سعيد الشحات

إسرائيل وصلاح الدين عند شاكر مصطفى «3»

السبت، 20 مايو 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يواصل المؤرخ السورى الدكتور شاكر مصطفى شرح وتوضيح ما تقوم به مراكز بحوث صهيونية من دراسات حول أسباب فشل الحملات الصليبية، وقدرة صلاح الدين الأيوبى على الانتصار فى موقعة حطين.
 
يقول «مصطفى» فى دراسته: «من الغزو الصليبى إلى الغزو الصهيونى وبالعكس»، إنهم يدرسون كتاب «أحكام الجهاد وفضائله» لعز الدين السلمى، وكتاب «الجهاد» لكاتب مجهول من العهد نفسه، وكتاب «الجهاد» الذى وضعه القاضى بهاء الدين بن شداد لصلاح الدين الأيوبى ضمن كتابه «دلائل الأحكام»، ويتساءلون: لماذا لم يضع «ابن شداد» فى هذا الكتاب كلمة واحدة عن القدس؟ ولا قال هو ولا أحد قبله: إن الجهاد من أركان الإسلام الأساسية إلا الخوارج وإلا علماء العصر المملوكى.
 
يضيف مصطفى، أن من بين ما تدرسه هذه المراكز، كل الكتب الصادرة فى هذه الفترة وتتحدث عن فضائل الشام والقدس ومقارنتها بمكة والمدينة، ولاحظوا أن الاسم فى زيارة مكة هو الحج وفى القدس لا أكثر من زيارة، ويحللون فى هذا السبيل خمسة وثلاثين كتابا تتحدث فى فضائل القدس والشام، ككتاب ابن الخورى «فضائل القدس الشريف»، وتقى الدين بن تيمية «قاعدة فى زيارة القدس»، والكنجى الصوفى «فضائل بيت المقدس وفضل الصلاة فيها»، وشهاب الدين القدسى «مثير الغرام فى فضائل القدس والشام» وأبى أسحق إبراهيم المكناسى «فضائل بيت المقدس» وعز الدين السلمى «ترغيب أهل الإسلام فى سكنى الشام»، وابن المرجى «فضائل بيت المقدس والخليل» وابن الفركاح إبراهيم الفزارى «بعث النفوس إلى زيارة القدس المحروس» ومجير الدين العليمى «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل».
 
وتدرس مراكز البحوث الصهيونية، دواوين الشعراء، ويلاحقون حتى الصغار منهم، لا يهملون المتنبى والمعرى، لكنهم يدرسون الغزى، وديوان ابن النبيه، وابن الساعاتى، وابن الخياط، وابن سناء الملك، والبوصيرى، وابن عنين، والبهاء زهير، وعمارة اليمنى، والملك الأمجد، وسبط ابن التعاويذى، وغيرهم ممن عاشوا الفترة الصليبية لعلهم يكشفون آثارها فى قوافيهم، ويدرسون مؤلفات العماد الأصفهانى، والقاضى الفاضل، والثعالبى، وابن جبير، ورسائل ضياء الدين ابن الأثير، وكتاب الإشارات للهروى، ورسائل ابن عبدالظاهر، وكتابات أسامة بن منقذ، وخطب عبدالرحيم ابن نباتة.
 
ويدرسون كتب الفقه والفتاوى، بخاصة التى أصدرها العلماء، كالإمام النووى، وكتاب المغنى لموفق الدين بن قدامة، ويدرسون ويسألون حتى السير الشعبية، ويرونها منجم المشاعر العميقة للجموع المقاتلة، يرون فيها المرآة الحقيقية.
 
ويتساءل مصطفى: هل فتح أحد منا قصة الأميرة ذات الهمة «سيرة المجاهدين وأبطال الموحدين»، أوسيرة عنترة، أو فتوح الشام للواقدى، أو فتوح الشام الأخرى للأزدى البصرى، أو قصة على نور الدين المصرى مع مريم الزنارية، ويجيب: «أنه سيرى فيها ما يكشفه الصهيونيون من المشاعر، إنهم يصلون حتى إلى تحليل النكات والنوادر».
 
لماذا كل هذا العناء والجهد؟ السؤال يطرحه «مصطفى»، ويجيب: «ليس العلم وحده هو ما يقصدون، وإلا كانت لديهم آلاف المواضيع الأخرى الجديرة بالدراسة، إنهم يتحسسون فى الصليبيات ونهايتها وجعهم، قلقهم، مصير الغد، إن عقدة الصليبيات تلاحقهم، تؤرق استقرار المشروع الصهيونى كله، السؤال الأساسى الذى يطرحونه أمامهم: كيف يتخلصون من مصير مملكة القدس الصليبية وتوابعها؟ كيف يأمنون من حطين أخرى مقبلة؟ يريدون أن يعرفوا كيف نبتت خيول حطين وامتطتها العواصف؟ كان الناس عند وصول الفرنج إلى الشام أكواما من الرمال ذرتها السيوف الصليبية مع الريح، فكيف تحول مواطنو الريح هؤلاء إلى كتل صخرية صلدة تحطم عليها الفولاذ الفرنجى فجأة ومرة واحدة؟
 
وختاما، وبالرغم من أن هذه الدراسة، مضى ثلاثون عاما عليها، وبالرغم من إسرائيل تعيش أزهى عصورها بسبب التخاذل العربى، إلا أنه علينا أن نتأمل كيف تعاملت مع «الحالة الصليبية» ومع «صلاح الدين الأيوبى وانتصاره فى حطين»، هى أخضعت كل شىء للبحث حتى لا يكون مصيرها كمصير الصليبيين، وحتى لا تتكرر «حطين» بصورة عصرية، وذلك بضرب سيرة رمزها التاريخى كما يفعل يوسف زيدان.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة