افتتح الرئيس الصينى تشى جين بينج اليوم الأحد، فى بكين قمة دولية حول "طرق الحرير الجديدة" تطمح إلى تعزيز علاقات بكين التجارية مع أوراسيا وأفريقيا.
وتهدف هذه القمة إلى إحياء طريق الحرير القديمة التى كانت تستخدم لنقل منتجات امبراطورية الوسط إلى اوروبا والعكس بالعكس، عبر آسيا الوسطى، على ظهور الجمال. وتقضى دورة 2017 التى دعت إليها الصين، إلى مناقشة مجموعة من الاستثمارات فى مشاريع للسكك الحديد والطرق السريعة والمرافىء والطاقة.
وتعقد هذه القمة فيما أجرت كوريا الشمالية صباح الأحد قبل ساعات من افتتاح القمة، تجربة على صاروخ بالستى، كما ذكر الجيش الكورى الجنوبى. وهذه اول تجربة تجريها منذ انتخاب الرئيس الكورى الجنوبى الجديد الاسبوع الماضى.
ويشارك قادة 29 بلدا فى القمة التى تعقد فى بكين، ومنهم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والتركى رجب طيب اردوغان، اللذان جلسا إلى يمين تشى جين بينج ويساره خلال حفل الافتتاح.
وحضر مئات الصحفيين الصينيين والأجانب إلى مركز المؤتمرات فى بكين، حيث اتخذت تدابير امنية مشددة.
وتعهد الرئيس الصينى شى جين بينج، بأن تقوم الصين بتقديم مساعدات بقيمة 60 مليار يوان (نحو 8.7 مليار دولار أمريكى) إلى الدول النامية والمنظمات الدولية المشاركة فى مبادرة الحزام والطريق لتنفيذ المزيد من المشاريع التى تساعد على الارتقاء بمعيشة شعوبها .
وقال شى -فى كلمته خلال مراسم افتتاح القمة - إن مبادرة الحزام والطريق لا تسعى إلى إعادة اختراع العجلة بل تهدف إلى تكامل الاستراتيجيات التنموية للدول المعنية عن طريق الاستفادة من نقاط قوتها، واصفا طريق الحرير وروحه بأنهما أصبحا إرثا نفيسا وغاليا تعتز به الحضارة الإنسانية.
وأشار إلى أن مسارات طريق الحرير -الذى كان يربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا ومتد لآلاف الأميال والسنين- يعد تجسيدا لروح " السلام والتعاون، والانفتاح والشمولية، والمعرفة والمنافع المتبادلة ".
وأوضح الرئيس الصينى أن بلاده ستضيف 100 مليار يوان لصندوق طريق الحرير، كما أن هناك بنكين صينيين سيقدمان قروضا خاصة بقيمة 380 مليار يوان (حوالى 55.1 مليار دولار أمريكى) لدعم التعاون فى إطار الحزام والطريق، بالاضافة إلى استضافة معرض الصين الدولى للواردات اعتبارا من عام 2018، حيث أن بلاده ستشجع المؤسسات المالية على القيام بأعمال صناديق الرنمينبى فى الخارج بقيمة حوالى 300 مليار يوان.
ودعا إلى أن يتم بناء الحزام والطريق كطريق للسلام، لأن السعى وراء تحقيق المبادرة وتنفيذها على أرض الواقع يتطلب إيجاد بيئة سلمية مستقرة، كما حث أن تكون المبادرة منفتحة حتى تتمكن من تحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المتوازنة.
ووصف شى المنتدى بأنه تجمع للعقول العظيمة لمناقشة التعاون المشترك والمساهمة، عن طريق المبادرة، فى جلب الخير للعالم، قائلا أنه منذ مئات الأعوام قام الاجداد باجتياز الصحارى والبحار لربط مختلف أنحاء العالم برا وبحرا لربط الشرق بالغرب، وبقايا السفن التى تم اكتشافها فى أندونيسيا تعد خير شاهد على هذا التاريخ المجيد لنشر السلام والتعاون والعلم والمعرفة والازدهار.
وأشار إلى ما قام به البحار الصينى الشهير تشينج خه من عصر اسرة هان لربط العالم شرقا وغربا وكذلك ما فعله ابن بطوطه البحارة العربى وماركو بولو الرحالة الايطالى، مؤكدا أن هؤلاء البحارة كانوا بحق رسل السلام على طريق الحرير".
وقال الرئيس الصينى أن طريق الحرير ربط الحضارات على ضفاف النيل ودجلة والفرات واليانجستى والنهر الاصفر ودعم تفاعل الحضارات ونشر الرخاء من أجل خير الانسانية وتقدمها، كما أنه ربط المدن القديمة فى الصين والعراق ومصر ودعم تبادل التجارة وتدفق المعرفة أيضا، وأدى إلى تبادل الشعوب السلع المختلفة مثل الحرير والخزف والورق، بالاضافة إلى نشر علوم الطب والفلك ومختلف المعارف والديانات.
