دخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة من التصعيد العسكرى بين القوى العظمى، عقب الاستهداف الصاروخى الأمريكى لمطار الشعيرات جنوب شرق حمص، بعد اتهامات المعارضة السورية لقوات الجيش بشن غارات جوية استخدم خلالها السلاح الكيماوى على بلدة خان سيخون فى مدينة إدلب.
ويعتبر التحول فى الاستراتيجية الأمريكية نحو التصعيد العسكرى بعيدًا عن الدبلوماسية أمر مقلق للغاية، فى ظل تعثر مفاوضات السلام المتعثرة فى جنيف وفشل مفاوضات أستانة فى وقف إطلاق النار والتصعيد العسكرى الأخير فى سوريا، وهو ما يمكن أن يدفع الأطراف الداعمة لبشار الأسد لعرقلة أى عملية سياسية فى المستقبل.
وأجمع عدد من المراقبين، على أن الجريمة التى استهدفت مدنيين أبرياء فى بلدة خان شيخون عبر السلاح الكيماوى مرفوضة، مؤكدين على أن الضربات الصاروخية الأمريكية ستؤدى لتعقيد المشهد السورى على المستوى والسياسى والعسكرى فى ظل تمسك أمريكا وروسيا برؤيتهم للحل فى سوريا التى تنزف منذ 7 سنوات.
ووجهت واشنطن عبر الضربات الصاروخية الأمريكية إلى مطار الشعيرات فى حمص رسالة شديدة اللهجة إلى كافة الأطراف فى سوريا، ولاسيما حكومة دمشق حول رفضها لاستهداف المدنيين بالسلاح الكيماوى، على الرغم من عدم تحقق الأطراف الدولية من الجهة التى استخدم السلاح الكيماوى فى إدلب، وهو ما كشفت عنه منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التى أكدت أنها فتحت تحقيق للوقوف على ملابسات الحادث.
وعلى الرغم من ترحيب غالبية دول الخليج والأردن بالضربات الصاروخية الأمريكية جاء التعليق المصرى متزن وحكيم فى ظل حالة انعدام المعلومات المؤكدة حول طبيعة ما جرى فى بلدة خان شيخون، حيث أكدت القاهرة على أهمية تجنيب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة، وذلك حفاظا على سلامة شعوبها، مطالبة بسرعة العمل على إنهاء الصراع العسكرى فى سوريا حفاظا على أرواح الشعب السورى ومقدراته، من خلال التزام كافة الأطراف السورية بالوقف الفورى لإطلاق النار، والعودة إلى مائدة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأوضحت وزارة الخارجية، أن مصر تتابع بقلق بالغ تداعيات أزمة "خان شيخون" التى راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء بتأثير الغازات السامة المحرمة دوليا، وما ترتب على ذلك من تطورات خطيرة.
ودعت مصر، من خلال بيان لوزارة الخارجية، اليوم الجمعة، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية إلى التحرك الفعال على أساس مقررات الشرعية الدولية، وما تتحلى به الدولتان من قدرات، لاحتواء أوجه الصراع والتوصل إلى حل شامل ونهائى للازمة السورية التى تفاقمت على مدار السنوات الست الماضية، وتكلفتها الباهظة فى الأرواح، وتشريد المواطنين السوريين واتساع رقعة التدمير، مؤكدة على أنه الأمر الذى بات ملحا لإخراج سوريا من المنزلق الخطير الذى تواجه، وذلك انطلاقا من مسئولياتهما تجاه حفظ السلم والأمن الدوليين.
وجاء العقاب الأمريكى لقوات الجيش السورى بعد ثلاثة أسابيع من إعلان القيادة العامة للجيش السورى، إسقاط طائرة إسرائيلية وإصابة آخرى خلال غارات لتل أبيب على سوريا، فيما نفى الجيش الإسرائيلى تضرر أى طائرة له.
البيان الصادر عن الجيش السورى، أكد على إقدام 4 طائرات للعدو الإسرائيلى فجر 17 مارس الماضى، على اختراق المجال الجوى السورى فى منطقة البريج عبر الأراضى اللبنانية واستهدفت أحد المواقع العسكرية على اتجاه تدمر فى ريف حمص الشرقى.
وأضاف البيان: "تصدت المضادات الأرضية للطائرات الإسرائيلية وأسقطت طائرة داخل الأراضى المحتلة وأصابت أخرى وأجبرت الباقى على الفرار".
ويربط مراقبون بين التحرك العسكرى الأمريكى بالمصالح الإسرائيلية فى المنطقة التى تستند على إضعاف الجيوش العربية فى المنطقة، ولاسيما الجيش السورى لإضعافه لتحقيق مصالحه وأجندتها فى المنطقة منها ضم هضبة الجولان إلى إسرائيل، وهو التحرك الذى تجلى فى اجتماعات الحكومة الإسرائيلية أبريل 2016 فى هضبة الجولان.
ولا شك أن التحرك العسكرى الأمريكى فى سوريا سيدفع المحور السورى – الروسى - الإيرانى لعرقلة أى عملية سياسية فى المستقبل والتأكيد على ضرورة مكافحة الإرهاب فى الوقت الراهن بعيدًا عن أى عملية سياسية للحل فى البلاد، وهو النهج الذى سيزيد معاناة أبناء الشعب السورى وسط وجود عدد كبير من الأجندات الإقليمية والدولية فى سوريا.