كثر الحديث مؤخرًا عن صلاح الدين الأيوبى، وذلك بعد أن تعرض له الدكتور يوسف زيدان مؤخرًا واتهمه بأنه أحقر شخصية فى التاريخ.. واليوم تمر ذكرى محاولة اعتياله على يد الحشاشين.
أراد الشيعة الباطنية (الحشاشون) قتل صلاح الدين الأيوبى، لأنه أسقط الخلافة الفاطمية، لذا تعاونوا مع الصليبيين للقضاء عليه.
فى عام 1174م أرسل رشيد الدين سنان جماعة من أتباعه إلى المعسكر الأيوبى فاكتشفهم أمير يدعى خمارتكين، فقتلوه، ووصلوا إلى خيمة صلاح الدين فى جوف معسكره، وحمل عليه أحدهم ليقتله، فقتل دونه، واستبسل الباقون فى الدفاع عن أنفسهم قبل أن يُقتلوا جميعًا.
ولم يتوقف رشيد الدين عن محاولات اغتيال صلاح الدين رغم فشل المحاولة الأولى، بل زاد تصميمه، فأرسل فى عام 1176م جماعة من أتباعه يتنكرون فى زى الجنود، فدخلوا المعسكر الأيوبى أثناء حصار قلعة عزاز، وباشروا الحرب مع جند صلاح الدين واختلطوا بهم يتحينون الفرصة لقتل صلاح الدين وفيما كان الجند مشغولون بحصار القلعة، مَّر صلاح الدين بخيمة الأمير جادلى الأسدى لتشجيع الجند على مواصلة القتال، فهجم عليه أحد الإسماعيلية وضربه بسكينه على رأسه، إلا أن صلاح الدين كان يلبس خوذته الحديدية فوق رأسه، فعاد الرجل وضربه على خدَّه فجرحه، فأمسكه صلاح الدين بيده وحاول تعطيله وهو مستمر فى هجومه وضربه إلى أن أدركه الأمير سيف الدين يازكوج وقتله، ثم هجم فدائى ثانى على صلاح الدين، فتصدى له داوود بن منكلان وقتله، ثم هجم فدائى ثالث لتنفيذ المهمة، فاعترضه الأمير على أبو الفوارس، وطعنه ناصر الدين محمد بن شيركوه وقتله وخرج رابع من الخيمة هارباً، فطارده الجند وقتلوه.
وتسبب هذا الحادث المفاجئ فى اضطراب صلاح الدين حتى أنه فحص جنوده جميعاً، فمن أنكره أبعده، ومن عرفه أقرَّه، وحرص حرصاً شديداً واتخذ تدابير احترازية صارمة وبالطبع، فقد كان للحادث أثر فى نفوس الجند، حتى أنهم توقفوا عن القتال أمام عزاز، وخاصة عندما أشيع أن صلاح الدين قد قُتل، وعلى سبيل الاحتياط الشديد ضرب حول سرادقه برجاً من الخشب.
وأرسل صلاح الدين إلى رشيد الدين سنان يتهدده فرد عليه زعيم الحشاشين بهذه الأبيات "يـــا للرجــال لأمــر هــالَ مقطعُــهُ/ مـــا مــرَّ قـطُّ علـى سمعـى توقُّعُـهُ فإذا الذى بقراعِ السيــــف هـدَّدنا/ لا قام مصرع جنبى حين تصرعُـهُ قـــام الحمَــامُ إلى البـازى يُهـدَّدُهُ/ واستيقظــت لأســود البَـــرَّ أُصبعه" وقفت على تفصيل كتابكم وجُملهِ، وعلمنا ما هدَّدنا به من قوله وعمله، فبالله العَجَبُ من ذبابة تطنُّ فى أذُن فيل، وبعوضة تُعَدُ فى التماثيل، ولقد قالها من قبلك قوم فدمّرنا عليهم، وما كان لهم من ناصرين، أَلِلْحَقِ تدحصون وللباطل تنصرون؟ وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون، ولئن صدر قولك فى قطع رأسى، وقلعِكَ لِقِلاعى من الجبال الرواسي، فتلك أمانى كاذبةٌ، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أنَّ أرواح لا تضمحل بالأمراض، وإن عُدْنا إلى الظاهر وعَدَنا عن الباطن فلنا فى رسول الله أسوةٌ حسنة "ما أوذى نبى ما أوذِيْت " [20]. .
وفى عام 1176م، حاصر صلاح الدين حصونهم ونصب المجانيق الكبار عليها وأوسعهم قتلاً وأسراً وساق أبقارهم وخَّرب ديارهم، وهدم أعمارهم وهتك أستارهم حتى شفع فيهم خاله شهاب الدين محمود تكشى صاحب حماة، وكانوا قد راسلوه فى ذلك لأنهم جيرانه، فرحل عنهم وقد انتقم منهم.
واضطر الحشاشون إلى التفاهم مع صلاح الدين بعد فشل محاولاتهم المتكررة لاغتياله، وعدم قدرتهم على التصدى لقواته، لذلك فضَّلوا وقوفه على الحياد على أن يكون عدواً مباشراً لهم.