سعيد الشحات

وأين الحديث عن تطوير كل مراحل التعليم؟

الخميس، 11 مايو 2017 07:24 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعم مطلوب تطوير الثانوية العامة، ولكن من أين؟
كتبت قبل ثلاثة أيام عن نفس القضية فى هذه المساحة، تعليقًا على كلام وزير التربية والتعليم، طارق شوقى، أمام مؤتمر «التعليم» فى مصر، وتطرق فيه إلى أن الوزارة بصدد إحداث تغيير فى منظومة الثانوية، أهمها أن يكون المجموع تراكميًا على ثلاث سنوات، وإلغاء مكتب التنسيق، وراهن الوزير على أن التقييم التراكمى سيؤدى إلى إلغاء الدروس الخصوصية.
 
جاء كلام الوزير فى أجواء امتحانات النقل فى مراحل التعليم المختلفة «ابتدائى، إعدادى، ثانوى»، وكذلك فى توقيت امتحانات شهادة الابتدائية. وليس سرًا على أحد أن هذه الامتحانات تشهد مصائب كبيرة فى عمليات الغش، ومهما نقلت الصحف أخبارًا عن ضبط عمليات فى ذلك، فإنها لا تعبر إلا عن جزء بسيط جدًا عن الحالة المزرية التى تشهدها مدارس يتم فيها الغش بشكل جماعى، بما يؤكد أننا أمام مأساة تبدأ منذ المرحلة الابتدائية، وبالتالى فإنه إذا اختصرنا الحديث فى الإصلاح على الثانوية العامة دون الالتفات إلى ما قبلها، سنكون كمن يحرث فى البحر، وسنعيد كلامًا مكررًا قيل فى سنوات سابقة، دون الوصول إلى شىء حقيقى ناجز.
 
كل الدول المتقدمة فى التعليم تختار نظمها الخاصة للتعليم قبل الجامعى والتعليم الجامعى، غير أنها لا تنتبه أو تركز على السنة النهائية لشهادة الثانوية، التى ستعبر بالطالب إلى الجامعة، ولا تلتفت إلى ما قبل ذلك، فالخطط يتم وضعها للتعليم من المرحلة الابتدائية، وجميعها تتوجه نحو توفير المناخ الصحى للتلميذ منذ طفولته، بما يؤدى إلى فرز ميوله، وتوجيهها بالطريقة العلمية الصحيحة.. وعامًا بعد عام، يحدث التراكم لديه فى المجال الذى يحبه، حتى يصل باختياره إلى نوع التعليم الجامعى الذى يفضله ويتناسب معه، ومن هنا لا نقرأ عن أزمات التعليم فى هذه الدول، بل نسمع ونقرأ عن إبداعات جديدة تتم إضافتها، ونقرأ ونسمع عن اهتمام بالتلميذ فى كل شىء، فى السلوك، وفى القدرة على التحصيل، وفى ملاحظة أى تغير عليه. وأذكر أن قريبًا لى يعيش فى لندن، وعندما أخذ أسرته للعيش معه، ألحق ابنه الطفل بالمدرسة، وذات يوم تلقى خطابًا من المدرسة بضرورة التوجه إليها، فذهب ليجد نفسه أمام أسئلة لا تنته بسبب أن المدرسة لاحظت أن طفله تجاوب مع طلب لزميله بأداء حركة راقصة، والمشكلة التى رأتها المدرسة أن تجاوبه تم «دون تفكير»، وتلك هى المشكلة، وهناك قريب آخر لى يعيش فى النمسا، تأخرت طائرته، فتخلف أطفاله عن موعد بدء العام الدراسى، فكانت الاتصالات به فورًا من مدارس الأطفال لمعرفة السبب، وكان لزامًا على الأب إثبات أن أطفاله تخلفوا لأسباب قاهرة.
 
لا أذكر هذه الحكايات من باب التسلية، وإنما للتدليل على أن الدول التى تشق طريقها للتقدم تضع أساس تقدمها، بالاهتمام بالتلميذ منذ سنواته الأولى فى التعليم، وهو الحال الذى يجب أن نبدأ به، ولا يعنى ذلك الانتظار حتى يتحقق، ثم نبدأ الإصلاح فى الثانوية العامة، إنما مطلوب البدء فى عدة مسارات برؤية نافذة وعادلة، ليست كآراء الدكتور فاروق الباز مثلًا، الذى لا يتحدث إلا فى مجانية التعليم، ومكتب التنسيق كسبب بلاء التعليم، وحين نقلب هذا الرأى كتوجه لإصلاح التعليم سنجده ثرثرة فارغة، تتحدث باستعلاء على الفقراء، وتريد أن تضعهم فى كومة قش، وإشعال النار فيها للتخلص منهم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة