على قلب رجل واحد تقف الجماعة الثقافية المصرية مع جماهير شعبها والأمة العربية كلها إلى جانب كل المثقفين الشرفاء فى العالم مؤيدة للقرارات الحاسمة التى اتخذتها مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودول أخرى بقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام الحاكم فى قطر بسياساته وممارساته الداعمة للإرهاب.
وعبر العديد من الطروحات والتعليقات والتحليلات فى الصحف ووسائل الإعلام يستعيد كثير من الكتاب أصحاب الاهتمامات والرؤى الثقافية أدوار النظام الحاكم فى الدوحة فى تأجيج الحروب النفسية والدعائية التى ترمى لتوهين وتفتيت الأمة العربية وتترصد خطى تقدمها وجهود نموها بإشعال الفتن والحروب الأهلية وبث الكراهية بين أبناء الوطن الواحد.
ورأى الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة أن النظام الحاكم فى قطر كان سببا فى إرباك المشهد العربى وجزءا من مخطط ظهرت آثاره بوضوح فى صراعات ومعارك أهلية دمرت كل شىء فى عواصم ودول عربية، موضحا أن هذه الإمارة الصغيرة "تحولت إلى واحدة من أخطر المناطق فى العالم العربى التى تصدر للجميع كل وسائل الانقسام والانهيار والفوضى".
وفى سياق طروحات وتعليقات لمثقفين عرب تأييدا للقرارات العربية الحاسمة ضد النظام الحاكم فى الدوحة ثمة اتفاق عام على أن هذه القرارات جاءت بعد صبر طويل على "أذى هذا النظام الذى ضرب بكل مفاهيم التضامن وحسن الجوار عرض الحائط وسعى بلا كلل لبث الفوضى وزعزعة الاستقرار فى المنطقة العربية بكل ما تسببت فيه هذه التوجهات التآمرية والسياسات الكارثية من أضرار لشعوب المنطقة".
واعتبر الصحفى والإعلامى السعودى البارز سلمان الدوسرى أن المفاجأة ليست فى قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإنما فى تحمل الدول الخليجية لأضرار سياسات الدوحة لعقدين من الزمن فيما خاطب الدوسرى الذى كان من قبل رئيسا لتحرير جريدة الشرق الأوسط النظام القطرى الحاكم قائلا: "المال لا يشترى الجغرافيا ولا التاريخ والطموحات تدخل من الأبواب وليس من الثقوب الصغيرة والدول تستطيع أن تتلاعب قليلا وتناقض كثيرا لكنها لا تصمد طويلا أمام الحقائق والوقائع".
وفيما كان اسم قطر حاضرا بقوة على مدى السنوات الأخيرة فى سياق حوادث تهريب قطع أثرية ومخطوطات تراثية ونفائس فنية من دول عربية عدة من بينها مصر يتساءل فاروق جويدة عن أسرار الصفقة التى حصلت قطر بمقتضاها على استضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم فى عام 2022 ويقول إنها صفقة "لا يعرف أحد حتى الآن كيف تمت ومن كان وراءها وكم دفعت قطر فيها من الأموال" ؟!
ومن الطريف والدال أن النظام الحاكم فى الدوحة الذى تبنى إقامة جوائز ثقافية ذات قيمة مالية كبيرة سعيا لاختراق المثقفين واستمالتهم هو النظام ذاته الذى لا يتردد فى قمع المثقفين القطريين وسجنهم حال إظهار أى معارضة لتوجهات هذا النظام كما حدث مع الشاعر القطرى محمد ابن الذيب العجمى الذى اعتقل فى عام 2011 وبقى رهين السجن الانفرادى نحو خمس سنوات جراء انتقاده للنظام الحاكم فى بلاده.
وكان اتحاد كتاب مصر استنكر سجن الشاعر القطرى محمد بن راشد العجمى الملقب بـ"ابن الذيب" بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم فى قصيدة كتبها معتبرا أن ما حدث لهذا الشاعر "يمثل سابقة خطيرة لا يمكن السكوت عنها أو القبول بها".
وقال إن هذا الحكم "يمثل انتهاكا صارخا لحرية الرأى والتعبير ولحرية المواطن فى التعبير عما يقتنع به بالطرق السلمية" مشددا على أنه "لا تقدم إلا بإفساح المجال أمام الآراء المخالفة وعدم تقييد حرية الإبداع" ومضيفا أن "الأيادى المرتعشة لا تصنع مستقبلا ولا تنتج أدبا ولا فكرا جديرين بالبقاء".
كما وصف اتحاد كتاب مصر سجن هذا الشاعر القطرى جراء قصيدة كتبها بأنه "انتهاك لكل المعاهدات والمواثيق الدولية التى تضمن حرية الرأى" مؤكدا التمسك "بمبدأ الحق فى التعبير السلمى الحر عن الرأي".
وأثناء وجوده فى غياهب السجن الانفرادى تضامن كثير من المثقفين المصريين والعرب والأجانب مع هذا الشاعر القطرى وكان من بينهم حينئذ الشاعر المصرى الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودى الذى قال إن "الشاعر صوت الأمة وضميرها اليقظ المنتبه والسابح ضد التيار" معربا عن دهشته من الحجر على حرية الرأى بهذا الشكل فيما رأى أن "البلد الذى يسجن فيه الشاعر هو بلد يسجن الحرية".
ومن المثير للدهشة أن النائب العام القطرى على بن فطيس أعرب حينئذ عن أسفه لعدم الحكم على الشاعر ابن الذيب بالإعدام فيما كان هذا الشاعر قد أضرب عن الطعام لحرمانه من لقاء ممثلين لمنظمات حقوقية دولية.
وأعاد المحامى محمد ناصر الرحيان للأذهان أن محاكمة الشاعر ابن الذيب كانت "مهزلة قضائية" موضحا أن "قاضى التحقيق" هو ذاته "قاضى الموضوع" الذى أصدر الحكم بسجن الشاعر فيما كانت المحكمة قد رفضت طلبا للدفاع بردها عن نظر القضية وكلفت أشخاصا من العاملين فى وزارة الثقافة القطرية بتفسير أبيات القصيدة التى كتبها ابن الذيب على نحو يجرم الشاعر أمام المحكمة.
وقال المفكر التونسى الدكتور رياض الصيداوى، إن قرار سجن الشاعر محمد ابن الذيب العجمى هو "قرار سياسى" مؤكدا أن "قطر لا تعرف الفصل بين السلطات فى ظل نظام ديكتاتورى مطلق" وتحدى أن تقوم فضائية الجزيرة التى يستخدمها هذا النظام لتحقيق أهداف معادية للأمة العربية ببث برنامج حول ملابسات قضية ابن الذيب.
وإذا كان الناقد والشاعر الأمريكى الكبير ستيفن بورت الذى يدرس الأدب فى جامعة هارفارد مهموم بقضية الخيال فى عالم حافل بالفانتازيا والعجائب بصورة قد تتجاوز الخيال فلعل من مدهشات وعجائب النظام الحاكم فى الدوحة ان يسجن شاعر بسبب كلمات يعبر بها فى قصيدة عن رأيه فى واقع بلاده!.
وإذا كان الشعر فتنة الجمال فإن أعداء الشعر فى قطر لم يتورعوا عن إشعال فتن الشر من المحيط إلى الخليج واستعارة أسوأ سياسات الإمارات الأندلسية فى عصر الانحطاط عندما كان البعض يستقوى بالعدو حتى ضاعت الأندلس كلها وتحولت إلى "الفردوس المفقود" فى قصائد الشعراء ومرثيات وبكائيات الأمة العربية!.
واليوم تتوالى المواقف العربية الداعمة للقرارات الحاسمة التى اتخذتها مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بقطع العلاقات مع النظام الحاكم فى قطر بسياساته الداعمة للإرهاب فيما يتوحد الشارع العربى فى مشهد تاريخى رافضا ومنددا بممارسات هذا النظام ومحاولاته التى استمرت طويلا لتوهين الأمة العربية ونشر الفوضى فى ربوعها وتفتيت دولها الوطنية.
وكانت اليمن وموريتانيا قد أعلنتا أيضا قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر كما قررت المملكة الأردنية الهاشمية خفض مستوى التمثيل الدبلوماسى مع الدوحة وإلغاء تراخيص قناة الجزيرة وهى القناة التى وصفها الكاتب والشاعر فاروق جويدة بأنها "أداة للتخريب والفوضى ابتداء بدورها فى الاحتلال الأمريكى للعراق وأفغانستان وانتهاء بما شهدته سوريا وليبيا من حروب أهلية بين أبناء الوطن الواحد ثم كانت آخر خطاياها فى دعم خلايا الإرهاب على مستوى العالم".
وإذ امتدت القرارات الحاسمة فى مواجهة النظام الحاكم فى الدوحة لدول فى أفريقيا وآسيا حيث أعلنت موريشيوس والمالديف قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر ذكرت صحيفة البيان الإماراتية أن الفنان العربى السعودى محمد عبده قرر إلغاء حفل كان مقررا فى الدوحة يوم الثامن عشر من شهر أغسطس القادم.
ووسط سيل من التقارير الإخبارية لوسائل إعلام دولية ووكالات أنباء عالمية تؤكد على أن العاصمة القطرية الدوحة شهدت فوضى غير مسبوقة جراء النقص فى الإمدادات وتدافع المستهلكين على المتاجر الغذائية بعد القرارات العربية الحاسمة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام الحاكم فى قطر أفادت بعض هذه التقارير بأن قطر كانت تحصل على نسبة تصل إلى نحو 80 فى المائة من مجموع احتياجاتها الغذائية من دول خليجية عربية أخرى.
ووفق خبراء اقتصاديين تحدثوا لصحف ووسائل إعلام فإن الاقتصاد القطرى سيخسر مليارات الدولارات جراء المقاطعة العربية وسيفقد مزايا التبادلات التجارية الخليجية كما سيتكبد خسائر جسيمة فى قطاعات النقل البرى والجوى والبحرى.
واقترنت القرارات العربية الحاسمة بقطع العلاقات مع النظام الحاكم فى الدوحة بإغلاق خطوط النقل والمنافذ الحدودية مع قطر وتعليق الرحلات الجوية من الدوحة وإليها بعد صبر طويل على أمل تراجع النظام القطرى الحاكم عن ممارساته التى تهدد الأمن القومى العربى ووقوفه خلف جماعات الإرهاب وتشجيعه لأطراف إقليمية غير عربية للتدخل فى الشأن العربى وسعيه الآثم لتفتيت وحدة الصف الخليجى والعربى وتوهين الأمة.
وفى سياق إشارات للمواقف القطرية التى صبر عليها العرب طويلا عمد الكاتب اللبنانى الكبير وصاحب المعالجات الصحفية الثقافية الجذابة سمير عطا الله لمقارنة دالة مع الكويت التى تعرضت من قبل لاحتلال من نظام صدام حسين ليقول فى جريدة الشرق الأوسط التى تصدر بالعربية من لندن: لم تتخذ الكويت من هذه الجريمة ذريعة لتكليف صحفها ببلبلة العرب ولم تمول أى حرب إعلامية ولم تأو أى أجنحة معارضة ولم تخرب المرة بعد المرة مجلس التعاون الخليجى أما فى الشأن الفلسطينى فلم تتخذ جانب فريق دون آخر.
وخلافا لمواقف إدارة باراك أوباما كان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد غرد أمس "الثلاثاء" على حسابه الرسمى بموقع تويتر للتدوينات القصيرة معتبرا أن مقاطعة النظام الحاكم فى قطر "بداية النهاية لرعب الإرهاب" مشيرا إلى أنه لمس خلال زيارته الأخيرة للمنطقة أن "كل المؤشرات تشير إلى قطر" فيما يتعلق بتمويل الإرهاب.
وقال الكاتب والباحث المصرى الدكتور محمد السعيد إدريس إن النظام الحاكم فى الدوحة حاول أن يحدث ارتباكا فى السياسات الجديدة لإدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، موضحا أن هذه المحاولات أثارت استياء فى واشنطن.
وفى إشارة للألعاب الخطرة للنظام الحاكم فى الدوحة رأت الباحثة فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى لورى بلوتكين أن الوقت قد حان لمقاربات جديدة حول دور قطر فى تمويل العنف والإرهاب وكذلك طالب وزير العدل الفرنسى فرانسوا بايرو بإنهاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة لقطر فى بلاده فيما كان الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة قد أعاد للأذهان فى جريدة الأهرام أن النظام الحاكم فى قطر عمد لشراء عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية فى دول بالغرب من بينها فرنسا.
وفى معرض إشارته للأموال الضخمة التى أنفقها النظام الحاكم فى الدوحة لتمويل الإرهاب بكل مصادره اعتبر فاروق جويدة أن "قطر ليست أكثر من العرائس المتحركة فى لعبة كبرى رسمتها القوى الكبرى منذ زمن بعيد".
وتفيد أنباء أن أصداء القرارات العربية الحاسمة فى مواجهة الممارسات التخريبية للنظام الحاكم فى الدوحة تدوى عبر العالم حتى توقفت بعض البنوك السريلانكية عن شراء الريال القطرى بعد أن نصحتها نظيراتها فى سنغافورا بعدم قبول العملة القطرية.
إنها لحظة عربية خالدة تتردد أصداؤها فى العالم كله بعد القرارات العربية الحاسمة بمواجهة نظام أصر على إلحاق الأذى بالعرب والإنسانية كلها وعمد لتوظيف ألاعيب الحواة والشاشة الدجالة والرموز المزورة لتحقيق أهداف لا يمكن أن يقبلها أى مثقف جدير بهذه الكلمة ..تحية لأمة أثبتت أنها أكبر بكثير من ألاعيب الصغار وأبواق الشر وفتنة الدم وظلام الإرهاب..إنها إرادة أمة تأبى الانكسار !.