أحياناً نجد انفسنا أمام مواقف تحتاج منا إلى وقفة حقيقة، تحتاج منا أن نفهم ونتعلم ونطبق، وهذا ما حدث بالفعل كنت ماراً بأحد الشوارع الجانبية بالدوحة بمنطقة الهلال بالقرب من مسجد الجابر أمام إحدى الفلل وجدت أكثر من يافطة مكتوب عليها "خذ ما تحتاج" ومترجمة أيضا باللغة الإنجليزية لقد شدت انتباهى فاقتربت لأفهم ما المقصود ولاحظت أنها موجودة منها فى كل جوانب الفيلا، ولما اقتربت أكثر وجدت رصيف الفيلا مزروعة خضروات طماطم، جرجير، نعناع، خيار، بقدونس، كسبرة، وأنواع مختلفة من الخضروات وبجانبهم يوجد سلسبيل ماء وهنا وصلت الرسالة ..! ما أروع هذا المنظر ما أجمل هذا الشعور، الله على هذا العطاء، الله اكبر على هذا الفكر الكبير، نظرت إلى السماء ودعوت الله أن يبارك لصاحب هذه الصدقة الجارية، ثم أخرجت هاتفى وقمت بتصوير اليفط وأغلب الخضروات المزروعة لأنال شرف الكتابة عن هذا الموضوع المهم جدا لى ولكم والله كنت فى قمة السعادة بهذا العطاء الكبير والأجر العظيم الذى يرفع من قدر المسلم يوم القيامة.
من تلك الكلمات البسيطة والعمل الطيب غير المكلف "خذ ما تحتاج اليه" تعلمت أمورا كثيرة، أن العطاء ليس لأشخاص معينة أينما كانوا، بل أن تعطى كل شخص يحتاج لك بدون أن يطلب منك سواء عرفته او لم تعرفه وأن تنزع من قلبك كل حقد وتعطى بحب بلا حساب وهذا ما أسعدنى مبادرة صاحب الفيلا وليس بجديد على أهل قطر .
ومن هذا الموقف بالذات نتعلم دروسا وعبر يجب أن نطبقها فى حياتنا وننشرها قدر المستطاع لنفوز بالأجر والثواب قال أحد الحكماء : ليصمت من أعطى وليتكلم من أخذ. وقال الله تعالى : " إنما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلفة قلوبهم و فى الرقاب و الغارمين و فى سبيل الله و ابن السبيل فريضة من الله و الله عليم حكيم" (سورة التوبة / الآية 60 ) .
منذ شهرين تقريبا تعرضت لأكثر من حادث، بطبيعة عملى وتعاملى مباشرة مع الجمهور كنت أجد كل يوم ما بين هاتف وحافظة نقود وأشياء كثيرة ينساها بعض المصليين داخل المسجد وآخرها جوهرة ثمينة وتم تسليمها جميعاً للشرطة ثم إلى أصاحبها والحمد الله على هذا، ومن وقتها قررت أن أتاجر مع الله، إنها تجارة لن تبور ومع المواقف المتواصلة كافئنى الله تبارك وتعالى بترقية فى عملى وأشكر الله على فضله، بدأت عملى الجديد بجد واجتهاد وعطاء بلا حدود ومساعدة الجميع على قدر المستطاع فأصابنى الله أربعة حوادث متتالية والله على ما أقول شهيد : أولاً فقدت هاتفى والكاميرا الخاصة بى وعطل بجهاز الكمبيوتر وأخيرا راتبى، فقلت الحمد الله قدر الله وما شاء فعل الحمد الله على الصحة، والقادم أفضل مع أنى وقتها لا أملك ريالاً واحداً فى جيبى ثم رزقنى الله بعد عامين متواصلين من الكتابة بجائزة 1000 ريال وجاءت فى وقتها فقمت بشراء هاتف يفى بالغرض وأصلحت جهاز اللاب لأكمل كتاباتي، وتعلمت درس مهم وعبرة أن المؤمن مصاب وان العطاء ما دام خالصا لله مهما يأتيك الله من مصائب فأعلم أن الله يرفع عنك مصائب أكبر ومع الصبر ستجد الله معك، فالمعروف نفعله لمن نحبه ومن لا نحبه فبادر أخى بالعطاء وازرع حول بيتك بعض الشجيرات وبعض الخضروات واكتب "خذ ما تحتاج اليه" ، فالله أعلم كم جائع تطعمه وكم عابر سبيل تروى ظمأه وكم محتاج دعا لك وكم قلبا تمنى لك الخير.
يحضرنى موقف جميل حدث لأحد الأصدقاء حصلت له مصيبة فأرسل الله له رجل فساعده فى حلها وقال له الرجل ساعد ثلاثة واطلب من كل واحد أن يساعد ثلاثة ستجد نسبة كبيرة من القرية تنعم بالحب والمودة والتراحم والمساعدة ونقضى على الفقر والجهل والحقد بين الناس وننشر المحبة فبادروا بصناعة البسمة والأمل لمن يحتاجها تنعموا بخير الدنيا والآخرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة