تتوالى الأخبار والتقارير فى وكالات الأنباء عن هزائم متوالية لتنظيم داعش الإرهابى فى معاقله الثلاثة الموصل العراقية والرقة السورية وغرب ليبيا، فالقوات المسلحة الرسمية فى تلك البلدان الثلاثة تخوض حرب شوارع مع ميليشيات التنظيم الذى يحتجز السكان رهائن أو يجبرهم على القتال فى صفوفه ويقدم عددا منهم ذبائح كل فترة لضمان الردع بالرعب وعدم الانشقاق عليه.
وأصبح واضحا أن نهاية التنظيم الإرهابى الأكثر دموية مسألة وقت، وانتزاع الأحياء والمناطق السكنية التى يسيطر عليها يتم تدريجيا وبصورة منتظمة، لكن السؤال الذى يفرض نفسه بقوة الآن، ماذا يحدث لمقاتلى التنظيم وقياداته التى لا تهلك فى الحرب العنيفة بالعراق وسوريا وليبيا؟ وماذا يحدث لفكرة التنظيم نفسها خاصة بعدما فتح الخيال لدى عموم المتطرفين والمهووسين والمرضى فى أركان العالم لينتسبوا للتنظيم ويبايعوه وينفذوا أفكاره بالقتل العشوائى، دون حاجة للانتقال من بلادهم.
الحادث حتى الآن أن هناك مجموعات صغيرة من القادة والمقاتلين تنفصل عن داعش بعد كل هزيمة ومع تخليه عن الأحياء التى يسيطرون عليها، وهؤلاء المقاتلون يحلقون لحاهم ويندسوا فى صفوف الفارين من الحرب وهم يتجهون إلى أوروبا أو إلى البلدان المجاورة أو المحافظات المجاورة لمناطق القتال، وهؤلاء الداعشيون الهاربون بمثابة الفيروس الكامن والقنابل الموقوتة، ينتظرون أن يجدوا الوسط الملائم لينشطوا من جديد فى إحياء فكرة التنظيم أو القيام بعملية انتحارية كبيرة.
فرض المقاطعة على قطر وتسليط الضوء بقوة على دعمها للتنظيمات الإرهابية وفضح الكيانات التى تتخذها الإمارة المنبوذة ساترا لدعم التنظيمات المقاتلة فى الدول العربية، سيسهم بالفعل فى إسقاط داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية المقاتلة، وهنا لابد وأن نعود للسؤال المطروح وماذا بعد؟
هل القضاء على داعش فى العراق وسوريا وليبيا وتجفيف جيوب الإرهابيين فى شمال سيناء يعنى انتهاء ظاهرة المجموعات المتطرفة وجرائمها وتحديها للدول التقليدية؟
انهيار داعش فى العراق وليبيا وسوريا، سيعمل بالتأكيد على إعادة الأغلبية الساحقة من المتعاونين مع التنظيم إلى المجتمعات العربية التى ينتمون إليها وسيسعون لأن يكونوا مواطنين صالحين مسالمين ملتزمين بالقانون، أما قيادات التنظيم وأتباعهم المرضى بأفكار السيطرة بالسيف والذبح والحرق فهؤلاء سيتحولون إلى قنابل وخلايا صغيرة أينما حلوا، وستكون وجهتهم المفضلة تركيا ومنها إلى أوروبا، فالمهووس أردوغان يظن أنه قادر على استخدام مقاتلى التنظيم فى مواجهة أوروبا والتحكم فيهم بالريموت كونترول، وقد يستخدمهم لتصفية الأكراد فى الشرق والجنوب التركى، وفى منع اتحاد أكراد تركيا مع أكراد غرب العراق والشمال السورى مما يعنى اشتعال الحرب الأهلية التركية واتساع نطاقها وكذا زيادة معدلات العمليات الإرهابية فى أوروبا.
وللحديث بقية.