وعلى هذا الطريق انتقل الاشخاص ورؤوس الأموال وازدهرت مدن مثل ألماتا وجوانجو والمدن الرومانية ومدن الشرق الاوسط مثل بغداد ودخلت أسرة هان الملكية عصرها الذهبى بسبب هذه التبادلات، مؤكدا أنه بالامكان البناء فى الوقت الحاضر على هذا الماضى المجيد من أجل مستقبل أفضل.
وأشار الرئيس الصينى إلى التطور الذى يشهده عالمنا اليوم، حيث ظهرت العولمة والتعددية القطبية وقال لم نشهد من قبل مثل الترابط والتبادل الذى نشهده اليوم بسبب العولمة، وتحدث عن العديد من التحديات التى تواجه شعوب العالم، داعيا إلى أن تكون التنمية أكثر توازنا وعدالة فى التوزيع، محذرا من خطر الإرهاب والفساد اللذان يمثلان تحديا كبيرا للحضارة الانسانية ويتطلبان التعاون من الجميع لمواجهتهما والقضاء عليهما.
وأوضح أنه منذ طرحه فكرة المبادرة للمرة الأولى عام 2013 وحتى اليوم استقطبت الفكرة أكثر من 100 دولة ومنظمة .. واليوم بفضل الجهود منا جميعاً بدأت تؤتى ثمارها.
ودعا شى إلى التكامل بين خطط التنمية الصينية وخطط التنمية فى مختلف البلدان فى العالم، لافتا إلى أن الصين وقعت اكثر من 40 اتفاقية تعاون مع مختلف الدول على طول الحزام والطريق وفى طريقها للمزيد.
وأشار إلى أن السنوات الأخيرة شهدت البدء فى تنفيذ الكثير من مشروعات البنية التحتية وخطوط السكك الحديدية فى أسيا وافريقيا وأوروبا، فضلا عن مد خطوط أنابيب النفط وذلك فى إطار المبادرة، وخلال السنوات الاربع الاخيرة شهدت الصين ودول الحزام والطريق الاخرى المزيد من الجهود لتوطيد الروابط التجارية وفى العامين الماضيين وصلت استثمارات الصين فى دول المبادرة عشرات المليارات من الدولارات.
ونوه شى باقامة البنك الاسيوى للاستثمار فى البنية التحتية للتعاون مع المؤسسات المالية الدولية القائمة مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وغيرها لتمويل مشروعات التنمية فى ارجاء العالم وهو الامر الذى يساعد فى تحقيق مبادرة الحزام والطريق.
كما تحدث عن التبادلات الشعبية قائلا أن هناك عشرة آلاف منحة تعليمية مجانية تقدمها الصين للدول النامية كل عام وهناك الاعوام الثقافية مع مختلف الدول، فضلا عن التبادلات الشعبية الأخرى التى تقرب بين الشعوب وتحقق مصالحها وتؤدى إلى رخائها، مشيرا إلى أن البداية فى تحقيق فكرة المبادرة كانت هى أصعب جزء، وقد قطعنا هذه البداية بالفعل وعلينا أن نستمر فى الاستفادة من الزخم الموجود لاستكمال بناء الحزام والطريق.
ودعا الرئيس الصينى من خلال تحقيق المبادرة إلى العمل على محاربة الفقر والظلم الاجتماعى والاهتمام بالتنمية والتكامل بين البلدان ودعم التعاون الصناعى والتركيز على المشروعات التعاونية الكبرى التى تدفع بعجلة النمو كما حث على خلق مناخ سليم وموات للاستثمار المستقر ودعم الربط الاليكترونى والانترنت والاستفادة من الثورة فى مجالات تكنولوجيا الطاقة والدفع باقامة المراكز اللوجستية ودعم الحوكمة العالمية ليعم الازدهار والرخاء العالم كله.
كما حث على تعزيز روابط التجارة لأنها أحد المحركات الأساسية للتنمية ودعا إلى الدفع باقامة مناطق تجارة حرة وحل مشكلات ومعوقات التنمية والعمل على التوزيع العادل لثمار النمو والتنمية.
وأكد الرئيس الصينى اهمية الابتكار والإبداع لتحقيق التنمية، داعيا إلى الدفع بتحقيق مختلف صور الابتكار التكنولوجى وبناء المدن الذكية وتعزيز التطوير التكنولوجى وتخصيص الموارد ومساعدة شباب المبتكرين على تحقيق احلامهم كما طالب بالاهتمام بالتنمية الخضراء وحماية البيئة.
ونوه بضرورة أن يكون الحزام والطريق رابطا لمختلف الحضارات ويؤكد على تعايشها وعدم صدامها من خلال التفاهم والاحترام المتبادلين، مشددا على أنه يجب على الجميع التعاون معا لخلق مستقبل أفضل للعالم والبشرية
وحضر أيضا إلى بكين رئيسا الحكومة الاسبانى ماريانو راخوى والمجرى فيكتور اوربان، على غرار رئيسى الوزراء الايطالى باولو جنتيلونى واليونانى الكسيس تسيبراس. لكن معظم المسئولين الغربيين لم يحضروا.
وأرسل أكثر من 100 بلد بالإجمال وفودا إلى الصين. وتتمثل فرنسا برئيس الوزراء السابق جان-بيار رافاران.