بحماس لا يعرف الكلل، واصلت الإيرانيات مشاركتهن فى الانتخابات الرئاسية منذ الإطاحة بنظام الشاه محمد رضا بهلوى عام 1979 على يد الثورة الإسلامية، يحتشدن أمام صناديق الاقتراع كل 4 سنوات لاختيار رئيس ما بين المحافظين والإصلاحيين على أمل انتزاع حقوق اجتماعية ولو بسيطة فى بلد يعيش تحت ولاية المرشد.
وبعد 38 عاما على الثورة الإيرانية، وفى وقت اعتادت فيه الإيرانيات على اليد الثقيلة لولاية الفقيه، انتقلت حالة التراجع فى حقوق المرأة من واقع الحياة اليومية الفعلى وتسللت كذلك إلى برامج المرشحين للانتخابات الرئاسية لإدراكهم أن إحراز أى تقدم يظل دربا من دروب الخيال فى ظل السيطرة التى يفرضها التيار المتشدد على مفاصل الدولة بما فى ذلك مؤسسة الرئاسة.
ومع آمال الحصول على فرص عمل دون تمييز جنسى، ونيل المزيد من الحريات الشخصية على الصعيد الاجتماعى، تتطلع الإيرانيات إلى الانتخابات المرتقبة والتى تنطلق الجمعة 19 مايو، ويستعددن للمشاركة فى التصويت فى الوقت الذى حمل فيه حسن روحانى الرئيس الحالى الذى يخوض السباق للفوز بولاية رئاسية ثانية تيار المتشددين مسئولية تراجع حقوق النساء داخل بلاده.
إيرانيات
وفى أحد مؤتمراته داخل العاصمة الإيرانية طهران، قال روحانى موجها حديثه لمنافسيه فى سباق الانتخابات: "هل تقبلون تشغيل النساء ؟.. أنتم فصلتم آلاف السيدات من العمل، وتسببتم فى ارتفاع معدلات البطالة فى أوساط الشباب".
روحانى الذى يمثل تيار الإصلاحيين وينافس 5 مرشحين آخرين من بينهم 3 يمثلون التيار المتشدد، حاول جاهدا على مدار الأشهر القليلة الماضية استقطاب النساء لضمان كتلتهن التصويتيه فى الانتخابات التى يراها مراقبون تحدد مستقبل الملف النووى الإيرانى وغير ذلك من الملفات المتشابكة.
إيرانيات فى حملة روحانى
وفى خطابه الأخير بمدينة أرومية، قال الرئيس الطامح فى ولاية ثانية "أنتم لا تعرفونهم ـ فى إشارة للمحافظين ـ أنا أعرفهم جيدا، هم يريدون إنشاء أرصفة للفصل بين الجنسين حتى فى الشوارع، بالطريقة نفسها التى اتبعوها للفصل بين الجنسين فى أماكن العمل"، موجها فى الوقت نفسه انتقادات للدوريات التى يتم تنظيمها فى الشوارع للتأكد من التزام النساء بالحجاب الإسلامى ومضايقتهن فى الطرقات حال عدم التزامهن بالشادور والزى التقليدى. وتابع "هذه الدوريات لا تحقق هدوء.. نريد هدوء واستقرار فى الشوارع وليس ترهيب".
النساء الإيرانيات فى الدعاية الانتخابية
وحرص روحانى خلال الفترة الماضية على تخصيص قاعات للنساء فى مؤتمراته الانتخابية، واصفا دور المرأة الإيرانية بـ"الملحمى"، وقال فى خطب سابقة "المرأة الإيرانية متى تواجدت فى ساحات البلاد حققت النصر للوطن.. والثورة الإيرانية انتصرت عندما نزلت النساء الإيرانيات إلى الشارع"؛ داعيا المرأة للنزول إلى صناديق الاقتراع، قائلا: "نحن اليوم وفى ظل الانتخابات القادمة بحاجة إلى توجه النساء نحو صناديق الاقتراع للفوز فى الانتخابات".
ورغم مواقف روحانى المناصرة لحقوق المرأة، إلا أن تلك الوعود لم تعرف طريقها حتى إلى برنامجه الانتخابى، وهو ما فسره مراقبون بافتقاد الرئيس الإيرانى للصلاحيات التى تمكنه من منح المرأة المزيد من الحقوق والحريات، حيث تحكم مثل هذه الأشياء جهات عليا يهيمن عليها رجال الدين المتشددين.
فى المقابل، ورغم تحمل تيار المحافظين القاسم الأكبر من مسئولية تراجع حقوق المرأة الإيرانية من ثورة الخمينى، حاول المرشح المتشدد، إبراهيم رئيسى، المعروف إعلاميا بمرشح المرشد استقطاب كتلة المرأة التى يعلم يقينا بانحيازها المسبق لمنافسه الرئيس حسن روحانى.
أنصار روحانى من النساء
واستعان رئيسى بزوجته وبناته فى المؤتمرات الانتخابية والتجمعات العامة للظهور فى صورة المناصر لحقوق المرأة، كما نشر مقطع فيديو على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى تويتر، تحدث خلاله عن زوجته جميلة علم الهدى وشهاداتها العلمية وكيف تعمل استاذة فى جامعة الشهيد بهشتى، وهو تقليد قلما يقدم عليه رجال الدين الذين لا يتحدثون عن زوجاتهم فى المقابلات الصحفية، فى وقت ظهرت فيه زوجة رئيسى فى مقطع الفيديو.
وقال رئيسى فى المقطع المصور الذى بلغت مدته دقيقتين و10 ثوان: "عندما أعود إلى البيت ولا أجدها، لا ألقى بالا، وعندما لا أجد عشاء معدا لى، لا أهتم، فأنا اعتقد صادقا بأن عملها يساعدها ويساعد البلاد.. وبأن لديها تأثيرا".
وعلى الرغم من ذلك، تجاهل رئيسى التعهد بمنح أى حقوق أو امتيازات للمرأة الإيرانية داخل برنامجه الانتخابى، ولم يمنحها أى تعهدات بمناصب أو وظائف أو غير ذلك، فيما تجاهل سائر المرشحين الأربع الآخرون الحديث عن المرأة بشكل عام فى برامجهم أو مؤتمراتهم الانتخابية.
وبموجب الدستور، بإمكان المرأة الإيرانية الترشح، إلا أن الممارسات على أرض الواقع، ووجود مجلس صيانة الدستور الذى يمتلك عما دونه من مؤسسات تحديد من يصلح ومن لا يصلح للترشح للانتخابات، يحول دون ذلك.
وعلى الرغم من القيود المفروضة على المرأة الإيرانية منذ عام 1979، إلا أنها تمكنت بفضل محاولات الانفتاح القليلة التى أقدم عليها رؤساء إصلاحيين من بينهم الراحل هاشمى رفسنجانى، والرئيس الإيرانى الأسبق محمد خاتمى، والحالى حسن روحانى، من الوصول إلى عضوية المجالس المحلية والبرلمان وشغلت منصب سفيرا فى بعض الدول، بخلاف منصب المتحدثة باسم الخارجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة