حسين عثمان يكتب: دراما الهجوم على دراما رمضان

الخميس، 18 مايو 2017 09:20 ص
حسين عثمان يكتب: دراما الهجوم على دراما رمضان حسين عثمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
موسم الهجوم على دراما رمضان بدأ مبكراً هذا العام، قبل بداية الشهر الكريم أو عرض مسلسلاته من الأساس، والحقيقة أن أشكال هذا الهجوم ورسائله، إن كشفت فإنما تكشف من جديد عن مدى إصرار بعض فئات المجتمع، المفترض أنها مسئولة بشكل أو آخر فى مواجهته، على التعامل مع أهله وناسه باعتبارهم ناقصى الأهلية، وما يزيد المعضلة تعقيداً، أن هجوم هؤلاء بات يأخذ نهجاً حاداً فى معظم الأحوال، يخلط الأمور ويغيب العقول ويهيج النفوس ويثير الأحقاد، ولا أبالغ إذا قلت إنه أحياناً يشكل أحد أنواع الإرهاب الفكرى، لصناع الدراما ومتابعيها، وأحاول هنا الوقوف بكم وقفة، نتناول فيها الأمر فى مجمله بهدوء.
 
من هى فئات المجتمع التى أشرت إليها فى مقدمتى؟.. والتى تنصب من أنفسها وصية علينا فى مواجهة دراما رمضان، كما فى غيرها من أمور الدين والدنيا، هم شيوخ محنة الإسلام، وهكذا أصر على وصف الحال، فلا أرى الإسلام إلا فى محنة هم شيوخها، ومعهم أعضاء مجلس النواب، ممن يحتاجون تعلم ألف باء النيابة عنا أمام الحكومة، وأخيراً المحامين الذين لم يشتهروا إلا بدعاوى الحسبة، والتى لم يمثل تاريخها إلا إحدى أدوات التكفير الممهدة للقتل أو النفى على أقل تقدير، ونقطة الاختلاف الأساسية التى أنطلق منها فى مواجهة هؤلاء جميعاً، أن عودة الوعى هى الحل، وليست الرقابة أو المنع أو الترشيد.
 
فمن يتصور أن الرقابة أو المنع أو الترشيد، لا تزال تمثل حلولاً فاعلة، ونحن نعيش فى مطلع القرن الحادى والعشرين، بكل ما يتسم به من ثورة مستمرة ومتجددة يوماً بعد يوم، فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أراه فى الحقيقة يعيش حالة انفصال عن الواقع، تستدعى أن يراجع نفسه، على الأقل حتى يستطيع هو أن يواكب عصراً صارت هذه ملامحه، شاء من شاء وأبى من أبى، دراما رمضان لا تستحق إلا التعامل معها بوعى، لا أكثر ولا أقل، ولكن ما أصعب أن نعمل على إعادة صياغة الوعى المصرى، فهو أمر يتطلب تنسيق وتكاتف الجهود الفاعلة، بينما آفات حياتنا العشوائية والتساهل والاستسهال.
 
ماذا يفعل الوعى؟.. يعود بك إلى آية الله فى خلقك، أن تعيش إنساناً حراً، تملك وعيك، فتملك إرادتك، فتملك قرارك، الوعى وحده يشكل قناعتك، بأن رمضان شهر عبادات فى المقام الأول، وهى حقيقة لا يختلف عليها اثنان، فتتجه إرادتك نحو الصلاة والصيام وقراءة القرآن نهاراً، والقيام والتهجد ليلاً، ويكون قرارك ألا تجعل أياً من أمور الدنيا يلهيك عن هذا، فتعتذر بهدوء عن دعوة على الإفطار، ولا تتجه لمشاهدة قناة هنا أو متابعة مسلسل هناك، ومهما تكررت وتوالت هواجس الانصراف عن العبادة، تجد نفسك ثابتاً متماسكاً مصراً على اختيارك، ولا تضعف تحت أى تأثير، فتزهو أول ما تزهو داخلك بأنك حر.
 
الوعى يجعلك تستوعب، أن الدراما صناعة، لها أهدافها وآلياتها ومقوماتها وأدواتها، ومثلها مثل أى صناعة، تقوم فى الأساس على الإنتاجية وتحقيق الربح، وما تنتجه أو تقدمه، هو فى النهاية سلعة، ينطبق عليها قوانين السوق، وفى مقدمتها العرض والطلب، ونسب المشاهدة لا تكذب، ومساحات الإعلانات وأسعارها لا تتجمل، رمضان موسم لصناعة الدراما، مثلما هو موسم لصناعة السلع الغذائية، وموسم لصناعة الأغذية والمشروبات بالمطاعم والكافيهات، وموسم لصناعة المخللات، وموسم لصناعة الملابس، وهكذا، وإن بلغت أجور النجوم أرقاماً خيالية، فلأننا ننتظرهم سنوياً، ونقبل عليهم، ونشاهدهم بدل المرة مرات، والدليل أن البعض منهم يختفى، ويذهب مع الريح، ويكون أحد أهم الأسباب، انصراف الجمهور عنه. 
 
 
استحضر وعيك، حتى تتفهم بهدوء، أن زيادة عدد المسلسلات من عام إلى عام، يعود ببساطة إلى أن عدد القنوات الفضائية يزيد هو الآخر سنة وراء أخرى، وألفت انتباهك هنا على سبيل المثال، إلى دخول شبكات تليفزيونية جديدة نطاق المنافسة الرمضانية لأول مرة هذا العام، وإثبات الوجود أمر منطقى، فى مواجهة منافسين، لهم رصيد سنوات عند المشاهدين، وزيادة تكلفة الدراما جميعها، أمر طبيعى بالتبعية طالما زاد عدد المسلسلات، أما محتوى ما يقدم، فهو الآخر تنطبق عليه قواعد الوعى، كما تنسحب عليه قواعد السوق، ومفاهيم العرض والطلب، مثله مثل النجوم تماماً هنا، ولا أراه إلا انعكاساً لتردى مستوى الوعى العام فى مجموعه.
 
الوعى يجعلنا نرى، أن غياب دور الدولة فى الإنتاج الدرامى، منح الفرص الذهبية للقطاع الخاص، ففرض قوانينه التجارية الربحية بالأساس، ولا نلوم هنا إلا على الدولة، ومعها أعضاء مجلس النواب، فمساءلة الدولة عن غياب دورها، أولى من مطالبتها بوقف عرض المسلسلات، وهى لا تملك هذا، جهود السادة النواب هنا مجرد هرى، ومثلهم المحامون أصحاب دعاوى الحسبة، تأملوا أيضاً التغير الملموس فى كتابة الدراما التليفزيونية، والتى كانت رواية أو قصة تتحول لعمل تليفزيونى، اليوم صار كتاب الدراما يفصلون للنجوم، ويكررون التيمات التجارية الجماهيرية الناجحة، وهذا ما جنته ورش الكتابة فى حق الدراما المصرية بشكل عام، مرة أخرى وليست أخيرة، خلاصة القول فى الوعى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة