دخل بعض أصحاب ابن الصباغ القوصى عليه فى مرضه، وسألوه عن حاله، فقال «قيل لى: ابتليناك بالفقر فلم تشك، وأفضنا عليك النعم فلم تشغلك عنا، وما بقى إلا مقام الابتلاء لتكون حجة على أهل البلاء».
«بقائى فناء فى بقائى مع الهوى/ فيا ويح قلب فى فناء بقائه/ وجودى فناء فى فنائى فإننى/ مع الأنس يأتينى هنياً بلاؤه/ فيا من دعا المحبوب سراً فسره/ أتاك المنى يوماً أتاك فناؤه»
إنه على بن حميد بن إسماعيل بن يوسف، الشيخ أبو الحسن ابن الصباغ القوصى، شيخ التصوف المصرى فى القرن السابع الهجرى، كما يرى الكثيرون الذى توفى سنة 612 هجرية.
«تسرمد وقتى فيك فهو مسرمد/ وأفنيتنى عنى، فعدت مجردا/ وكلى بكل الكل وصل محقق/ حقائق حق، فى دوام تخلدا/ تفرد أمرى فانفردت بغربتى/ فصرت قريباً فى البرية أوحدا».
فى كتاب «موسوعة أعلام المجددين فى الإسلام يقول سامح كريم عن ابن الصباغ «الصباغة هى مهنة أبيه التى اشتهر بها والده بين بلدان الصعيد، ومن العجيب أن أبا الحسن وهو الابن الأكبر، الذى كان يفترض أن يرث هذه المهنة عن والده، كان لا يقبل عليها، وإذا كان يصاحب والده فى الذهاب إلى المصبغة فإنما ذلك امتثالا لطاعة والده، أما عنه فقد كان يتحين الفرصة للهروب منها إلى حلقات الوعظ والدرس التى كان يقيمها رجال التصوف وعلماء الدين فى مدينة «قوص».
«أغضبت إذ زعم الخيال بأنه/ إذ زار، صادف جفنى عين مغمضاً؟/ لا تغضبى، انزار طيفك فى الكرى/ ما كان إلا مثل شخصك معرضاً/ وافى كلمح البرق صادف نوره/ غسق الدجنة، ثم للحال انقضى».
وذكره المنذرى، فقال «اجتمعت به فى قنا، سنة ست وستمائة، فظهرت بركاته على الذين صحبوه، وهدى الله به خلقاً. وكان حسن التربية للمريدين، ينظر فى مصالحهم الدينية، وانتفع به جماعة».
«فكأنه ما جاء إلا زائراً/ للقلب، يذكر من وصالك ما مضى/ وحياة حبك! لم أنم عن سلوة/ بل كان ذلك للخيال تعرضا!/ يا ضرة القمرين من كنف الحمى/ وربيبة العلمين من وادى الغضا».
وكتاب «موسوعة الصوفية» يرى أن طريقة ابن الصباغ وتصوفه العملى يقوم على أصول الكتاب والسنة. ويستمد من الأصول الإسلامية أذواقه ومواجيده وأحواله، كما أن معارجه الروحية التى تدرج عليها فى سبيل وصوله إلى الله تعالى مستمدة أيضا من أصول إسلامية.