وسط منطقة متكدسة بالصراعات والحرائق التى تعصف بعدد غير قليل من بلدان العالم العربى بدءا من سوريا شمالا وحتى اليمن جنوبا، تستضيف الرياض، غدا، الأحد، زعماء أكثر من 50 دولة إسلامية فى قاعة واحدة مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لمناقشة بند رئيسى مواجهة الإرهاب الذى يستشرى فى المنطقة، فى لقاء يعد الأول من نوعه فى التاريخ المعاصر.
اللافت فى هذا التجمع الإسلامى الذى يجمع قادة إسلاميين من الشرق والغرب هو غلبة الطابع السنى على الحضور، حيث غابت إيران التى اعتادت الحديث باسم الشيعة مما أكسب القمة صبغة طائفية فى ظل سجل طهران السيئ بدعم وتأجيج الصراعات فى سوريا واليمن وبعض الدول الخليجية من خلال دعم الشيعة.
تلك الصورة التى سيتم التقاطها غدا للقادة الإسلاميين يتوسطهم الرئيس الأمريكى ترامب الذى يفتح صفحة جديدة من التعاون مع الدول الاسلامية والتعاون فى وجه الإرهاب وتقليم أظافر إيران، اكتملت بعد الخسارة التى منى بها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية على خامنئى فى الانتخابات الرئاسية التى جرت أمس، حيث خسر مرشح المرشد المتشدد إبراهيم رئيسى أمام الرئيس الإصلاحى حسن روحانى.
وما بين المشهد فى الرياض الذى سيبحث فى أحد بنوده الأساسية تحجيم التمدد الشيعى الذى تقف خلفه إيران وبين المشهد فى طهران وخسارة التيار المتشدد يبدوا أن عنوان المرحلة سيشمل مزيدا من الضغوط الدولية والإقليمية على إيران لإرغامها على رفع يدها عن قضايا المنطقة وتأجيجها للصراعات الداخلية كما تفعل فى سوريا والبحرين واليمن وترك القرار خالصا للشعوب من خلال التسويات السياسية.
وتحت عنوان "العزم يجمعنا" يجتمع القادة الإسلاميين فى الرياض كما أكد وزير الخارجية السعودى عادل الجبير لإيجاد شراكة حقيقية لمحاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، مشددا على ضرورة أن تتوقف إيران عن أعمالها العدوانية فى المنطقة، موضحا أن التصدى للسياسات الإيرانية سيكون أحد الموضوعات المطروحة خلال القمة الأمريكية الإسلامية، مبيناً أن القمة ستشهد افتتاح المركز العالمى لمكافحة الفكر المتطرف ومقره الرياض، كما سيقوم المركز على جمع المعلومات اللازمة للحرب على الإرهاب وتقديم المبادرات والأفكار والدعم فى هذا المجال.
وأكد الجبير أن الولايات المتحدة الأمريكية لها دور كبير فى مواجهة التطرف، حيث تتمتع بتقنية عالية ولها خبرات عسكرية كبيرة وتستطيع أن تقدم الدعم اللازم فيما يتعلق بالتحالف العسكرى الإسلامى، مشيراً إلى أن القمة ستعمل على زيادة التعاون بين التحالف العسكرى الإسلامى، الذى يتكون من 41 دولة والتحالف الدولى لمحاربة داعش بسوريا والعراق، الذى يضم 60 دولة من مختلف دول العالم.
وأكد وزير الخارجية عادل الجبير أن الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكى ترامب إلى المملكة العربية السعودية، ومشاركته فى أعمال القمة الأولى العربية الإسلامية الأمريكية، تعطى مؤشراً إيجابيًا ودلالة عميقة للعمل معاً فى الحدّ من التوتر فى المنطقة، وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان السماوية، وإيضاح القيم الإنسانية التى تتفق فيها من عدلٍ ومساواة ورحمة وسلام بين الشعوب.
وشدّد على الوضوح الذى أظهرته إدارة ترامب وتتطابق فيه الرؤية مع المملكة العربية السعودية، فيما يتعلق بالدور الأمريكى المؤثر عالمياً، وأهمية عودته إلى وضعه الطبيعى الريادى، وفيما يتعلق بالقضاء على الإرهاب ومواجهة التصرفات الإيرانية التى تغذى الطائفية وتعزز ثقافة العداء والاختلاف.
ووفقا لما هو معلن فإن القمة الإسلامية الأمريكية ستبحث كل ما يخص مواجهة الإرهاب وإرساء حلول لقضايا المنطقة خاصة سوريا واليمن فى غياب طهران، مما يعطى دلالة على أن الاجتماع يسعى إلى تحجيم الدور الإيرانى فى المنطقة وهى الرؤية التى تبناها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ أن أعتلى البيت الأبيض فى يناير الماضى.
واتبع ترامب سياسة واضحة تجاه ايران وحزب الله اللبنانى – ابرز الأذرع الشيعية لطهران بالمنطقة - تتناقض تماما مع سلفه باراك أوباما حيث هاجم الاتفاق النووى الإيرانى الذى تم توقيعه مع طهران والدول الخمس الكبرى بل وهدد بإلغائه، كما أبدى موقفا واضحا من حزب الله والذى تمثل فيما يقوم الكونجرس الأمريكى حاليا من اعداد قانون جديد يغلظ العقوبات على الحزب الشيعى لتجفيف مصادر تمويله فى ضربة موجهة بالأساس إلى حليفه طهران.
وخرجت صحيفة الحياة اللندنية فى افتتاحيتها اليوم بعنوان "إيران صاحبة التاريخ الأسود.. تغيب عن لقاءات مكافحة الإرهاب"، أن إيران تغيب عن المشاركة فى القمة الإسلامية - الأميركية التى تبحث تعزيز الأمن ووقف الفوضى فى المنطقة ومكافحة الإرهاب والتطرف الفكرى، إضافة إلى التأكيد على ضرورة السلام، وهى أول قمة إسلامية من نوعها بمشاركة الحليف الأمريكى.
وربطت الصحيفة السعودية بين استضافة الرياض للقمة، وسياستها التى وصفتها الصحيفة بأنها تعمل على صد التدخلات الإيرانية الخارجية فى شؤون الدول العربية، خصوصاً فى سورية والعراق ولبنان واليمن وأفريقيا، لافتا إلى أن قمم الرياض الثلاث، ستعزز العلاقات التاريخية من خلال الجهود المشتركة من التسامح والتعاون، والأسس التى وضعت لانطلاقة جديدة واعدة بمستقبل مشرق للجميع.
واليوم تقف طهران وسط هزيمتان احداهما فى عقر دارها بخسارة المتشددين وانتصار التيار الإصلاحى وآخرى من أكثر العواصم عداءا لها وهى الرياض التى تستضيف تحالفا اسلاميا امريكيا طُردت ايران من التواجد فى داخله، وبين هذا وذلك سيحمل المستقبل مزيدا من الضغوط الدولية والإقليمية على إيران لوقف تأجيجها الصراعات فى الشرق الأوسط، ولكن فوز الإصلاحيين الذين يعتمدون سياسة الحوار فى حل الأزمات والخلافات يعطى بادرة أمل لأن تنصاع طهران لحل الأزمات سياسيا ورفع يدها عن الدعم الطائفى للشيعة فى بؤر التوتر.