يقول المؤرخون: إن عفيف الدين التلمسانى كان بارعا فى تقديم شروح لعدد من نصوص الصوفية الرمزية والكشف عن أسرارها كمواقف النفرى وتائية ابن الفارض وغيرها، كما أن شعره كان يقوم على هذه الأفكار نفسها، ويقولون أيضا:
«إن إمام السنة ابن تيمية كفره وأخرجه من الملة»
.«أُحِبُّ حَبِيباً لاَ أُسَمِّيهِ هَيْبَةً/ وَكَتْمُ الهَوَى لِلقَلْبِ أَنْكَى وَأَنْكَأُ/ أَخَافَ عَلَيْهِ مِنْ هَوَاىَ فَكَيْفَ لاَ / أَغَارُ عَلَيْهِ مِنْ سِوَاىَ وَأَبْرَأُ».
عاش عفيف الدين التلمسانى فى الفترة بين 610 - 690 هـجرية، شاعر صوفى، كومى الأصل «من قبيلة كومة» تنقل فى بلاد الروم، ولد بتلمسان، ومات بدمشق، تنقل بآسيا الصغرى، وزار القاهرة وباشر بعض الأعمال بالشام.
«أَبِيتُ أُعَانِى فِيهِ حَرَّ جَوَانِحِى/ وَبَيْنَ جُفُونى مَدْمَعٌ لَيْسَ يَرْقَأُ/ أَرَاهُ بِقَلبِى كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ/ وَإنْ كُنتُ عَنْ وِرْدِ الوِصالِ أُحَلأُ».
قال عنه الذهبى فى الجزء الثالث من «العبر» إنه «أحد زنادقة الصوفية» وقال ابن كثير فى «البداية»، وقد نسب هذا الرجل إلى عظائم فى الأقوال والاعتقاد فى الحلول والاتحاد والزندقة والكفر المحض وشهرته تغنى عن الإطناب فى ترجمته»، وقد اتبع التلمسانى طريق محيى الدين بن عربى فى التصوف، وقال بوحدة الوجود.
«أَتانى كِتَابُ مِنْهُ قُمْتُ بِحَقِّهِ/ فَهَا أَنَا أبْكى مَا اسْتَطَعْتُ وأَقْرَأُ/ أَتَانى هَوَاهُ مِلءُ سَمْعِى وَنَاظِرِى/ وَقَلْبى فَمَالِى مِنْهُ مَلْجاً وَمَنْجَأُ».
كان «التلمسانى» رغم اتهامات خصومه شاعراً كبيراً، وكان له شعر غزلى يشرحه شرحاً صوفياً على طريقته، ولكن حتى هذا الشعر لم يسلم من نقد علماء عصره.
«أَغِثْنى بِيَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ وَاحِدٍ/ فَإنى بِيَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ أُجْزَأُ/ أُغَالِطُ نَفْسِى مِنْكَ بِالوَصْلِ وَالرِّضَى/ وَمَنْ لى بِهِ وَهْوَ النَّعِيمُ المُهَنَّأُ».
ولم يترك التلمسانى شعراً كثيراً عقب وفاته سنة 690 هـ، اللهم بعض المقاطع الشعرية المتناثرة هنا وهناك، أو الأبيات.
وظهر ديوان عفيف الدين التلمسانى بتحقيق وتقديم الدكتور يوسف زيدان، الذى قدم له شروحا وتحليلات وافية، كما وضع مقدمة تتناول حياة الرجل وتفند آراء كل من مؤيديه ومعارضيه، وتكشف عن مؤلفاته الأخرى وأهم وأبرز نقاط تميزه كمتصوف وشاعر ينبغى معرفته لكل مهتم بهذا السياق.