تركيا وقطر، وجهان لعملة الخيانة، والتأمر، تتشابهان فى كل شىء.. الدولتان تدعمان جماعة الإخوان، وداعش، وتنظيم القاعدة، بكل وسائل الدعم، وتوفير منابر إعلامية، وإيواء القيادات والعناصر المتطرفة، ومنحهم الغطاء السياسى الشرعى.
كما تتشابه الدولتان فى توثيق علاقتهما مع ألد أعداء الأمة العربية، إسرائيل وإيران، ولعبتا دور البطولة فى هدم سوريا وليبيا واليمن والعراق.
كما تتفق الدولتان على كراهية مصر، واعتبارها شوكة قوية فى الحلق، تعوق عملية ابتلاعهم للدول المجاورة، تركيا تطمع فى سوريا والعراق، وقطر «القزم» تطمع فى السعودية والإمارات والبحرين والكويت وليبيا وسوريا ومصر.
«تميم» يسير على خطى والده، ويطمح أن يكون أميرا للمؤمنين لكيان يضم السعودية ومصر وليبيا وتونس والإمارات والبحرين، ونفس الطموح يسيطر على مهبول إسطنبول «أردوغان» الباحث بقوة عن إحياء الخلافة العثمانية، ويرى أن تحقيق حلمه لا يبدأ إلا من السيطرة على القاهرة ودمشق وبغداد، ثم دول الخليج.
ورغم هذا التشابه فى المواقف والأهداف إلى حد التطابق، بين قطر وتركيا، فإن ما يربط بينهما من علاقات تبدو قوية، من حيث الشكل، لكن فى الحقيقة هى علاقة «غرام أفاعى» من حيث المضمون.
وبعد قرار مصر والسعودية والإمارات والبحرين مقاطعة «تميم» ونظامه سياسيا، فإن القلق الكبير تسرب إلى «أردوغان»، خشية أن يتعرض لنفس السيناريو، وإدراكه بأن الدور القادم سيطاله، فالاتهامات الموجهة للنظام القطرى، هى نفس الاتهامات الموجهة للنظام التركى. لذلك سارع أردوغان بالتصديق على قرار البرلمان التركى بنشر 5 آلاف من القوات «المشلحة» التركية، على الأراضى القطرية وحماية «تميم وأمه ووالده» من الحراك العائلى والقبلى المتزايد للانقلاب على النظام القطرى، من ناحية، والتصدى لمحاولات التدخل الخارجى من ناحية ثانية، وأن تصبح هذه القوات شوكة موجعة فى ظهر دول الخليج العربى.
الأمر اللافت أيضا، أن أردوغان اتخذ قراره، دون مبالاة بغضب المملكة العربية السعودية، الداعم الاقتصادى الأكبر لأنقرة، فالاستثمارات السعودية فى تركيا ضخمة، وهناك 940 شركة سعودية تستثمر فى أنقرة، ووصل حجم ما يمتلكه المستثمرون السعوديون من أرصدة فى البنك المركزى التركى 6 مليارات دولار، وبلغ حجم الاستثمار فى قطاعات العقارات والاتصالات والسياحة 11 مليار دولار، وتستورد السعودية سلعا ومنتجات من تركيا بقيمة 10 مليارات ريال سعودى.
والسؤال، ما هو رد فعل المملكة العربية السعودية حيال قرار أردوغان مساندة ودعم تميم ونظامه؟
الحقيقة أن الإجابة معقدة، فإذا أسقطنا تصرفات تميم ودوره فى دعم ومساندة وتمويل الجماعات الإرهابية وتوفير الملاذ الآمن لقياداتهم، على ما ينتهجه أردوغان من سياسات حيال التنظيمات والجماعات المتطرفة، نجدها واحدة، ومن ثم فإنه يجب على الرباعى، مصر والسعودية والإمارات العربية ومملكة البحرين، الإعلان عن المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية ضد أردوغان ونظامه، واتخاذ نفس الإجراءات بالتصعيد القانونى أمام «الجنائية الدولية»، وتقديم قائمة تضم كل قيادات وأعضاء الجماعات والتنظيمات والمنابر الإعلامية المروجة للأفكار الإرهابية، وأيضا تقديم شكوى لمجلس الأمن.
أردوغان ترعرع منذ شبابه بين أحضان التنظيمات والجماعات المتطرفة، وله صور تجمعه مع «حكمتيار» مؤسس الحزب الإسلامى الأفغانى، والذى جر بلاده إلى حرب أهلية، وقاتل المجاهدين الذين كافحوا ضد الغزو السوفيتى، ووضعته وزارة الخارجية الأمريكية هو وحزبه ضمن القائمة السوداء فى فى 19 فبراير 2003.
ارتباك أردوغان، وموافقته السريعة لنشر قوات تركية فى الدوحة، تعد ضربة استباقية لدول الخليج، قبل أن تفكر فى اتخاذ نفس الخطوات ضد أنقرة، لعلمه بأن تركيا أصبحت فى عهده ملاذا آمنا لكل رؤوس الجماعات والتنظيمات المتطرفة، وتنطلق من فوق أراضيها عدة قنوات إخوانية منها «مكملين، ومصر الآن، والشرق»، وهى المنابر الإعلامية المسخرة فقط للهجوم ضد مصر ونظامها وشعبها، وترسل شفرات لإثارة القلاقل.
ولم يكتف أردوغان بالموافقة على نشر القوات التركية فى قطر، وإنما أعطى الإشارة لكل مواقع وصحف تركيا الرسمية وغير الرسمية للدفاع عن «تميم»، ضد قرار المقاطعة، حيث اهتمت على سبيل المثال هيئة الإذاعة والتليفزيون التركية بنشر أخبار وبيانات داعمة ومساندة لأمير قطر، وتتبنى وجهة نظر أن قرار مقاطعة قطر بمثابة «الانقلاب» الذى تعرضت له تركيا منذ عدة أشهر.
تحركات أردوغان السريعة وإعلانه مساندته للنظام القطرى، ضربات استباقية يعتقد أنها ستحصنه من مخاطر إعصار «تسونامى» الذى انطلق ضد كل الدول والكيانات والأشخاص الداعمين والممولين للتنظيمات الإرهابية، وأن الضربة الموجهة للنظام القطرى، سيعقبها ضربات قوية، ترشح كل الدوائر السياسية أن الدور سيكون على تركيا، مع العلم أن هناك أدلة دامغة تؤكد تورط أنقرة صوتا وصورة فى دعم الإرهاب.
القريبون من دوائر صنع القرار فى الدول التى أعلنت الحرب على الإرهاب، يرتكنون على توقعاتهم بأن الدور المقبل سيكون ضد «أردوغان»، مبعثه أمران مهمان، الأول عدم مشاركة تركيا فى القمة الأمريكية الإسلامية العربية التى عقدت فى الرياض 21 مايو الماضى، والثانى ما ألمح إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطابه أمام القمة، بأن هناك دولا تشترى النفط والآثار من الجماعات والتنظيمات المتطرفة، وهو تلميح لا يطول سوى تركيا فقط.
المعلومات، والتحليلات والتوقعات، تؤكد أن تركيا الدور القادم التى ستطولها عقوبات دعمها للجماعات المتطرفة، وتخصيص منابر إعلامية لها، وتوفير ملاذات آمنة لقياداتها وأعضائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة