مكانة عظيمة فى نفوس المسلمين، ليس المسلمين فحسب، ولكن كافة الأديان السماوية؛ لأن الثابت أن جميع الأنبياء حجوا إلى بيت الله الحرام وأدَّوا المناسك، وكذلك صلَّوا فى المسجد الأقصى.
وأكد مفتى الجمهورية أن القضية الفلسطينية كانت -ولا تزال وستظل- فى وجدان الشعب المصرى والشعوب العربية جميعها مسلميها ومسيحييها، مشيرًا إلى أن الدعم المصرى للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى غير محدود وعلى كافة الأصعدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة