عبث الفوضى التى ضربت «قلب» الوطن العربى بفعل رياح سامة ومميتة يطلق عليها اصطلاحا «ثورات الربيع العربى»، كان هدفها إسقاط الدول من فوق الخريطة الجغرافية كما تتساقط أوراق الشجر فى شهر الخريف.
استمرت الفوضى، تتصاعد وتيرتها، وتنتقل من دولة إلى أخرى انتقال شرارات النار فى اتجاه الرياح العاصفة، ويقف وراء اشتعالها، جهات وكيانات وأنظمة دوّل، تحمل البنزين وتسكبها على النار لتزداد اشتعالا، خاصة رباعى الشر إوباما، وتميم، وأردوغان، وعلى خامئنى.
وتمكنت الفوضى الخلاقة فعليا من إسقاط سوريا وليبيا واليمن، وحاولت فى البحرين وفشلت، وناطحت المستحيل لإسقاط مصر، ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل، أمام صخرة صمود المصريين وجيشهم القوى.
وكان من بين المخططات الرامية لرباعى الشر بعد إسقاط مصر، قلب العروبة النابض، فى وحل الفوضى، إشعال النار فى السعودية والإمارات والجزائر «بالترتيب»، ثم باقى العواصم، الأخرى، لتصبح قطر الحاكمة الفعلية للخليج بالتنسيق الكامل مع إيران التى كان «حمد وتميم وموزة» يعتقدون أنهم يستطيعون شراء صمتها وولائها من خلال منحها العراق واليمن رسميا.
هذه النيران الفوضوية المشتعلة، والمخططات الجهنمية لإسقاط الدول من فوق الخريطة الجغرافية، واندثارها اندثار الديناصورات، كانت تحتاج لإطفائها، رجال أقوياء، يقفون كالسدود المنيعة أمام انتشار وتنقل شرار النار من دولة إلى أخرى، بثبات وقوة ودون خوف، فظهر المشير عبدالفتاح السيسى الذى وضع كفنه على كفيه، فى 30 يونيو 2013، وبدأ خطة إطفاء النار وسط تأييد شعبى، وصل إلى حد الاجماع، واعتباره المنقذ والمخلص لإزاحة جماعة الإخوان الإرهابية، الأداة المنفذة لمخططات الفوضى، ومن خلفها الحركات الفوضوية الممولة بملايين الدولارات.
السيسى، قرر أن يخمد نيران الفوضى، بجسارة، وشجاعة يحسدان عليها، دون الاكتراث بحالة السعار التى أصابت قيادات وأعضاء وداعمى الجماعة الإرهابية فى الداخل، وشبكة علاقاتها فى الخارج من دول وأجهزة استخباراتية الداعمة والممولة بكل وسائل الدعم والمساندة.
ومن الأسباب المنطقية التى مكنت السيسى من مجابهة نيران الفوضى، خلفيته العسكرية والاستخباراتية، وفارق شاسع بين أن تكون متمرسا على الانضباط والخطط العسكرية فى المواجهة، والتمتع برباط جأش أمام الأزمات، وهى أمور مكنت الرئيس الفرنسى شارل ديجول، مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، فى منتصف أربعينيات القرن الماضى، من انقاذ بلاده من براثن الجيوش النازية أثناء الحرب العالمية الثانية إذ لم يتوقف من إطلاق الشعارات التى كانت تلهب قلوب الفرنسيين وتدفعهم إلى المقاومة، ومن أشهر نداءاتة «أيها الفرنسيون لقد خسرنا معركة، لكننا لم نخسر الحرب وسوف نناضل حتى نحرر بلدنا الحبيب من نير الاحتلال الجاثم على صدره».
واستمر سيناريو القدر، بحبكته الدرامية الرائعة، ليعرض مشاهده بقوة فى إطار إخماد حرائق الفوضى، حيث انطلق الشيخ محمد بن زايد، نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بخلفيته «العسكرية»، لتتعانق أفكاره وحسن تقديرات الموقف، وما تمر به المنطقة من زلزال عنيف، مع أفكار وجهود الرئيس السيسى، ويقودان جهود إطفاء الحرائق معا، ومنع تسلل النيران إلى وطنيهما، وباقى الأوطان العربية خاصة الخليجية.
الفريق أول محمد بن زايد نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رجل عسكرى متمرس، إذ تخرج عام 1979 من أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية فى المملكة المتحدة، حيث تلقى تدريبه هناك على سلاح المدرعات والطيران العامودى والتكتيكى والقوات المظلية، وشغل عدة مناصب فى القوات المسلحة الإماراتية، من ضابط فى قوات النخبة بالجيش الإماراتى، ثم تدرج فى المناصب العليا حتى وصل إلى منصبه الحالى نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
أسهم محمد بن زايد فى تطوير القوات المسلحة الإماراتية، من حيث التخطيط الاستراتيجى والتدريب والهيكل التنظيمى وتعزيز القدرات الدفاعية للدولة.
ويستكمل سيناريو القدر فى رسم مشاهده بقوة فى مسلسل إطفاء الحرائق الفوضوية والتصدى لمنع انتشار نيران اسقاط الدول العربية، والانتقال إلى مرحلة المواجهة وتأديب كل من أسهم فى اندلاع هذه الحرائق، وذلك بصعود الأمير محمد بن سالمان، إلى صدارة المشهد باختياره وزيار للدفاع، ثم وليا للعهد عقب حصوله على موافقة هيئة البيعة بأعلى نسبة تصويت للهيئة منذ إنشائها التى بلغت 31 صوتا من أصل 34 صوتا.
الثلاثى، عبدالفتاح السيسى ومحمد بن زايد ومحمد بن سلمان، تمكنوا من تنمية قدرات دولهم عسكريا، من حيث التأهيل والتسليح وأصبحوا يمثلون مثلث لديه قدرات ردع هائلة، وأجهزة معلومات عالية المستوى، تعمل وتنسق فيما بينها بشكل رائع ومتميز، وأصبح «المثلث» الرقم الفاعل والصعب، فى معادلة المحاور الاستراتيجية، إقليميا ودوليا، وصوتا عاليا وزاعقا، وقراراته مؤثرة وقوية.
مثلث العسكريين الثلاثة الكبار، أعاد رسم خريطة القوة فى المنطقة، مرتكزا على عناصر القوة الشاملة والمتعددة، من قدرات عسكرية، وانطلاقة اقتصادية، وعلاقات دبلوماسية قوية ومؤثرة، ومواقف متماهية، ومتسقة مع تقديرات الموقف وما تمر به المنطقة من زلازل خطيرة، والإيمان بأن العالم يعيش عصر التكتلات الصلبة، والقوية، وعدم امتلاك رفاهية الكيانات الفردية.
«مثلث القوة» المصرى السعودى الإماراتى يقوده عسكريون فى «زمن القوة»، ومواجهة «مثلث الشر»، قطر وإيران وتركيا، وتأديب «تميم وأردوغان وخامئنى والإخوان».