رغم كل الآلام على شهداء الوطن من ضباط وجنود ومدنيين أقباط نساء ورجال وأطفال، تلقيت دعوتين كريمتين لإفطارين، الدعوة الأولى تلقيتها من د. إسماعيل كامل، والمحامية هند جوزيف لحضور حفل إفطار صالون القوصية الثقافى، والدعوة الثانية من الأب وليم سيدهم اليسوعى، الأمين العام للجنة المصرية للعدالة والسلام للكنيسة الكاثوليكية.
فى القوصية التى لجأ إليها المسيح والعائلة المقدسة، اختلطت مائدة الإفطار بروحانية الشهر الكريم، د. إسماعيل كامل يستعد للذهاب إلى العمرة، ويقف ليخدم الجميع ولا يأكل إلا بعد أن يتأكد أن الطعام فى كل فم، مسيحيين ومسلمين، روميل صداق، والمستشار محرم فؤاد، الشيخ ماهر والقس إكرام، مهندس إبرام إيميل، ورجل الأعمال حسام فكرى، أشرف نبيل، وأمين حزب الوفد جمال على حامد، تادرس القس سلوانس والحاج سراج منير والشقيقين عماد زكريا ورامى زكريا، والأساتذة: ناجى كمال وعماد دنيال، ومحمد باشا وناعوم ثابت، والصحفى ناجح سمعان، والحاج نقراشى وابنة، وهيثم عمار والأستاذ كمال جبر، والأساتذة: مصطفى محسب ونصر يحيى وعيون دريش، والأستاذة آلاء سمير، والأطفال هند وهيتى روميل.
لفيف من المثقفين ورجال الأعمال وكبار الموظفين والمشايخ والقساوسة، الجميع عبروا من أذان المغرب إلى البلح «كسنة» ثم اقتسموا الخبز والطعام، وبعدها تمت مناقشة التحديات التى تواجه الوطن من الإرهاب للفتنة الطائفية إلى الغلاء والأزمة الاقتصادية، وكانوا على قلب رجل واحد والوطن فى القلب والعينين، غادرت تلك المائدة الوطنية الروحية وأنا أكثر تفاؤلا وأدركت لماذا لجأت العائلة المقدسة إلى هذا المكان وأقيم دير المحرق وكيف ترتفع أجراس الكنائس مع صوت الأذان، تحيا مصر، وتحيا القوصية.
ومن القوصية التى مكثت بها العائلة المقدسة إلى مدرسة العائلة المقدسة بالفجالة، يتقدم الأب وليم سيدهم الترحيب بالحضور الذى ضم لفيف من الفنانين والصحفيين والكتاب والصحفيين ورجال الدين، بعد الإفطار تناول الحضور قضية حق الاختلاف، وكان أول المتحدثين د. محمد منير مجاهد عالم الذرة ومؤسس منتدى مصريون ضد التمييز الدينى، مؤكدا أن المنتدى يحاول الدفاع عن كل من يقع عليهم أى تمييز دينى بالوسائل القانونية، من بيانات لمؤتمرات وندوات ووقفات احتجاجية، ورأى أنه قد آن الأوان للعمل من أجل إرساء دولة القانون السبيل الوحيد لإدارة حق الاختلاف.
ومن جانبه تحدث المفكر القبطى كمال زاخر عن ضرورة العودة للمجتمع المدنى وأحياء الأمل، مستعرضا تاريخ الشعب المصرى وتجاربه متوقفا أمام الإبداع الشعبى مثل حركة «كفاية»، وكيف أقامت السياسة من بين الأموات وانتصرت فى ثورة 25 يناير حتى وإن كانت قد سرقت، وطالب زاخر بأحياء الأمل فى الشعب المصرى العظيم، وفى المناقشة قال الأب المفكر كميل وليم ليس هناك ما يسمى «خطاب دينى»، بل المطلوب إصلاح «الفكر الدينى»، واستعرض الباحث عبدالخالق فاروق أبعاد الأزمة الاقتصادية، ورأى الفنان محمد عادل أن الخطاب يجب أن يوجة للبسطاء وليس للمثقفين، أما الإعلامية بسنت حسن فرأت أننا لابد ألا نقول الدوله المدنية بل الدولة العلمانية، أما الفنانة المسرحية رشا عبدالمنعم فقد تحدثت عن دور المسرح فى مكافحة الإرهاب، وقال أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكى المصرى: إن مصر جميعها تحتشد الآن ضد الإرهاب الممنهج ضد الأقباط، وأكدت الصحفية عزة أحمد على أهمية التصدى للأفكار الظلامية، وأشار عضو اللجنة روؤف الياس إلى أن المواجهة تبدأ من اتحادنا، واستعرض الصحفى نادر شكرى الاستهداف الممنهج للأقباط وضرورة تشكيل الجبهة الوطنية للخروج منه تطبيق الدستور والقانون.
وأشرت إلى أن الاستهداف الممنهج الإرهابى ضد المواطنين المصريين الأقباط، يستهدفهم بالأساس لمواقفهم الوطنية تجاه 30 يونيو والرئيس السيسى جنبا إلى جنب مع الهوية الدينية.. وأعتقد ليس هناك فصل تعسفى بين «السياسى والدينى»، فهما وجهان لعملة واحدة، لأن الكنيسة المصرية كنيسة وطنية، يسبق لاهوت الوطن فيها لاهوت العقيدة فى مسمى «الكنائس الثلاثة: تبدأ تسميتها بـ«القبطية» وبعدها الإشارة للعقيدة «الأرثوزكسية - الكاثوليكية - الإنجيلية»، والاستهداف الدينى واضح وفق أى معايير، لأن حوادث البطرسية ومار جرجس طنطا والمرقسية بالإسكندرية، وأخيرا دير الأنبا صموائيل كانت تستهدفهم وهم يصلون، أو فى طريقهم للصلاة فى الدير.. بل ووفق شهادة اللواء عصام بديوى محافظ المنيا، بمداخلة ببرنامج «على مسؤوليتى» للزميل أحمد موسى أكد أن الإرهابيين حاولوا أن يستنطقوا الضحايا بـ«الشهادتين»، ولكن الضحايا رفضوا!
ما أبعد المسافة بين القوصية مكان لجوء العائلة المقدسة والمدرسة التى تحمل اسم العائلة المقدسة بالفجالة وما أقرب الهدف، فى القوصية كان الدكتور إسماعيل كامل، والمحامية هند جوزيف أصحاب الدعوة تجسيدا لوحدة الوطن التى لا تهتز، وفى القاهرة الأب وليم سيدهم وإبراهيم محمد سعد وحسن شعراوى يخدمون على الحضور فى مائدة لجنة العداله والسلام الكاثوليكية.
فى القوصية استمع المسلمون إلى أوجاع المسيحيين متضامنين بشكل وطنى وإنسانى مع تلك الأوجاع ومستوعبين إياها، وكما كان د. إسماعيل كامل يجسد ويعيش المحبة وهو فى طريقه إلى العمرة كان القس إكرام سمير يداعب الشيخ ماهر نجيب، وفى القاهرة الأب وليم سيدهم تطل المحبة البصيرة من قلبه وعينيه، ما أعظم هذا الوطن، يعض على الجرح ويسير على درب الآلام وصولا للقيامة، قيامة الوطن القادم من أعماق الجرح وأحلام الشهداء العشاق للأذان وأجراس الكنائس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة