يوسف أيوب

السيسى وسياسة خير الكلام فى القمة العربية الإسلامية الأمريكية

الأربعاء، 24 مايو 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«خير الكلام ما قل ودل»، أفضل ما يمكن أن يقال عن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض، الأحد الماضى، فهو أوجز بشكل مختصر ومفيد وقوى ومعمق أيضًا الاستراتيجية التى يجب أن يعتمدها المجتمع الدولى إذا كانوا راغبين فعلًا فى مكافحة الإرهاب، فالوقت لم يعد يسمح بالمزيد من الجمل الرنانة ولا الكلام المعسول، وإنما حان الوقت للعمل الجاد لوضع حد لهذه الآفة التى تسبب خسائر متزايدة فى الأرواح والأموال أيضًا.
 
باختصار شديد وبدون مبالغة ولا انحياز لشخص الرئيس، يمكن اعتبار كلمة الرئيس فى الرياض ميثاق عمل، خاصة أنها احتوت على المطلوب عمله، وأيضًا طرحت أسئلة تحدد الإجابة عليها ما يمكن عمله فعليًا لمواجهة الإرهاب فى العالم كله، خاصة الأسئلة المتعلقة بمن يقوم بتوفير الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين، ومعالجة المصابين منهم، وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ ومَن يشترى منهم الموارد الطبيعية التى يسيطرون عليها.. كالبترول مثلًا؟ ومن يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟
 
هذه الأسئلة مهمة جدًا فى توقيتها وطرحها أمام قادة يمثلون خمسين دولة، بينهم دول متورطة فعليًا فى تقديم العون والمساعدة للإرهاب والإرهابيين فى المنطقة، وهى دول معروفة للجميع بالاسم، وهناك آلاف الأدلة على تورطها، لكن للأسف الشديد تطغى دائمًا لغة المصالح الخاصة بين الدول على المصالح العليا للمجتمع الدولى، وتكون النتيجة أن داعمى وممولى بل وصانعى الإرهاب يجلسون على مائدة واحدة مع المتضررين من الإرهاب ليبحثوا جميعًا عن مخرج وحل لمواجهة هذه الظاهرة التى تسعى لتفكيك المجتمعات وزعزعة استقرارها وتمثل تهديدًا جسيمًا لجميع شعوب المنطقة كما تقوض جهود وفرص التنمية.
 
الاستراتيجية التى طرحها الرئيس السيسى أمام قمة الرياض لمواجهة الإرهاب تقوم على أربعة عناصر، الأول أن «مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز فلا مجال لاختزال المواجهة فى تنظيم أو اثنين، فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة فى معظم أنحاء العالم تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكرى والمعلوماتى والأمنى»، أما الثانى فهو «أن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعنى بالضرورة مواجهة كل أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسى والأيديولوجى، فالإرهابى ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضًا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسى والأيديولوجى».
 
ثالث عناصر الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب كما طرحها الرئيس تتلخص فى «القضاء على قدرة تنظيماته على تجنيد مقاتلين جدد من خلال مواجهته بشكل شامل على المستويين الأيديولوجى والفكرى، فالمعركة ضد الإرهاب هى معركة فكرية بامتياز»، وذكر الرئيس الحضور بمبادرة تصويب الخطاب الدينى التى أطلقها قبل عامين بحيث يُفضى ذلك لثورة فكرية شاملة تُظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامى السمح وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيرات خاطئة.
 
العنصر الأخير فى الاستراتيجية المصرية التى طرحها الرئيس متعلق بالوضع الأقليمى، بقوله «إنه لا مفر من الاعتراف بأن الشرط الضرورى الذى يوفر البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية هو تفكك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية فى منطقتنا العربية»، فإغراق المنطقة فى فراغ مدمر وفر البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف شعوبنا فى صراعات طائفية وعرقية.
هذه هى عناصر الرؤية المصرية لمكافحة الإرهاب والتطرف مطروحة أمام الجميع، فإذا كانوا جادين فى العمل عليهم اعتمادها كمنهج عمل، إلا إذا كانوا يريدون شيئًا آخر.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة