قبل ساعات من انطلاق التصويت فى الانتخابات الإيرانية ، وفى وقت يسود فيه الصمت الانتخابى بعد سلسلة من المؤتمرات التى عقدها المرشحين الأربع الذين يتصدرهم الإصلاحى حسن روحانى، الطامع فى ولاية رئاسية ثانية، والمتشدد إبراهيم رئيسى الملقب بـ"مرشح المرشد"، أقدم رجل الدين المحافظ، حجة الإسلام على أكبر ناطق نورى على التقدم باستقالته من منصبه داخل مكتب المرشد الأعلى آية الله خامنئى ليثير موجة كبيرة من الجدل بعد تسريبات بشأن إقالته بسبب إعلانه عن دعم روحانى فى الانتخابات.
وفاجئ مفتش عام مكتب خامنئى، ناطق نورى، الجميع بقراره المفاجئ على الرغم من دعم المرشد والحرس الثورى للمرشح المحافظ إبراهيم رئيسى، الأمر الذى يرجح بحسب مراقبين كفة الرئيس الإيرانى حسن روحانى فى الانتخابات التى تنطلق فى تمام السادسة والنصف صباح الجمعة بتوقيت القاهرة، ويضع المعسكر المحافظ فى موقف حرج.
وقبل أيام خرج "نورى" فى تصريحات لصحيفة "آرمان" الإصلاحية، قال خلالها إن "روحانى هو الأصلح للرئاسة من بين كافة المرشحين، وسوف انتخبه".
وأثارت استقالة نورى الذى شغل منصب المفتش الخاص بمرشد الثورة منذ 1989م، وأصبح يمثل رقما مهما في السياسية الداخلية الإيرانية لاسيما فى الانتخابات الرئاسية، العديد من التساؤلات حول أسباب قراره فى هذا التوقيت، وأكد مصدر مقرب منه لوكالة أنباء إيرنا الإيرانية، أن رجل الدين الإيرانى البارز "ناطق نورى" الذى يشغل منصب عضو مجلس خبراء القيادة، تقدم باستقالته من العمل بمكتب المرشد الأعلى على خامئنى، وذلك عقب دعمه للمرشح الاصلاحى فى الانتخابات.
لكن المصدر نفى خبر إقالته بسبب موقفه السياسى من دعم الرئيس الاصلاحى، معزيًا السبب فى ألا يكون هناك ربط بين دعمه لأى مرشح واستغلال مكتب الزعيم الأعلى سياسيًا، قائلا "ينبغى ألا يتم استغلال مؤسسة الزعيم الأعلى كآداة لخدمة أهداف سياسية أو حزبية"، مشيرًا إلى أنه قدم الاستقالة قبل فترة ولم يتم الرد عليها حتى الآن.
وينتمى رجل الدين المحافظ ناطق نورى إلى جناح المحافظين المعتدلين، والذين شكلوا جبهة مؤخرا وأعلنوا دعمهم ووقوفهم إلى حانب المرشح الإصلاحى روحانى، أمام منافسه الأشرس إبراهيم رئيسى، المدعوم من المؤسسة الدينية والمرشد الأعلى.
ويرى مراقبون فى الشأن الإيرانى أن دعم نورى للمرشح الإصلاحى حسن روحانى ربما تسبب فى إحراجه تجاه منصبه الذى يشغله داخل مكتب الزعامة الدينية فى إيران، والتى تقف بثقلها إلى جانب المرشح المنافس لروحانى إبراهيم رئيسى، فضلًا عن مساندة الحرس الثورى وقوات الباسيج والمؤسسة الدينية له.
ومن جهة أخرى، ضربت فتنة الانسحابات الجبهة المحافظة فى الساعات الأولى من سريان الصمت الانتخابى مساء الأربعاء، صباح الخميس، وعقب انسحاب المرشح الاصولى عمدة بلدية طهران محمد باقر قاليباف، لصالح رئيسى، نشرت وكالات طهران الرسمية بيان لحزب مؤتلفى يعلن فيه انسحاب مرشحة مصطفى ميرسليم، لصالح إبراهيم رئيسى، وهو ما نفاه المرشح نفسه بعد ساعات من الجدل.
وفى بيان مقتضب وتسجيل صوتى بثته وكالة إيسنا عبر قناتها الرسمية على تطبيق "تلجرام"، نفى "مير سليم" انسحابه من السباق الانتخابى، وأكد استمرار خوض السباق، ودعا الإيرانيين لعدم الاهتمام بالشائعات، حتى التى تصدر باسم حزبه، وأن يتوجهوا لصناديق الاقتراع صباح الجمعة.
وبحسب مراقبين داخل إيران فإن شائعة الانسحاب ربما يكون قد أطلقها أنصار رئيسى الذين يعملون حتى الساعات الأخيرة على حشد الناخبيين من مختلف التيارات لرفع الكتلة التصويتة فى سلة المرشح رئيسى، وأن اطلاق الشائعات بانسحابه حيلة لجمع أصواته لصالح مرشحهم.
لكن استطلاعات رأى غير رسمية تشير إلى أن حسن روحانى سيفوز فى الانتخابات، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيحصل على أكثر من 50% من الأصوات كى يتفادى خوض جولة إعادة يوم 26 مايو الجارى، أم قد يضطر لحسم السباق خلال الإعادة، ففى الوقت الذى يستند فيه المرشح الأصولى على كتلة الحرس الثورى والباسيج والمؤسسة الدينية التصويتية، يعول روحانى على كتلة الشباب التى تشكل أكبر فئات المجتمع الإيرانى وجذب الأصوات الرمادية وحشد زعماء الاصلاحات البارزين لأنصارهم.